العنف النيابي.. «ظاهرة عابرة» على امتداد عمر البرلمان في الأردن

علاء الدين فايق

رؤية – علاء الدين فايق

عمّان – لطالما شكّل العنف “ظاهرة عابرة” على امتداد المجالس النيابية في الأردن، إلا أن المشاجرة التي وقعت تحت قبة البرلمان الأردني التاسع عشر يوم الثلاثاء، تعد “مؤشرا خطيرا” لما أحدثته من “فوضى خلاقة غير مسبوقة” وفق مراقبين. 

وبدأت “مشاجرة النواب” التي تخللها لكمات بالأيدي وشتائم واعتلاء لمقاعد القبة وهجوم على رئيس المجلس النائب المخضرم عبدالكريم الدغمي خلال مناقشة المادة الأولى من التعديلات الدستورية، المتعلقة بإضافة كلمة “الأردنيات” خلف كلمة “الأردنيين” في مطلع الفصل الثاني من الدستور.

وبشهادة الصحفي وليد حسني المختص في الشأن البرلماني الأردني منذ سنوات، فإن ما حدث تحت قبة مجلس النواب يوم أمس الثلاثاء، لم يشاهد مثله من قبل رغم عديد الشجارات التي حصلت في ظل المجالس السابقة.

وقال حسني في منشور عبر صفحته على فيسبوك ” أنا أغطي مجلس الأمة – النواب والأعيان – منذ 1/ 1/ 1996 وحتى اليوم، وشاهدت أمامي عشرات المشكلات من شتائم وضرب لكنني لم أشاهد مثل هذا الذي حدث اليوم”.

6 8
JORDAN-POLITICS-PARLIAMENT

وأضاف أنه “لأول مرة منذ سنة 1989 يقوم رئيس مجلس النواب بشتم نائب بهذه الطريقة “اخرس” وطرده من الجلسة، فضلا عن مخاطبته بتلك الطريقة، كما أنها المرة الأولى التي يتم فيها التطاول على رئيس المجلس بهذه الطريقة أيضا”.

وفي ساعات مساء الثلاثاء، قرر النائبان، شادي فريج وأندريه الحواري تحويل شكوى للجنة القانونية في المجلس، بحق زميليهما النائبين سليمان أبويحيى وحسن الرياطي على خلفية المشاجرة.

وأكد نواب -خلال الاجتماع الذي ضم 50 نائباً- ضرورة تحويل ملف النائب سليمان أبويحيى للجنة القانونية، فيما طالب آخرون بضرورة طي الملف.

 من جانبه، رفض رئيس المجلس عبدالكريم الدغمي، اتخاذ أي إجراء يتعلق بحقه، مؤكداً أنه رئيس للجميع، ومن واجبه تجاوز أي إساءة رغم ما طال موقع الرئاسة من إساءات.

بدورها، كشفت صحيفة الرأي اليوم (الأربعاء)، عن جهود حثيثة، لاحتواء الأزمة، وسط أنباء عن صلحة نيابية بين أطراف المشاجرة الصباحية تحت القبة، قبل بدء جلسة البرلمان الصباحية. 

خيوط خفية “عبثية”                    

وفي تعليقه على ما حصل تحت قبة البرلمان، قال الصحفي وليد حسني، إنه “من الطبيعي جدا حدوث مثل تلك المشكلات ولا أظن ما جرى يستدعي اتخاذ إجراءات عقابية كالفصل أو تجميد العضوية.. نعرف أنه لا يجوز منع النواب من مناقشة ما يتعلق بالتعديلات الدستورية وبقانون الموازنة العامة للدولة، فلماذا تم منع النواب من المناقشة بذريعة أنهم لم يقدموا اقتراحاتهم مسبقا للجنة القانونية، ولماذا لا يتم تطبيق النظام الداخلي في هذه النقطة بالذات في مناقشة جميع القوانين والتشريعات الأخرى.”

وعلم حسني من رئيس اللجنة القانونية النائب عبد المنعم العودات أنه عقد 14 اجتماعا وأرسل رسائل إلى 130 نائبا أثناء مناقشة اللجنة للتعديلات الدستورية يطالبهم فيها بإرسال مقترحاتهم لكن اللجنة لم تتلق أي رد.

ولفت إلى أن “حجم الشتائم والاتهامات والعصبية طغت على الجلستين الصباحيتين “الأصلية وملحقها” لدرجة أن العديد من النواب اشتبكوا عدائيا مع بعضهم البعض.

وتحدث عن أن رئيس مجلس النواب عبدالكريم الدغمي “لم يستطع ضبط الجلسة وقيادتها؛ فقد كانت الفوضى – ربما تكون مفتعلة- جاهزة لفرض نفسها على مجريات الجلسة حتى قبل انعقادها”.

وقال إنه “من الواضح تماما أن ثمة خيوط خفية عبثت بالجلسة لغايات مجهولة”.

فوضى خلاقة 

ومن وجهة نظر الكاتب ماهر أبوطير، فإن “الفوضى الخلاقة” التي شهدها البرلمان الثلاثاء، مؤشر خطير، على الوضع خلال الأيام القليلة المقبلة”.

وقال -في مقالة بهذا الشأن نشرتها صحيفة الغد- إننا “ما نزال في بداية مناقشة التعديلات الدستورية، وسوف تليها تعديلات قانون الانتخاب، والأحزاب، وغير ذلك، وإذا كانت البداية هكذا، فكيف سنصل إلى خط النهاية في كل هذه القصة؟”.

وأشار إلى أن “هناك حالة توتر شديد، وشكوك، وتحفز سلبي شخصي وعام داخل البرلمان، وهذه لم تبدأ اليوم، بل بدأت منذ أسابيع، منذ قصة المياه مع إسرائيل، وما تلاها، ومن الواضح أن الكل مستنفر”.

p510x

وأضاف أنه “ومع كل هذا شكل العلاقة بين النواب أنفسهم، والنواب والحكومة، ومحاولات بعض النواب عرقلة كل قصة التحديث السياسي، نجد أنفسنا في المحصلة أمام فوضى خلاقة غير مسبوقة، في مجلس النواب، في أهم توقيت من تواقيت العمل السياسي؟”.

ولفت إلى أن “هذا جو غير طبيعي، من حيث التوقيت، وربما بعض النواب يريد عرقلة كل ما نجم عن لجنة التحديث السياسي، وربما يريد البعض بدء حملته الانتخابية مبكرا، تخوفا مما هو آت، وربما هناك حالة من غياب المركزية ليس بمعنى السيطرة على النواب، بل بمعنى إدارة المشهد برمته بين كل الأطراف، وربما أيضا هناك قوى سياسية خارج المجلس لها امتداد داخله، تريد إفشال كل عملية التعديلات على الدستور، وقانون الانتخاب وغير ذلك، لحساباتها، أو نكاية بأحد”.

وخلص إلى أن “المشهد يبدو مؤسفا بشدة، ولا يعبر عن حيوية ديمقراطية بقدر تعبيره عن فوضى خلاقة، في عمان، تقدح غامض الغيب وغيومه، لمعرفة أسراره، ولماذا ظهرت الآن في هذا التوقيت؟”.

ربما يعجبك أيضا