الفقر وأحزان «المرفأ» وكورونا.. بهجة الكريسماس تغيب عن شوارع لبنان

أشرف شعبان

رؤية – أشرف شعبان

قبل أيام من احتفالات العام الميلادي الجديد 2022، تفتقد بيروت هذا العام، زحمة أسواقها المعتادة، وتغيب زينة الميلاد وأضواؤه عن شوارعها، والتي كانت تغطي أحياء بكاملها من قبل، وباتت إعلانات شركات الإعلانات وبيع الخزنات الفولاذية وماكينات عد الأوراق المالية والتخفيضات على تحويلات الأموال، تطغى على عروضات الهدايا والألعاب والمشروبات، في مشاهد لا تسر العين في لبنان قبل عيد الميلاد.

وعلى الرغم من محاولة عدد من البلديات والجمعيات تزيين بعض المناطق والطرقات التي كان لطالما يقصدها اللبنانيون بكثافة خلال الأعياد للتبضع والاحتفال، إلا أن الحركة الخجولة إلى حد ما كانت سيدة الموقف، متاجر بيع الهدايا والزينة غابت عنها مشاهد الاكتظاظ، ولكنها حضرت في الشوارع التي يقصدها العائلات مع أطفالهم وفي وجوههم البؤس والأسى، لعلهم يحصلون الحد الأدنى من فرحة العيد.

%D8%A3%D8%B7%D9%81%D8%A7%D9%84 %D9%81%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%A1 3

أزمة اقتصادية غير مسبوقة

بعد عامين من أزمة اقتصادية غير مسبوقة، قضت على مدخرات اللبنانيين في المصارف وعلى معاشاتهم التي تآكلت بفعل انهيار الليرة اللبنانية، وجعلت نحو ثمانين بالمئة منهم يعيشون تحت خط الفقر، بحسب الأمم المتحدة. أصبحت المتاجر مكدسة بالبضائع لكنها تخلو من المتسوقين، ونسيت غالبية اللبنانيين بهجة الأعياد. كما غرقت الشوارع حتى في الأحياء الكبرى التي لطالما شكّلت قلب العاصمة النابض، ليلاً في ظلام تتلاشى معه الحركة تدريجياً.

فرض المصارف قيودا مشددة على عمليات السحب والتحويلات إلى الخارج عند بدء الانهيار الاقتصادي الذي صنفه البنك الدولي بين الأسوأ في العصر الحديث منذ العام 1850، اختار اللبنانيون الاحتفاظ بمدخراتهم في منازلهم، الأمر الذي جعل مبيعات الخزنات ترتفع منذ بداية الأزمة الاقتصادية في عام 2019 بنسبة تتراوح من 35 إلى 50 بالمائة، وتطغى على احتفالات الميلاد وغيرها من الاحتفالات في لبنان.

%D8%A3%D8%B7%D9%81%D8%A7%D9%84 %D9%81%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%A1 1

تكلفة الإنارة

كما تتجاوز ساعات التقنين بالتيار الكهربائي 22 ساعة يوميًا، فالحكومة توفر الكهرباء بالكاد مدة ساعتين يوميا، ما يجعل تكلفة إنارة اللوحات الإعلانية خصوصا منذ رفع الدعم عن استيراد الوقود، بينها المازوت الضروري لتشغيل المولدات الخاصة، باهظة جدا، ولا تقوى أي من الشركاته على تحملها، وقد يتجاوز دخل بعضها.

وكانت المصارف من أبرز زبائن شركات الإعلانات، وتحل مكانها اليوم شركات تحويل الأموال التي تجلب أموال المغتربين من الخارج لمساعدة عائلاتهم في مواجهة أزمة عميقة وانهيار الليرة اللبنانية التي فقدت أكثر من 90% من قيمتها مقابل الدولار.

%D8%A3%D8%B7%D9%81%D8%A7%D9%84 %D9%81%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%A1 7

تراجع الليرة

وكان يجري تداول الليرة اللبنانية بسعر 1500 ليرة للدولار قبل الأزمة وبلغ سعرها الآن نحو 27300 ليرة للدولار في السوق غير الرسمية.

وظلت عرائس بابا نويل قابعة في المتاجر دون أن يأتي أحد لشرائها حتى قبل عيد الميلاد بيومين فقط، وسط تأكيد أصحاب المحلات أن هذه السنة هي أصعب سنة مرت على اللبنانيين وسط غياب الأموال اللازمة للشراء وتراجع قيمة الليرة أمام الدولار الأمريكي.

%D8%A3%D8%B7%D9%81%D8%A7%D9%84 %D9%81%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%A1 2

كورونا وانفجار مرفأ

لم يكن الانهيار الاقتصادي الذي عاشه لبنان وحده هو المؤثر على اللبنانيين، فقد أعقبه ظهور فيرس كورونا، وانفجار مرفأ بيروت الذي دمر أجزاء من العاصمة اللبنانية وأودى بحياة أكثر من 200 شخص وأصاب الآلاف بجروح.

وعمّقت كارثة انفجار المرفأ وتفشي فيروس كورونا قبلها، الانهيار الاقتصادي الذي بدأ في لبنان منذ صيف 2019، مما انعكس على تآكل الطبقة المتوسطة التي واجهت ارتفاعا في أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية بنسبة 700 بالمئة.

ما سبب غضب حزب الله من تحقيقات انفجار مرفأ بيروت؟ - بوابة الشروق - نسخة  الموبايل

أزمات خانقة

الشارع اللبناني ألقى بالمسؤولية على المسؤولين والطبقة السياسية الحاكمة، فهم الذين قادوا البلاد إلى هذه النتيجة، وجعلوا لبنان يئن تحت وطأة ظروف اقتصادية متردية وأزمة سياسية خانقة، وأصبح الاقتصاد اللبناني على شفا الانهيار بعد عقود من سوء الإدارة والفساد.

من المعروف أن شهر ديسمبر في لبنان هو شهر احتفالات وأضواء ومواكب، لكن كل شيء يبدو مختلفا هذا العام، لكنه هذا العام مختلف، فأصحاب المحلات أكدوا أنهم لم يشهدوا مثل هذا العام من قبل

%D8%A3%D8%B7%D9%81%D8%A7%D9%84 %D9%81%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%A1 9

ربما يعجبك أيضا