أمريكا تبقي خيار رفع الفائدة على الطاولة.. وتربك الأسواق

أظهر محضر اجتماع مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) لشهر يوليو، أن مخاطر التضخم قوية، وتتطلب مزيدًا من التشديد النقدي.

وأشار صناع السياسة النقدية، وفق ما أظهر المحضر المنشور أمس الأربعاء 16 أغسطس 2023، إلى أن تحركاتهم المستقبلية ستعتمد على مؤشرات الاقتصاد ما ترك الباب مفتوحًا أمام زيادة جديدة للفائدة.

مجلس الاحتياط منفتح على زيادة جديدة

أظهر محضر الفيدرالي أن أعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، البالغ عددهم 11 عضوًا، صوتوا بالإجماع على رفع أسعار الفائدة في يوليو إلى ذروة 22 عامًا عند نطاق بين 5.25 و5.5%، رغم ارتفاع مؤشرات القلق لدى غالبيتهم من تأثير التشديد النقدي في قوة الاقتصاد الأمريكي، في وقت كانت الأسواق فيه متفائلة حيال وقف موجة التشديد العدوانية.

ولدى بعض مسؤولي السياسية في مجلس الاحتياط قلق متزايد، حسب ما أظهره المحضر، حيال المخاطرة بالحياد عن الهبوط السلس وسط توقعات بتباطؤ قريب لمعدلات الإنفاق الاستهلاكي وسوق العمل، ومن جهة أخرى لا يزال معظم مسؤولي المركزي الأمريكي يرون مخاطر صعودية للتضخم قد تتطلب على أقل تقدير الإبقاء على مستويات الفائدة المرتفعة لفترة أطول.

ويظهر محضر اجتماع يوليو أن صناع السياسة النقدية في حاجة إلى مزيد من الأدلة على أن الضغوط التضخمية للأسعار تنحسر بنحو مستدام أكثر، ليصبحوا أكثر ثقة بأن التضخم يتجه للعودة إلى مستهدفه عند 2%.

مسار نمو الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة منذ نهاية 2019 – وفق مكتب التحليل الاقتصادي التابع للحكومة الأمريكية

الأسواق تحت الضغط

خلص مسؤولو الفيدرالي في اجتماع يوليو إلى استبعاد خطر الركود، مقابل توقعات بتباطؤ النشاط الاقتصادي، دون إشارة إلى خفض للفائدة في ما تبقى من العام الحالي، ما ضغط على معنويات الأسواق، لتغلق مؤشرات وول ستريت أمس على انخفاض جماعي، مع هبوط مؤشر ستاندرد آند بورز 500 القياسي بنحو 0.8% وانخفاض ناسداك المركب 1.2%، ومؤشر داو جونز الصناعي -0.5%.

وتراجع أمس مؤشر “إم إس سي آي” العالمي بنحو 1%، وفي المقابل ارتفع مؤشر الدولار الأمريكي 0.2% ليحوم بالقرب من أعلى مستوياته في شهرين، وزاد العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات إلى 4.28% مسجلًا أعلى مستوياته في 10 أشهر، وارتفع العائد على السندات لأجل عامين بنحو 0.02% إلى 4.9%.

وفي سوق السلع، تراجعت العقود الآجلة للذهب أمس 0.7%، وواصل المعدن الأصفر صباح اليوم الخميس خسائره ليسجل أدنى مستوياته في 5 أشهر، وفق ما نقلته صحيفة فايننشال تايمز البريطانية.

زيادة في الأفق

قال كبير المحللين الاستراتيجيين في إنتراكتيف بروكرز، ستيف سوسنيك، في تصريح إلى وكالة بلومبرج أمس، إن المركزي الأمريكي ليست أمامه خيارات سوى الإبقاء على الفائدة المرتفعة، إلى حين التأكد من تلاشي المخاطر الصعودية للتضخم.

وقالت مجموعة “آي إن جي” الهولندية، في مذكرة أمس، إن محضر المركزي الأمريكي يظهر استعداد صناع السياسة النقدية لتثبيت سعر الفائدة خلال اجتماع سبتمبر المقبل مع ترك الباب مفتوحًا لزيادة في اجتماعي نوفمبر وديسمبر، مرجحة أن يظل مجلس الاحتياط محافظًا على مستويات مرتفعة للفائدة لعدة أشهر، على أن يبدأ الخفض من مارس 2024.

عوامل تعزز سياسات مجلس الاحتياط

للمرة الأولى في أكثر من عام، ارتفع معدل التضخم السنوي في الولايات المتحدة خلال يوليو الماضي إلى 3.2% من 3% في يونيو، وفي المقابل سجلت مبيعات التجزئة الأمريكية في يوليو ارتفاعًا 0.7% متجاوزة التوقعات بارتفاع قدره 0.4% فقط، وباستثناء مجموعتي الغاز والسيارات ارتفعت المبيعات 1%.

وتظهر هذه الأرقام أن المستهلك الأمريكي لا يزال قادرًا على مواكبة زيادات الأسعار. ومن جهة أخرى لا تزال سوق العمل قوية، فخلال يوليو أضاف القطاع الخاص الأمريكي 324 ألف وظيفة جديدة، متجاوزًا توقعات بإضافة 175 ألفًا فقط. وخلال الربع الثاني نما أكبر اقتصاد في العالم بنحو 2.4% ارتفاعًا من 2% في الربع الأول، ما يمنح المركزي الأمريكي هامشًا أوسع لمواصلة التشديد النقدي.

وقالت الخبيرة الاقتصادية والعضو المنتدب في شركة باسيفيك إنفستمنت مانجمنت، تيفاني وايلدنج، في مذكرة لعملاء الشركة، إن بيانات مبيعات التجزئة الأمريكية وسوق العمل لشهر يوليو ترفع المراهنات على استمرار التشديد النقدي لفترة أطول من المتوقع.