القمة الروسية الإفريقية.. هل توفر موسكو بديلًا لاتفاق الحبوب؟

محمد النحاس

حاولت روسيا طمأنة مخاوف الدول الإفريقية بشأن الغذاء وإظهار قوة نفوذها في القارة.. فهل نجحت؟


بدأت، اليوم الخميس 27 يوليو 2023، القمة الروسية الإفريقية في سان بطرسبورج بحضور الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، و17 زعيمًا إفريقيًّا.

واتخذت روسيا في 17 يوليو قرارًا بالانسحاب من اتفاق كان يسمح بالتصدير الآمن للحبوب الأوكرانية، عبر موانئ البحر الأسود، الذي ضمن على مدار الشهور الماضية إيصال الصادرات على نحو آمن إلى جميع أنحاء العالم.

تعهد روسي

أثار الانسحاب الروسي من الاتفاق مخاوف جمة بشأن الأمن الغذائي في العالم، خاصةً تلك الدول التي تعتمد على الصادرات الأوكرانية والروسية بثدر كبير، لكن بوتين كان حريصًا على طمأنه الدول الإفريقية بهذا الصدد، في حين تواجه روسيا اتهامات غربية بتسليح صادرات الحبوب.

وقال الرئيس الروسي، خلال القمة التي تستمر يومين، إن بلاده بإمكانها أن تكون بديلاً لأوكرانيا، وأنها على استعداد لتوفير من 25 إلى 50 ألف طن من الحبوب مجانًا، خلال الأشهر المقبلة، وفق ما نقله موقع قناة روسيا اليوم.

أزمة الغذاء

سمح اتفاق تصدير الحبوب، الذي توسطت به الأمم المتحدة وتركيا، بتصدير ما يزيد على 33 مليون طن من الحبوب لدول العالم، التي تعيش على وقع اقتصادي دولي مضطرب، على إثر جملة من الأزمات، بما فيها الحرب الروسية الأوكرانية المستمرة منذ أكثر من 18 شهرًا.

وحسب ما جاء في حديث بوتين، فإن بلاده مستعدة لتوفير حبوب مجانية لـ6 دول، هي زيمبابوي والصومال و بوركينا فاسو ومالي وجمهورية إفريقيا الوسطى وإريتريا، في حين اتهم الدول الغربية بأنها المسبب في الأزمة الحالية بسوق الغذاء العالمي، عبر إعاقة روسيا عن إمداد الدول المحتاجة للحبوب والأسمدة.

تعزيز العلاقات مع إفريقيا

خلال حديثه، قال بوتين إن روسيا مهتمة بصدق بتعميق التجارة متعددة الأطراف، والاستثمار، والعلاقات الإنسانية مع دول القارة الإفريقية، حسب ما نقلته وكالة أنباء تاس، وكذلك تعهد برفع حصص الطلبة الأفارقة المُبتعثين لروسيا. وحث دول القارة على تعزيز التعامل بالعملات الوطنية.

وتسعى روسيا لزيادة مستويات التعاون مع دول ما يسمى “الجنوب العالمي”، في ظل عزلة غربية على إثر الحرب مع أوكرانيا، في حين تحاول العديد من الدول الإفريقية، لتبني مواقف متزنة تحافظ على مصالحها، دون أن تكلفها عقوبات غربية.

دعوة إفريقية

اعتبر رئيس جزر القمر، عثمان غزالي، أن القمة منصة مهمة للتباحث بشأن مختلف القضايا، ولم يخل حديثه من نبرة تشاؤم، حين قال إن “إفريقيا هي الضحية”، مشيرًا إلى أن دولها تعاني من مشكلات الهجرة، ونقص الغذاء وتداعيات أزمة المناخ، وعدم الاستقرار الأمني.

اقرأ أيضًا| روسيا تخطط لتصدير الحبوب إلى إفريقيا بطريقة جديدة.. ما دور قطر وتركيا؟

وأوضح غزالي، الذي ترأس بلاده الدورة الحالية للاتحاد الإفريقي، في حديثه، أن استمثارات موسكو عززت التنمية في القارة، وطالب بأن تشارك القارة في اتخاذ القرارات الدولية، داعيًا روسيا إلى الموافقة على أن يكون لدى الاتحاد مكانًا دائمًا في مجلس الأمن.

ولفت إلى أن القارة الإفريقية تثق في المستقبل المرتبط بالتعاون بينها وبين روسيا، مشيرًا إلى أن “هذه القمة من شأنها أن تتيح لنا التقدم نحو السلام والازدهار لروسيا وإفريقيا لمصلحة الشعوب”.

كيف رأى الإعلام الغربي القمة؟

حضر القمة 17 دولة فقط، مقارنة بـ 43 دولة في قمة سوتشي عام 2019، ما رأت فيه وسائل إعلام غربية دليلًا على تراجع شعبية بوتين، وزيادة عزلة بلاده، وتعمل روسيا على تعزيز علاقاتها بالدول الإفريقية، ليس فقط على الصعيد الاقتصادي، بل على المستوى السياسي والعسكري أيضًا.

وحسب بوتين، فإن العلاقات التجارية الروسية الإفريقية شهدت نموًا خلال الآونة الأخيرة، مدللاً على ذلك بارتفاع مبيعات السلع 35% تقريبا.

إظهار النفوذ

وفق وكالة بلومبرج، فإن القمة تهدف إلى إظهار النفوذ الروسي المتزايد في القارة، مضيفة أن الاجتماع ينعقد وسط انتقادات في إفريقيا للتأثير في أسعار الغذاء العالمية، لانسحاب روسيا من صفقة الحبوب، والهجمات على مرافق الموانئ الأوكرانية.

اقرأ أيضًا| هجوم روسي على ميناء أوديسا الأوكراني

وقال أندريه كوليسنيكوف من مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي: “بوتين يقلد الاتحاد السوفيتي، لكن روسيا بوتين ليست الاتحاد السوفيتي، ليس لديها القوة الناعمة أو المال لشراء الولاء”. وأضاف: “أصدقاؤه الجدد في إفريقيا لم يثبتوا أنهم جديرون بالثقة.”

أول اجتمع منذ تمرد فاجنر

تعد القمة أول اجتماع شخصي لبوتين مع قادة أجانب، منذ تمرد مجموعة فاجنر شبه العسكرية، في يونيو الماضي، والذي شكل التحدي الأكبر لحكم الرئيس الروسي، الذي استمر ربع قرن تقريبًا.

وذكرت الوكالة أن مستقبل أنشطة فاجنر في إفريقيا، التي منحت الكرملين أداة منخفضة التكلفة لممارسة نفوذها في القارة، هو أيضًا موضع تساؤل.

 

ربما يعجبك أيضا