القوات الرواندية.. هل الضمان الأمني في موزمبيق؟

كيف تؤثر القوات الرواندية على الاستقرار والأمن في موزمبيق؟

بسام عباس
عناصر من القوات الرواندية في مقاطعة كابو ديلجادو موزمبيق

خلال 3 سنوات، زادت أعداد القوة الرواندية في موزمبيق بشكل كبير وتوسعت عملياتها عبر 5 مناطق، وفي يوليو 2021، وصل نحو 1000 فرد من قوات الدفاع الرواندية والشرطة الوطنية الرواندية إلى مقاطعة كابو ديلجادو في موزمبيق التي ضربها الإرهاب.

وواجهت المقاطعة تهديدًا خطيرًا من التطرف العنيف الذي اتسم بزيادة الهجمات على المدنيين والبنية الأساسية العامة، وكان الهدف الرسمي للبعثة الرواندية هو المساعدة في استعادة سلطة الدولة الموزمبيقية بعمليات قتالية وأمنية وإصلاح قطاع الأمن، وتحقيق الاستقرار في المقاطعة.

غياب التنسيق

ذكر معهد الدراسات الأمنية الإفريقي، في تقرير نشره اليوم الأحد 29 سبتمبر 2024، أن القوات الرواندية انتشرت أولاً في منطقتين، بالما وموكيمبوا دا برايا، حيث توجد مشاريع للغاز الطبيعي المسال تبلغ قيمتها مليارات الدولارات، وتتولى شركات غربية متعددة الجنسيات، ولا سيما توتال إنرجيز وإكسون موبيل وإيني، قيادة هذه المشاريع.

وأوضح أن بعثة مجموعة التنمية لجنوب أفريقيا في موزمبيق (ساميم) انتشرت في كابو ديلجادو، ولكن في مناطق أبعد عن مشاريع الغاز، لافتًا إلى أن هدف بعثة ساميم كان دعم موزمبيق في مكافحة الإرهاب وأعمال التطرف العنيف، ويبدو أن الدور الأساسي لها هو حماية السكان المحليين واستعادة الأمن.

وأشار تقرير المعهد إلى عدم وجود تنسيق أو تبادل للمعلومات الاستراتيجية بين القوات الرواندية وقوات ساميم وقوات البلد المضيف، رغم انتشارها في نفس المقاطعة، ما أدى إلى وقوع عدة حوادث نيران صديقة. وانتهت مهمة ساميم في كابو ديلجادو في منتصف عام 2024.

اتفاق سري

قال التقرير إن الاتفاق الثنائي لنشر قوات رواندية في موزمبيق كان سريًا، ولا يزال كذلك، فهو معروف فقط للقيادة العليا في البلدين ولم يتم تقديمه أبدًا إلى برلمان موزمبيق، ما أدى إلى الاعتراض، وخاصة من مراقبي قطاع الدفاع والأمن في موزمبيق مثل المعارضة البرلمانية ووسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني.

وأضاف أنه بعد مرور 3 سنوات على نشرها في كابو ديلجادو، نجحت القوات الرواندية في تقليص القوة النارية للمتمردين، وطردهم من قواعدهم الرئيسة، واستعادة الاستقرار حول مشاريع الغاز الطبيعي المسال. ولكن قدرتها وميلها إلى المطاردة الحثيثة حلت محل المشكلة، حيث تشتت الجماعات الإرهابية وأعادت تنظيم صفوفها في مواقع أخرى.

وفي نهاية عام 2023، زعم القادة العسكريون الموزمبيقيون أنهم، وبمساعدة القوات الرواندية، أعادوا إرساء الأمن في نحو90٪ من كابو ديلجادو، وتعزز هذا الادعاء من خلال المقالات الأكاديمية والإعلامية التي أشادت باستراتيجية الهجوم الفعّالة والناجحة التي “أضعفت قدرة الجماعات الإرهابية التي أرهبت شمال موزمبيق”.

سلطة هشة

أوضح التقرير أن الجماعات الإرهابية لديها قدرة على التكيف مع السياق الأمني ​​الجديد والمتطور، فاستخدمت العبوات الناسفة البدائية، وبعد أن أدركت خسارتها للأرض، تطورت استراتيجيتها من مهاجمة المدنيين إلى “كسب القلوب والعقول”، وهو تطور جديد لمنطقة كابو ديلجادو، ولكن جماعات مثل بوكو حرام تستخدمه في نيجيريا.

وأشار إلى أن الروايات التي تتحدث عن نجاح القوات الرواندية لا تغطي كل الأهداف المعلنة للمهمة، حيث تكشف الأبحاث أنه رغم الجهود التي بذلتها القوات الرواندية في كابو ديلجادو، لم تحقق سوى القليل نحو استعادة الدولة الموزمبيقية، ولا تزال السلطة الحكومية في كابو ديلجادو هشة، ولا يزال إصلاح قطاع الأمن مجرد طموح.

وقال الخبير في دراسات الأمن الموزمبيقي والباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بجامعة جواكيم شيسانو في مابوتو، كالتون كاديدو، إن: “موزمبيق أصبحت اليوم مستباحة للقوة الرواندية، ويحدث هذا لأن رواندا تتمتع بمكانة متميزة في البنية التحتية الأمنية في موزمبيق وحتى في المشاريع الاقتصادية لاستكشاف الغاز”.

 تشكيك في الهدف

أشارت وسائل الإعلام المحلية إلى أن العديد من أفراد المجتمع المحلي يشككون في دور القوات الرواندية المتنامي في كابو ديلجادو، حيث رفض أهالي موكيمبوا دا برايا استخدام السوق الذي بنته القوات الرواندية كجزء من استراتيجيتها للعلاقات المدنية العسكرية.

وذكر التقرير أن هذا التشكك ليس بلا أساس، فمع مرور الوقت، أصبحت قوات الأمن الرواندية انتشرت في العديد من المناطق في كابو ديلجادو، وتقوم بعمليات كان من المفترض أن تقوم بها القوات الموزمبيقية، كما أنه بعد مرور 3 سنوات على تواجدها، لا يزال هناك عدم وضوح بشأن موعد انسحابها.

وبدلاً من ذلك، ارتفع عدد القوات الرواندية في موزمبيق من 1000 إلى نحو 5 آلاف، وأقامت القوات مواقع في 5 مقاطعات في كابو ديلجادو، وهي موسيمبوا دا برايا، وبالما، وأنكوبي، وماكوميا، وكويسانجا، لتشن القوات عمليات تغطي أكثر من نصف مقاطعات كابو ديلجادو الـ 17 وأجزاء من مقاطعة نامبولا.

إعادة النظر في الأهداف

قال المعهد في تقريره إن على موزمبيق ورواندا أن تعيدا النظر في هدف البعثة الرواندية في كابو ديلجادو، ويتعين عليهما أن يضمنا أنه في حين تدعم القوات الرواندية استراتيجية مكافحة الإرهاب التي تنتهجها الدولة المضيفة، فإنها لا تحل محل قوات الأمن الحكومية في دورها كضامن أساسي للأمن.

وحذر من أن صراع جماعة أهل السنة والجماعة وتنظيم داعش مع قوات الأمن الموزمبيقية سيكون له تداعياته على اكتشافات الغاز في موزمبيق والأمن البحري بدول الجنوب الإفريقي، ومن المحتمل أن تصبح شمال موزمبيق منصة لإطلاق الهجمات وتعزيز أهداف الشبكات الإجرامية ما لم يتم التصدي لها من جميع الجهات الفاعلة.

ربما يعجبك أيضا