القوى المدنية.. الحلقة المفقودة نحو سلام مستدام في السودان

ما الدور الذي قد تلعبه القوى المدنية في حرب السودان؟

محمد النحاس
السودان

لن تتمكن الأطراف المتحاربة من التوصل إلى وقف إطلاق النار إلا إذا رأى الجانبان أن تكلفة القتال أصبحت أعلى من تكلفة وقف إطلاق النار


في 27 مايو الماضي، اجتمعت مجموعة واسعة من منظمات المجتمع المدني السوداني في أديس أبابا لعقد المؤتمر التأسيسي لمجموعة “تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية السودانية، أو “تقدم”.

كان هذا الاجتماع استعراضًا للقوة والوحدة لجبهة المدنيين السودانيين، التي تسعى جاهدة للتوسط بين الجهات العسكرية المتقاتلة في البلاد. ومع ذلك، هناك شكوك كبيرة حول إمكانية تحقيق وقف إطلاق النار في المستقبل القريب، وفقًا لمقال نشرته مجلة ناشونال إنترست الأمريكية.

طريق لوقف إطلاق النار

سيتطلب وقف إطلاق النار ضغطًا مستمرًا من القوى المدنية والمجتمع الدولي، وفي حال التوصل إلى وقف إطلاق النار، فإن احتمالية انهياره تبقى عالية، كما أنّ كيفية الوصول إلى الاتفاق والأطراف المشاركة سيكون لهما تأثير كبير على استدامة السلام، حسب المقال المنشور في 6 يوليو 2024.

ومع تصاعد القتال حول عاصمة شمال دارفور والفاشر وأجزاء أخرى من السودان، وتفاقم الأزمة الإنسانية، تزداد الحاجة الملحة لوقف إطلاق النار، حتى 24 مايو جرى توثيق أكثر من 17,000 حالة وفاة مباشرة بسبب الصراع.

ويحتاج حوالي 25 مليون شخص إلى المساعدة الإنسانية، وفق المقال يجب على المجتمع الدولي بذل المزيد لمنع المجاعة الوشيكة، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية إلى السودان.

موقف الجيش

سيكون وقف إطلاق النار خطوة حاسمة في فتح الطريق أمام تدفق المساعدات الإنسانية وزيادة مستوى المساعدة من المجتمع الدولي، والتي ما تزال بعيدة عن المطلوب.

بينما وافقت قوات الدعم السر مرارًا على وقف إطلاق النار من حيث المبدأ، رفضت القوات المسلحة السودانية الدعوات لوقف إطلاق النار، متعهدة بمواصلة القتال حتى “تحقيق النصر”.

و في 29 مايو الماضي، رفض نائب رئيس مجلس السيادة، مالك عقار، الدعوات الأمريكية للمشاركة في عملية السلام في جدة، قائلاً: “الذهاب إلى جدة لن يحدث إلا على جثثنا”.

دور مدني

لن تتمكن الأطراف المتحاربة من التوصل إلى وقف إطلاق النار إلا إذا رأى الجانبان أن تكلفة القتال أصبحت أعلى من تكلفة وقف إطلاق النار، وفق المقال.

ونظرًا لزخم المعارك فإن هذا الاحتمال ضعيف، ومع ذلك، تظهر إشارات على أن تشكل جبهة مدنية قوية تعمل بتنسيق وثيق مع المجتمع الدولي يمكن أن تغير حسابات القوات المسلحة السودانية وتدفعهم وقوات الدعم السريع إلى طاولة المفاوضات.

سوابق تاريخية

نادراً ما يجري إشراك القوى المدنية في المفاوضات المباشرة، ومع ذلك، ففي بعض الحالات، لعبت القوى المدنية دورًا حاسمًا في تشكيل عملية السلام بشكل غير مباشر ولكن مهم.

وفي غواتيمالا، أدى الضغط القوي من المجموعات المدنية إلى بدء عملية السلام في أواخر الثمانينات، ولعبت الكنائس دورًا حاسمًا في اتفاقية السلام في موزمبيق عام 1992، حيث دفعت المحادثات من الخارج واجتمعت مع المقاتلين بشكل ثنائي وأخيراً عملت كوسطاء خلال المفاوضات الرسمية.

في حالة السودان، من المرجح أن يكون وقف إطلاق النار اتفاقًا بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع لا يوفر خارطة طريق للمفاوضات أو يتناول أي قضايا جوهرية.

نحو سلام مستدام

تُظهر التحليلات التاريخية أن وقف إطلاق النار الذي يشمل جدولًا زمنيًا للمفاوضات أو يعزز عملية السلام يكون أكثر استدامة، بنسبة نجاح تبلغ حوالي 26٪ مقارنة بنسبة 13٪ لوقف إطلاق النار، وفق المقال.

لذلك، من الضروري أن يتضمن أي اتفاق لوقف إطلاق النار خارطة طريق أو إطار عمل، وذلك لا يمكن تحقيقه بشكل موثوق إلا من قبل الجبهة المدنية والمجتمع المدني.

ربما يعجبك أيضا