الليرة تتهاوى مجددًا.. هلع تركي و”السلطان” يتوعد البنوك

محمود طلعت

رؤية – محمود طلعت

صفعة جديدة تقصم ظهر الاقتصاد التركي من المتوقع أن تؤثر سلبًا على شعبية حزب العدالة والتنمية الحاكم بقيادة السلطان التركي رجب طيب أردوغان، وذلك قبل أقل من أسبوع على الانتخابات البلدية التي تجرى أواخر مارس الجاري.

وقبل أيام دخلت تركيا مرحلة الركود الاقتصادي للمرة الأولى منذ 2009، وتراجعت الليرة التركية بما يزيد عن 5 % أمام الدولار الأمريكي، مسجلة أكبر هبوط ليوم واحد منذ أن استحكمت أزمة العملة في أغسطس الماضي.

وأثار هذا التراجع مخاوف من أن الأتراك سيعمدون إلى زيادة مشترياتهم من النقد الأجنبي، وسط تدهور في العلاقات مع الولايات المتحدة، الأمر الذي قد يدفع الناخبين الأتراك إلى التصويت ضد حزب العدالة والتنمية الحاكم.

الليرة التركية تفقد 30% من قيمتها

بعد عام 2018 فقدت الليرة التركية حوالي 30% من قيمتها مقابل الدولار، مع قلق المستثمرين بشأن قدرة البنك المركزي على كبح التضخم، وسط دعوات من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لخفض تكاليف الاقتراض.

ونقلت صحيفة “فايننشيال تايمز” البريطانية، عن محللين اقتصادين قولهم إن الضعف في الليرة يبدو أنه دفع البنك المركزي في البلاد إلى محاولة تشديد السياسة النقدية لوقف الانخفاض.

وقال مسؤول بالبنك المركزي التركي، إن الهبوط في احتياطيات البنك من العملة الأجنبية نتج عن مبيعات للنقد الأجنبي قيمتها 5.33 مليار دولار إلى شركات استيراد الطاقة وتسديد دين خارجي.

أردوغان وحزبه الحاكم يشعرون بالقلق

ما يقلق الحزب الحاكم وأردوغان أن تهاوي الليرة التركية يأتي في وقت حساس للغاية، إذ يستعد الحزب لخوض الانتخابات البلدية في 31 مارس الجاري وسط أزمات اقتصادية وسياسية لا تزال تعاني منها تركيا منذ سنوات.

وأعلن حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا أنه سيخوض الانتخابات البلدية بالتحالف مع حزب الحركة القومية، وهو التحالف ذاته الذي خاض به الحزبان الانتخابات البرلمانية والرئاسية في يونيو 2018.

ومنذ أزمة الليرة في أغسطس الماضي، ارتفعت ودائع الأفراد الأتراك بالنقد الأجنبي، وسجلت مستوى قياسيا في 15 مارس الجاري، مما يشير إلى عزوف عن العملة المحلية.

هذا العزوف قد ينسحب أيضا على الانتخابات البلدية، إذ ينتاب الحزب الحاكم مخاوف من عزوف الناس عن الانتخابات، أو التصويت ضد حزب أردوغان الذي أدخل البلاد في أزمات اقتصادية وسياسية عدة.

هلع تركي وشكاوى ضد بنوك أمريكية

وأثار هبوط الليرة التركية، واحتمالات تداعيات ذلك على الانتخابات البلدية، حفيظة عدد من الجهات التركية، التي فتحت تحقيقا في شكاوى ضد بنوك أمريكية تتهمها بالوقوف وراء انخفاض العملة التركية.

وقالت هيئة التنظيم والرقابة المصرفية في تركيا إنها فتحت تحقيقا بشأن شكاوى ضد بنك الاستثمار الأمريكي جيه.بي مورجان وغيره من البنوك بعد تراجع الليرة لأكثر من 5 بالمئة.

وقد يبدو التحرك التركي هذا اقتصاديا بحتا، إلا أن دوافع السياسية هي ما تحركه، لا سيما وأن الانتخابات البلدية التي يعول عليها حزب أردوغان كثيرا، تعتبر استفتاء على شعبية الحزب في الانتخابات البرلمانية والرئاسية.

أردوغان يتوعد البنوك: “ستدفعون الثمن”

ويثير تدهور الليرة التركية مخاوف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من إقبال الأتراك على شراء المزيد من العملات الأجنبية، خصوصا الدولار، بينما تتدهور العلاقات بين واشنطن وأنقرة.

أردوغان توعد البنوك بـ”دفع ثمن باهظ”، واتهمها بالمسؤولية عن زيادة الطلب على العملات الأجنبية، الأمر الذي أدى إلى تدهور الليرة التركية.

وقال خلال تجمع انتخابي في إسطنبول إن “بعض الأشخاص بدأوا في استفزاز تركيا، ويحاولون دفع الليرة للهبوط أمام العملات الأجنبية مع معاونيهم في تركيا”.

وأضاف: “أقول للذين ينخرطون في مثل هذه الأنشطة قبيل الانتخابات، نعرف هوياتكم جميعا ونعلم ما تفعلونه جميعا فلتعلموا أنه بعد الانتخابات سنقدم لكم فاتورة ثقيلة”.

ومنذ بدء أزمة الليرة في أغسطس الماضي، ارتفعت ودائع الأفراد الأتراك بالنقد الأجنبي، وسجلت مستوى قياسيا في 15 مارس الجاري، مما يشير إلى عزوف عن العملة المحلية.

تدهور الليرة التركية مُستمر إلى 2022

تتوقع وكالة التصنيفات الائتمانية ستاندرد أند بورز غلوبال انخفاض الليرة التركية على نحو مطرد في الأعوام الثلاثة القادمة، وارتفاع مستوى القروض المصرفية المتعثرة إلى المثلين عند 8% في الإثني عشر شهراً القادمة.

وقال المحلل لدى ستاندرد أند بورز مكسيم رابنيكوف، في جلسة أسئلة وأجوبة عبر الإنترنت: “نتوقع حالياً انخفاض قيمة العملة على نحو مطرد طوال الوقت حتى 2022”.

وأضاف ماغار كيومديان محلل قطاع البنوك أن مستوى القروض المتعثرة، التي تأخر سدادها 90 يوماً على الأقل، سيبلغ نحو 8% قرب نهاية العام، رغم أن القروض المعدومة على نطاق أوسع ستبلغ 15 إلى 20%.

ربما يعجبك أيضا