المؤسسات الدينية في مصر.. معًا لكبح جائحة “كورونا”

أميرة رضا

كتبت – أميرة رضا

مبادرات وحملات توعوية تسابق الزمن لمحاربة الحدث، جهود تتكاتف، ومؤسسات تتحد، قرارات سريعة، والتزامات صارمة يجب أن توضع في عين الاعتبار لكل ما يتم إقراره من إجراءات احترازية، فالجميع يعمل على قلب رجل واحد من أجل مجابهة الوباء والحفاظ على النفس البشرية.

في مصر، وبعد انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد “كوفيد19″، كان لا بد من تكاتف جموع أبناء الشعب حكومة وشعبًا ومؤسسات – بعد أصبح هذا الفيروس القاتل ضيفًا ثقيلًا معلنًا عن 1173 إصابة، ومخلفًا لـ78 حالة وفاة حتى الآن- لمحاربة التفشي.

تكاتف المؤسسات الدينية المصرية

في هذا السياق، وانطلاقًا من دورها الديني والوطني، اجتمعت المؤسسات الدينية المصرية، منذ انطلاق الأزمة على قلب رجل واحد، من خلال تقديم دورها لأبناء الوطن من خلال الفتاوى والأحكام الشرعية، والحملات التوعوية التي جابت كل منصات الإعلام، ومواقع التواصل الاجتماعي، فضلًا عن التبرعات المادية للمرور بسلام من هذه الأزمة.

الأزهر الشريف.. ساعد للدولة وعون للضعفاء

لا تزال جهود الأزهر الشريف، مستمرة في دعم الدولة، سواء من خلال المساعدات والمنح المالية للبسطاء الذين توقفت أعمالهم جبريًا جراء تفشي الوباء، أو من خلال الحملات التوعوية.

– شيخ الأزهر يتبرع بـ5 ملايين جنيه

في مبادرة طيبة، كان شيخ الأزهر الشريف، الدكتور أحمد الطيب، قد أعلن تبرعه بمبلغ قدره 5 ملايين جنيه لحساب مواجهة الكوارث والأزمات – صندوق تحيا مصر – كمساهمة منه لدعم جهود مكافحة الدولة لتفشي الفيروس القاتل.

– قطاع مستشفيات جامعة الأزهر

وفي هذه المبادرة، وجه شيخ الأزهر الشريف، قطاع مستشفيات جامعة الأزهر بالتنسيق مع وزارة الصحة، من أجل تجهيز مستشفى جامعة الأزهر التخصصي لاستقبال مصابي كورونا، واتخاذ كافة الإجراءات الوقائية والعلاجية اللازمة لها.

– دعم العمالة اليومية الغير منتظمة

دائمًا ما يحاول الأزهر الشريف، تقديم المبادرات التي تحث على التكافل الاجتماعي، وجراء انتشار الفيروس، أعلن بيت الزكاة والصدقات المصري برعاية شيخ الأزهر، عن دعم العمالة اليومية وغير المنتظمة، من المستحقين نتيجة التضرر من الإجراءات الاحترازية والوقائية لمنع انتشار الوباء.

كما أتاحت بوابة الأزهر الشريف، عبر موقعها الإلكتروني، استمارة إعانة بيت الزكاة والصدقات المصري للعمالة اليومية المتأثرة بالظروف الحالية.

كذلك قرر شيخ الأزهر مضاعفة قيمة الإعانة الشهرية التي يصرفها بيت الزكاة والصدقات المصري لمستحقيها خلال شهري أبريل ومايو 2020، لمساعدة المستحقين على تلبية احتياجاتهم.

– رسائل الإمام الأكبر التوعوية

وفي نطاق الحملات التوعوية، واستمرارًا لنصح الشعب المصري، ألقى شيخ الأزهر، صباح اليوم، كلمة من منزله بـ”الأقصر”، عبر موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” قال من خلالها “إن مواصلة الالتزام بالتعاليم والإرشادات الطبية وكل ما تقره الدولة من إجراءات احترازية لمواجهة الوباء، وفي مقدمتها التباعد الاجتماعي، يعد فرضًا واجبًا”.

وجراء انتشار الأزمة كان شيخ الأزهر، قد وجه رسالة تليفزيونية، للناس والمسؤولين في مختلف دول العالم، حول تفشي الوباء، ودعا الجميع من خلالها إلى تحمل المسؤولية في مكافحة الفيروس، وحماية الإنسانية من أخطاره، والالتزام بالتعاليم الصحية والتنظيمية، باعتبار ذلك واجبًا شرعيًا يأثم تاركه، مشيدًا في الوقت ذاته بالتضحيات الهائلة التي يبذلها الأطباء والممرّضون لمجابهة هذا الوباء.

كذلك أصدرت هيئة كبار العلماء بالأزهر، برئاسه شيخ الأزهر الشريف، بيانين هامين للأمة الإسلامية بشأن الأحكام المتعلقة بتداعيات فيروس “كورونا المستجد”، وجاء ذلك انطلاقًا من مسؤوليتها الشرعية وواجبها الديني.

الكنيسة الأرثوذكسية.. وتبرعات بـ3 ملايين جنيه

وفي إطار المشاركة لكبح الوباء، كانت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، برئاسة قداسة البابا تواضروس الثاني، قد أعلنت في بيان عن تعليق الصلوات بالكنائس، فضلًا عن تقديم تبرع مالي، قدره ٣ ملايين جنيه لصندوق تحيا مصر، وذلك للمساهمة في شراء أجهزة التنفس الصناعي.

وذكر البيان: “في ظل استمرار الوباء والذي لا يزال يهدد مصر والعديد من دول العالم حتى الآن، وحيث إن الكنيسة هي جزء أساسي من المجتمع، وتسعى دائمًا للحفاظ على جميع أفراده، وتؤمن أن النفس الواحدة لها قيمة غالية عند الله محب البشر، وانطلاقًا من حرصها على سلامة الجميع وصحتهم وفي ظل خطورة إقامة أي تجمعات، قررت الكنيسة استمرار تعليق جميع الصلوات بالكنائس، بما فيها صلوات أسبوع الآلام المقدس، والتي تعتبر من أهم المناسبات الكنسية في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وذلك لحين استقرار الأوضاع وانتهاء الأسباب الصحية التي دعت لذلك”.

كما جاء في البيان: “كذلك قررت الكنيسة توجيه مشاغل الخياطة بالإيبارشيات للمساهمة في إعداد الملابس الطبية ومستلزماتها، التي تحتاجها الطواقم الصحية في عملها الوطني، الذي نقدره كثيرًا”.

وأكد البيان على مشاركة الكنائس القادرة ماديًا على توفير المطهرات والمعقمات واستمرار الكنائس في تقديم التوعية المستمرة ضد الفيروس.

واختتمت الكنيسة بيانها بقيمة التبرع المذكور أعلاه.

دار الإفتاء المصرية

من جانبها شاركت دار الإفتاء المصرية، بإصدار العديد من الفتاوى والأحكام الشرعية، جراء انتشار الأزمة، وأكدت أنه يجب شرعًا على المواطنين في كل البلدان الالتزامُ بتعليمات الجهات الطبية المسؤولة التي تقضي بإغلاق الأماكن العامة من مؤسسات تعليمية واجتماعية وخدمية، وتقضي بتعليق صلاة الجماعة والجمعة في المساجد في هذه الآونة؛ وذلك للحد من انتشار الوباء.

– إخراج الزكاة لمتضرري كورونا

كما أفتت الدار بجواز التعجيل بإخراج الزكاة قبل استحقاقها للمتضررين من فيروس كورونا، وأضافت الدار – في فتواها – أن هذا هو مذهب جماهير الفقهاء وعليه العمل والفتوى؛ إظهارًا للمروءات في أوقات الأزمات، وثواب الزكاة المعجلة يكون في هذه الحالة أعظم، لما فيه من مزيد تفريج الكروب وإغاثة الملهوفين وسد حاجة المعوزين.

كذلك خاطبت دار الإفتاء، الأشخاص الذين يقومون بتنظيم مسيرات في زمن الوباء، بأن هذا الأمر يعد حرامًا شرعًا، إذ قالت في فتواها إن المسيرات الجماعية في زمن الوباء حرام، ولو كانت للدعاء.

“جسور”.. كونوا على قلب رجل واحد

وانطلاقًا من أهمية دور الإفتاء في ظل المستجدات الفقهية التي تواجه المسلمين نتيجة انتشار وباء فيروس “كورونا” في جميع دول العالم، حرصت الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم على إصدار عددها الثاني عشر من نشرة “جسور” الناطقة باسم الأمانة ليواكب الأزمة الراهنة، ويؤصل لفقه التعامل مع الأوبئة والجوائح.

– ضحايا كورونا.. ومنزلة الشهداء

وبالحديث عن ضحايا المسلمين بسبب كوفيد19، قالت دار الإفتاء: “إن موت المسلم بسبب فيروس كورونا يدخل تحت أسباب الشهادة الواردة في الشرع الشريف؛ بناءً على أن هذه الأسباب يجمعها معنى الألم لتحقق الموت بسبب خارجي، فليست هذه الأسباب مسوقة على سبيل الحصر، بل هي منبهة على ما في معناها مما قد يطرأ على الناس من أمراض”.

كما كانت الدار قد شددت مرارًا وتكرارًا منذ تفشي الوباء، على أن الإصرار على إقامة الصلاة في المساجد بدعوى إقامة الشعائر مع منع الجهات المختصة حرام شرعًا، ولذلك لتفادي انتشار العدوى.

وزارة الأوقاف المصرية

بالإضافة إلى قرار وزارة الأوقاف المصرية، بإغلاق جميع مساجد الجمهورية، وملحقاتها وجميع الزوايا والمصليات – بناءً على ما تقتضيه المصلحة الشرعية والوطنية من ضرورة الحفاظ على النفس كونها من أهم المقاصد الضرورية التي ينبغي الحفاظ عليها جراء تفشي الفيروس القاتل – اعتمدت الوزارة حزمة من القرارات الاحترازية لمواجهة فيروس كورونا.

وجاءت منها حظر “تقبيل اليد” بين المشايخ، والتأكيد على وقف تقبيل يد الوالدين مؤقتًا، ومنع السلام باليد بين موظفي الوزارة، وغلق جميع الأضرحة والمزارات طوال فترة تعليق الدراسة، وتأجيل جميع الاختبارات والدورات والمسابقات، وتأجيل الدراسة بمراكز الثقافة الإسلامية وإطلاق التدريب عن بعد، والغاء الاحتفالات بالإسراء والمعراج – التي جاءت وقت الأزمة – بسبب كورونا.

كما شملت إجراءات وزارة الأوقاف، حظر إقامة العزاء أو عقد القران بدور المناسبات والمساجد التابعة لها حتى إشعار آخر، وذلك ضمن الإجراءات التي تتخذها الحكومة المصرية لمواجهة الفيروس.

كذلك أعلنت الوزارة إلغاء أي بعثات للحج على نفقتها هذا العام، وتوجيه ما كان مخصصًا لذلك لمساعدة المتضررين من آثار كورونا، وأهابت الوزارة بكل من نوى الحج أو أداء العمرة هذا العام، أن “يعيد ترتيب أولوياته، وأن يجعل ما كان سينفقه في حج النافلة أو أداء العمرة في مساعدة الفقراء والمحتاجين والمتضررين من آثار الفيروس”.

كما قرر وزير الأوقاف محمد مختار جمعة، تخصيص 50 مليون جنيه “من باب البر للمتضررين من آثار فيروس كورونا، لا سيما من فقدوا فرصة عملهم من العمالة غير المنتظمة من عمال اليومية ومن في حكمهم من العاملين بالمجالات التي تأثرت بالظروف الحالية”.

ربما يعجبك أيضا