المرأة في أدب نجيب محفوظ.. مرآة واقعية لمشكلات المجتمع المصري

ياسمين سعد

كتب الأديب العالمي نجيب محفوظ عشرات الروايات التي تألقت فيهم الشخصيات النسائية، فما هي أبرز نماذج السيدات التي كتب عنهن محفوظ؟ وما هو اختياره الشخصي للنموذج الأقرب إلى قلبه؟


مثل النحات الماهر، جلس الأديب الراحل نجيب محفوظ لينحت تفاصيل شخصياته بدقة، لتخرج من صنعة قلمه شخصيات لسيدات أصيلات أبدعن في تجسيد واقع المرأة المصرية.

وفقًا لكتاب المرأة في أدب نجيب محفوظ للكاتبة الدكتورة فوزية العشماوي، فإن نجيب اختار لرواياته نساء عاديات لهن مشكلات عادية، ومعظمهن من أبناء الطبقة المتوسطة، ولكنهن كن نساء حقيقيات يعشن مشكلات المجتمع المصري بواقعية في فترة معينة.

المرأة محور الأحداث

أوضح الكتاب أن النساء كن أبطال روايات نجيب محفوظ، فالمرأة تقع في الغالب في وسط المشكلة التي يريد مناقشتها محفوظ، فتكون محور الأحداث الرئيسة، فيما تشترك معها جميع الشخصيات الأخرى في إيجاد حل للمشكلة.

بعد دراسة الكتاب لروايات لعدد من روايات نجيب محفوظ منها القاهرة الجديدة، خان الخليلي، زقاق المدق، السراب، بداية ونهاية، الثلاثية، اللص والكلاب، السمان والخريف، وجد أن محفوظ لا يهتم إلا بالشاردات من النساء الذي يحاول الجميع إعادتهن إلى رشدهن.

نفيسة أفضل نموذج

تأبى البطلة في روايات نجيب محفوظ أن تخضع للعرف المجتمعي السائد، فتفشل كل الجهود في عودتها إلى المسار الصحيح، وتنتهي الرواية بنهاية مأساوية، مثلما حدث مع حميدة في رواية زقاق المدق.

ترى دكتورة فوزية العشماوي أن شخصية نفيسة في رواية بداية ونهاية هي أفضل نموذج روائي للمرأة المصرية من أبناء الطبقة المتوسطة، لأنها جسدت ببساطة عمق مشكلة كبيرة ضربت المجتمع المصري خلال الفترة ما بين الحربين العالميتين، وهي الأزمة الاقتصادية التي حلت بالطبقة المتوسطة آنذاك.

سناء جميل في دور نفيسة

سناء جميل في دور نفيسة

نور وزهرة

أما شخصية نور في رواية اللص والكلاب فكانت لامرأة بغي من الطبقة الشعبية في فترة الخمسينات، وأوضحت عزة أن محفوظ رسم شخصيتها من خلال الفلاش باك، مشيرة إلى أن أديب نوبل استخدم هذا الأسلوب بالذات لأنه يوحي بالغموض وعدم وضوح الرؤية، وهما يتناسبان مع حقيقة المرأة البغي التي تحاول العيش في غموض وسط مجتمعها حتى لا يكتشف أمرها أحد.

وفي رواية ميرامار جعل محفوظ من شخصية زهرة “مصر” التي لها موقف واضح من العهد البائد قبل الثورة، كما لها موقف من الأوروبية المتمصرة مريانا، وموقف من الإقطاعي السابق طلبة مرزوق، ومن ممثل الشعب، الصحفي الوطني عامر وجدي.

زهرة في ميرامار

زهرة في ميرامار

تطور شخصية المرأة في روايات نجيب محفوظ

ذكر الكتاب أن محفوظ استطاع رصد تطور شخصية المرأة في المجتمع المصري، وكيف خرجت من عباءة الزوج والخضوع له، وجسدت هذه المرحلة شخصية أمينة في الثلاثية، فهي الزوجة المحجبة المعزولة في منزل زوجها عن المجتمع، ولا تعرف شيئًا سوى عن أحوال زوجها وأبنائها فقط.

ثم يعرض محفوظ التطور في شخصية سوسن حماد في الثلاثية أيضًا، فهي سيدة مثقفة متحررة ترتدي أحدث صيحات الموضة الأوروبية وتصر على العمل خارج المنزل.

شخصية أمينة في الثلاثية

شخصية أمينة في الثلاثية

اختيار نجيب محفوظ

أما المرأة التي تحررت تحررًا تامًّا فكانت سمارة بهجت في رواية ثرثرة فوق النيل، فهي كانت نموذج محفوظ للمرأة التي تنضم لحزب سياسي وترفض الزواج على الرغم من جمالها وثقافتها، وأنها تعبر عن رأيها جنبًا إلى جنب مع الرجال، وتنتقد النظام السياسي بكل جرأة وحرية.

صورة من فيلم ثرثرة فوق النيل

صورة من فيلم ثرثرة فوق النيل

وذكرت العشماوي في كتابها أنها سألت نجيب محفوظ إذا ما كانت هناك شخصية نسائية في إنتاجه الأدبي عبرت عن المرأة كما يراها في الواقع، فأجاب محفوظ بأنها شخصية زهرة في رواية ميرامار.

ربما يعجبك أيضا