مفاوضات روسيا وأوكرانيا.. أين نقف وماذا يمكن أن يحمله المستقبل؟

جاسم محمد

الحرب لن تنتهي حتى يدرك أبطالها أنهم لا يستطيعون تحقيق جميع أهدافهم ويتعين عليهم قبول نتيجة أقل من مثالية


شهدت مفاوضات السلام بين روسيا وأوكرانيا ركودًا، وتبادل الجانبان الاتهامات، في حين أشارت موسكو إلى أن العودة إلى المحادثات قد تكون صعبة.

واتهمت روسيا الغرب بدعم الحكومة في كييف، وقال وزير الخارجية، سيرجي لافروف، يوم 17 مايو 2022، إن واشنطن ولندن وبروكسل تريد استغلال أوكرانيا لصالحها الاستراتيجي. ويعتقد لافروف أنه لا يمكن التوصل إلى اتفاق سريع إذا حاول المفاوضون “نقل الحوار” للتركيز على ما سيقوله الغرب، بدلاً من الوضع الفوري في أوكرانيا.

وقال الرئيس الأوكراني، فلاديمير زيلينسكي، يوم 20 مايو 2022، إن المحادثات فقط هي التي يمكن أن تنهي الحرب الروسية، وشدد على أن الاختراق الدبلوماسي فقط، وليس النصر العسكري الصريح يمكن أن ينهي الحرب الروسية على بلاده. وأضاف “يوجد أشياء لا يمكن الوصول إليها إلا على طاولة المفاوضات” .

وقال مستشار وزارة الخارجية الأمريكي، ديريك شوليت، إن الولايات المتحدة لم تر العديد من الدلائل على أن المفاوضات الروسية الأوكرانية “مثمرة”، مع دخول حرب موسكو على البلاد شهرها الرابع، ولا يبدو أن الروس مستعدون للتفاوض بطريقة ذات مغزى على نحو خاص. 

روسيا ، تحذر من إمداد كييف بأسلحة صاروخية 

حذر السفير الروسي لدى واشنطن، أناتولي أنتونوف، الولايات المتحدة من إمداد كييف بأسلحة صاروخية بعيدة المدى، لما لذلك من تداعيات لا يمكن التنبؤ بها على الأمن العالمي.

وقال أناتولي: “في الوقت الحالي ننطلق من تصريح الممثل الرسمي للبنتاغون، جون كيربي، بأن القرار النهائي بشأن هذه القضية، وإمداد هذا النوع من الأسلحة لم يتخذه.” وأشار السفير إلى أن روسيا، عبر القنوات الدبلوماسية، أبلغت الولايات المتحدة مرارًا وتكرارًا أن الضخ غير المسبوق لأوكرانيا بالأسلحة يزيد بقدر كبير من مخاطر تصعيد الصراع.

الرهان على التسوية 

وفي هذا السياق، شدد وزير الخارجية ومستشار الأمن القومي الأمريكي السابق، هنري كيسنجر، يوم 23 مايو 2022، على أن التسوية في أوكرانيا يجب أن تبدأ خلال الشهرين المقبلين، لتجنب العواقب الوخيمة على العلاقات الدولية بأوروبا.

وتابع “تحقيق الوضع المحايد لأوكرانيا، وتشكيلها كجسر بين روسيا وأوروبا هو الهدف الرئيس في الوضع الحالي”. وأوضح أن “النتيجة المثالية ستكون لو حلت أوكرانيا مكان دولة محايدة كجسر بين روسيا وأوروبا”.

4 افتراضات روسية خاطئة 

منذ بداية هذه الحرب في 24 فبراير 2022 ، أثبتت 4 افتراضات روسية أنها خاطئة بوضوح، الأولى أن الحكومة الأوكرانية ستنهار، وأن القوات الروسية ستستولي على كييف والمدن الأخرى بسرعة، وأن الاتحاد الأوروبي سيبذل قصارى جهده لإظهار العزم والرد على هذا العدوان، وأن “العالم الغربي” سيكون منقسمًا وغير مؤكد في رد فعله، وأن المجتمع الدولي الأوسع لن يدين العملية الروسية.

هل يمكن إنهاء الحرب في أوكرانيا عن طريق الدبلوماسية؟

كانت محادثات السلام متوقفة، ولم يعتقد أحد أنه يمكن التفاوض على اتفاق سلام دائم في أي وقت قريب. ولا ينبغي أن يكون ذلك مفاجئًا، نظرًا لأن أيًّا من الطرفين المتحاربين لم يفقد الأمل بعد في أن ينجح في ساحة المعركة.

ويقول ستيفن والت من جامعة هارفارد: “الحرب … لن تنتهي حتى يدرك أبطال الرواية أنهم لا يستطيعون تحقيق جميع أهدافهم الأصلية، وسيتعين عليهم قبول نتيجة أقل من مثالية”. وبالنسبة لبعض الخبراء الروس والأوكرانيين، ربما يكون هذا الاقتراح الوحيد الذي يتفقون عليه مع بعضهم البعض.

مستقبل المفاوضات 

مازالت المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا متعثرة إلى حد يمكن وصفها بأنها مفاوضات “تصادمية”، ويعود السبب إلى عاملين: الأول رهان واشنطن ولندن على استمرار أوكرانيا بالصمود في مواجهة روسيا، من خلال الاستمرار في إمدادها بالأسلحة، وتقديم الدعم المالي والإعلامي لها.

وأما العامل الثاني فهو رهان روسيا على تحقيق “انتصار” عسكري في “الدونباس” وشرق وجنوب شرق أوكرانيا، وهو ما زال لم يتحقق بعد، عبر ضم إقليم الدونباس لتعزيز الوجود العسكري الروسي، وكذلك تعزيز موقفها في المفاوضات، وتبقى مسألة تحقيق أوكرانيا الوضع المحايد شرق أوروبا، لتكون خطًا فاصلًا ما بين الناتو و روسيا الحل الأكثر ترجيحًا لوضع نهاية لهذه الحرب.

ربما يعجبك أيضا