الممرات الآمنة في الحرب الروسية الأوكرانية.. كيف تبدو؟

رنا أسامة

الممرات الآمنة مناطق منزوعة السلاح في منطقة محددة ولفترة زمنية مُحددة يتفق عليها طرفا النزاع المُسلح.


واصلت روسيا قصف مدن أوكرانية لليوم الـ15، مع استمرار إجلاء مدنيين عبر ممرات آمنة إنسانية مشتركة بعد فشل مفاوضات التوصل لاتفاق بشأن وقف إطلاق النار.

الممرات الإنسانية لها تاريخ طويل في مساعدة المدنيين خلال النزاعات المسلحة وحتى في الهجرة تُشير إليها قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن باسم “ممرات الإغاثة المؤقتة” و”مناطق أمنية مؤقتة” و”ممرات آمنة”، وغالبًا ما تتداخل مع مفاهيم ذات صلة مثل وقف إطلاق النار، والوقف المؤقت للأعمال العدائية، رغم أنها تختلف مكانيًا وزمنيًا عن هذه المفاهيم، بحسب موقع جست سيكيوريتي الأمريكي.

ما هي الممرات الآمنة؟

الممرات الآمنة هي مناطق منزوعة السلاح في أماكن وفترات زمنية محددة يتفق عليها طرفا النزاع المُسلح، يُمكن من خلالها إيصال المساعدات أو إجلاء المدنيين من مناطق النزاع، ويمكن للممرات توفير إغاثة حاسمة في الحالات التي تقع فيها كارثة بسبب انتهاك القانون الدولي للحرب، على سبيل المثال من خلال قصف أهداف مدنية على نطاق واسع، وفق صحيفة دويتشه فيله الألمانية.

ممرات إنسانية آمنة

يجري إنشاء ممرات آمنة للسكان في مناطق حروب، لا سيّما عندما تكون مدينة أو بلدة تحت حصار، بهدف وقف الأعمال العسكرية لفترة معينة للسماح للمدنيين بالفرار على طول الطرق المحددة، أو السماح بدخول مساعدات إنسانية عاجلة للمدنيين المقيمين في هذه المناطق.

من المسؤول عنها؟

في معظم الحالات، تتولى الأمم المتحدة مسؤولية التفاوض على إنشاء الممرات الإنسانية، وسط مخاطر من حدوث انتهاكات عسكرية أو سياسية، بما في ذلك استخدامها لتهريب أسلحة ووقود للمدن المحاصرة.

ويمكن لمراقبي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والصحفيين استخدام الممرات للوصول إلى المناطق المتنازع عليها، بحسب دويتشه فيله.

من يحق له الوصول إليها؟

تحدد أطراف النزاع من يحق لهم الوصول للممرات الإنسانية، يقتصر الأمر عادة على جهات فاعلة محايدة أو الأمم المتحدة أو منظمات إغاثة مثل الصليب الأحمر، وفي حالات نادرة، يُنظم أحد طرفي النزاع من وكيف يجري العبور من الممرات الإنسانية، مثلما حدث مع الجسر الجوي الأمريكي بعد حصار الاتحاد السوفيتي لبرلين خلال عاميّ 1948و1949، وفق دويشه فيله.

جدار برلين

كيف تبدو؟

يجري إنشاء ممرات آمنة من خلال وقف إطلاق النار مؤقتًا في المناطق الضيقة جغرافيًا المُتفق عليها، بهدف إجلاء المدنيين وإمدادهم بأدوية ومواد غذائية، وفي 5 و6 مارس الجاري، وافقت روسيا وأوكرانيا على إجلاء المدنيين في مدينتي ماريوبول وفولنوفاكا، لمدة 5 ساعات، لكن باءت المساعي بالفشل وسط أنباء عن قصف روسي، في الوقت الذي تجاوز فيه عدد الفارين من أوكرانيا مليونيّ شخص، بحسب الاندبندنت البريطانية.

إجلاء أوكرانيين في الحرب الروسية الأوكرانية إجلاء أوكرانيين

وفي 7 مارس، أعلن الجيش الروسي وقفًا آخر لإطلاق النار لفتح ممرات إنسانية في كييف وخاركيف وماريوبول وسومي، تقود إلى بيلاروسيا وروسيا ومدن أوكرانية أخرى، غير أن القصف الروسي تجدد في ماريوبول، وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن طريق إجلاء سكان المدينة المحاصرة في جنوب شرقي أوكرانيا كان “ملغومًا”.

ماذا قالت موسكو؟

قالت روسيا إنها ستوقف إطلاق النار وتفتح ممرات آمنة في كييف و4 مدن أوكرانية (تشرنيغوف، وسومي، وخاركيف وماريوبول)، اعتبارًا من الساعة 10 صباح 8 مارس الجاري (بتوقيت موسكو)، مع إنشاء خط اتصال لتبادل المعلومات حول إجلاء المدنيين.

وفق وكالة أنباء تاس الروسية، تنقل الممرات أوكرانيين إلى روسيا أو بيلاروسيا أو أجزاء أخرى من أوكرانيا، وتشمل الممرات طرقًا من تشرنيجوف إلى بيلاروسيا، ومن سومي إلى بولتافا وروسيا، ومن خاركيف لروسيا أو لفوف وأوزجورود وإيفانو فرانكوفسك، علاوة على ممر من ماريوبول لروسيا وزابوريجيا.

وقف إطلاق نار مؤقت

لماذا اعترضت كييف؟

بموجب العرض الروسي، فإن ممرين مُقترحين فقط يقودان إلى أراضٍ أوكرانية، الأمر الذي وصفته أوكرانيا بأنه “غير أخلاقي تمامًا، وقال المتحدث باسم الرئيس الأوكراني إن “روسيا تريد تقديم مساعدات إنسانية للإشادة بها على التليفزيون وتريد أن تقود الممرات في اتجاهها”.

وأعلنت نائبة رئيس الوزراء الأوكرانية، إيرينا فيريشوك، فتح 7 ممرات إنسانية اليوم الخميس لإجلاء مدنيين من المدن التي تحاصرها قوات روسية، بما في ذلك ماريوبول، حسبما ذكرت وكالة رويترز.

الممرات الآمنة في الحرب الروسية الأوكرانية

متى ظهرت الممرات؟

فكرة إنشاء ممرات إنسانية تعود إلى منتصف القرن العشرين، من أبرزها برنامج أطلق عليه اسم كيندر ترانسبورت، يعني بالألمانية نقل الأطفال، فجرى نقل أطفال يهود من مناطق خاضعة للسيطرة النازية من عام 1938 إلى عام 1939 إلى بريطانيا، وفق دويتشه فيله.

كيندرترانسبورت.. كيندرترانسبورت

وخلال حصار سراييفو، عاصمة البوسنة، الذي استمر من عام 1992 وحتى 1995، أقامت الأمم المتحدة “مناطق آمنة” للمدنيين أيضًا.

حصار سراييفو

ماذا عن الحرب الأهلية السورية؟

خلال الحرب الأهلية السورية، انتهج الجيشان الروسي والسوري استراتيجية محاصرة منهجية للمدن والبلدات الخاضعة لسيطرة “المسلحين” في بعض الأحيان لأشهر أو حتى سنوات، ما أدى لتدمير شامل لأحياء وبُنى تحتية في غارات جوية ومدفعية وصاروخية، وفق أسوشيتد برس الأمريكية.

ممرات انسانية في سوريا

أعلن الروسيون والسوريون حينها إمكانية مغادرة المدنيين وحتى بعض المقاتلين، المنطقة عبر ممرات إنسانية تقود معظمها إلى إدلب التي ما تزال آخر معقل لهم في سوريا، وجرى إنشاء ممرات في مناطق محاصرة حول دمشق، وأجزاء من حمص وحماة، كان أكبرها وأشهرها في شرق حلب أواخر عام 2016، بعد 4 أعوام من الحصار المدمر.

هل هي آمنة؟

اتهامات كثيرة بخرق وقف إطلاق النار المحيط بممرات إنسانية طالت روسيا وسوريا مع استمرار قصف مدن مُحاصرة، وقالت الناشطة عفراء هاشم، الناجية من حصار حلب وتقيم الآن في لندن، لأسوشيتد برس: “عندما تحدثوا عن الممرات أو وقف إطلاق النار، لم نصدقهم مُطلقًا”.

الحرب السورية

ذكرت أنه خلال الإعلان عن ممر إنساني في حلب في 14 ديسمبر 2016، أصابت قنابل حارقة المنزل الذي كانت تقيم فيه مع أسرتها. مع ذلك، استخدم عشرات آلاف الممرات لمغادرة مناطق القتال، يشكلون الجزء الأكبر من بين 3 ملايين سوري يقيمون في إدلب التي تحيط بها اليوم قوات الجيش السوري وما تزال تتعرض لغارات جوية روسية.

هل كانت فعّالة؟

إنشاء الممرات كان فعالًا في تحقيق أهداف روسيا وسوريا، وذكرت منظمات حقوق الإنسان، أنه “بموجب القانون الدولي، يجب بذل كل جهد لضمان سلامة المدنيين بغض النظر عن مكان وجودهم”.

ممرات آمنة في سوريا

وأضافت أن “تكتيك الحصار والممر الإنساني يضع السكان بين مطرقة الهروب لأحضان مهاجميهم وسندان الموت تحت القصف، وأن الحديث عن ممرات آمنة يعطي وهمًا بشرعية وقوع ضحايا مدنيين ممن يتخلّفون عن المغادرة، بمجرد استئناف الحصار”، وفق أسوشيتد برس.

ربما يعجبك أيضا