المندوب السامي التركي يدير ليبيا .. “باشاآغا” غريم لـ”السراج”!

يوسف بنده

رؤية – بنده يوسف

يبدو أن النفوذ التركي داخل ليبيا سيتسبب في صراع بين أجنحة حكومة الوفاق الموالية لتركيا والمدعومة من جناح الإخوان المسلمين في ليبيا. والواضح أن رئيس الحكومة فايز السراج بدأ يشعر بالقلق من الاتصالات التي يقوم به أعضاء حكومته وأجنحة تياره بشكل مستقل مع الأجهزة التركية، التي باتت تدير تركيا بصورة المحتل الذي يعين مندوبًا ساميًا له على الدولة المحتلة.

فقد التقى وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، أمس الجمعة، مع وزير داخلية الوفاق فتحي باشاآغا بمراسم رسمية في مقر الوزارة بأنقرة.

وقبل أمس، الخميس، استقبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، رئيس مجلس الدولة الاستشاري خالد المشري القيادي في حزب العدالة والبناء الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين بحضور رئيس مجلس الأمة التركي مصطفى شنطوب في إسطنبول.

وناقشا الجانبان وفقًا للمكتب الإعلامي التابع للمجلس مستجدّات الأوضاعَ في ليبيا والمبادرات المطروحة لوقف إطلاق النار، وفرص استئناف الحوار السياسي وسبل تعزيز السلام في ليبيا، بالإضافة إلى العلاقات الثنائية والقضايا ذات الاهتمام المشترك بين البلدين.

وخلال زيارة باشاآغا لتركيا أمس، أصدر رئيس المجلس الرئاسى الليبى لحكومة الوفاق فائز السراج قرارا بإيقاف وزير داخلية الوفاق فتحى باشاآغا عن العمل، وإحالته إلى التحقيق.

وأشار القرار إلى أن التحقيق مع باشاآغا سيكون بشأن التصاريح والأذونات وتوفير الحماية اللازمة للمتظاهرين، والبيانات الصادرة عنه حيال المظاهرات والأحداث الناجمة عنها التى شهدتها مدينة طرابلس ومدن أخرى خلال الأيام الماضية، وأية تجاوزات ارتكبت فى حق المتظاهرين.

وكلف السراج فى القرار نفسه، وكيل وزارة الداخلية خالد مازن بتسيير مهام الوزارة وممارسة كافة الصلاحيات والاختصاصات السيادية والإدارية الموكلة للوزير.

وقد ألغى “السراج”، زيارته المقررة إلى إسطنبول؛ للقاء الرئيس التركي، الخميس الماضي. وذلك تزامنًا مع الاحتجاجات التي تشهدها العاصمة طرابلس وعدة مدن ليبية؛ احتجاجا على تردي الأوضاع المعيشية، والتي لاقت استخداماً مفرطاً للعنف من قبل المجموعات المسلحة الموالية لـ”حكومة الوفاق”.

ويبدو أن تركيا تستغل هذه التظاهرات للإطاحة برئيس حكومة الوفاق، فائز السراج؛ بعد غضبها من إتفاقية وقف إطلاق النار التي وافقت عليها حكومة الوفاق.

ويخشى السراج من حلفائه في طرابلس من الانقلاب عليه، حيث كان واضحا في سياق حديثه بقوله: “طالبت بانتخابات في شهر مارس القادم وأخشى من دخول البعض في حوار سياسي وتشكيل رئاسي جديد لتعطيل موضوع الانتخابات”، في إشارة إلى غريمه فتحي باشاغا وزير الداخلية في “حكومة الوفاق” المدعوم من كتائب مصراتة والتي تعد الأقوى في المنطقة الغربية.

ونقلت صحيفة “الساعة 24” الإلكترونية الليبية، عن مصادر وصفتها بـ”المسؤولة”، أن السراج بات يبحث عن وزير داخلية جديد، شريطة اتفاق قيادات مصراتة الميدانية عليه، ويبحث عن آخرين من المجموعات المسلحة، وتفكيك القوة المسلحة الموالية لباشاغا في طرابلس.

مليشيات باشاآغا

قال عضو مجلس النواب علي التكبالي: إنّ فائز السراج يعي أنّ بإمكان فتحي باشاآغا قلب الطاولة عليه في طرابلس، ولذا سارع إلى اتّخاذ قراره هذا مستغلًّا وجود باشاغا في تركيا.

وحسب “إرم نيوز”، أشار التكبالي، إلى أنّ باشاآغا استبق الأحداث بأن أحضر مجموعة من الميليشيات من مصراتة، مشيرًا إلى أنّ فرح ميليشيات طرابلس بإقالة باشاآغا ناتج عن قلقها وخوفها من تجاوزها في مرحلة مقبلة.

وبين أنّ قلق ميليشيات طرابلس يتعلّق بشكل خاصّ بأن الأتراك يهيؤون بالتنسيق مع باشاآغا لفيلق تركماني للسيطرة على طرابلس واستبعادها من المشهد.

وحول إمكانية تدخّل تركي للعدول عن القرار، توقّع التكبالي أن يتدخّل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للإصلاح بين السراج وباشاآغا؛ لأنّ أيّ صراع الآن ليس في صالح الأتراك لكي لا تتأثر الشرعية المفتعلة التي يمثّلها السراج والناتجة عن مؤتمر الصخيرات؛ لأن البديل الشرعي والوحيد هو مجلس النواب.

وقال عضو مجلس النواب سعيد إمغيب، أنّ هناك تحرّكًا لاستغلال المظاهرات بهدف إزاحة السراج واستبداله بباشاغا، بدعم تركي.

وقال إمغيب، إنّ هناك صراعًا كبيرًا احتدم بين الطرفين على خلفية توجيه المظاهرات، فالسراج اعتبرها شغبًا للإطاحة به، فيما باشاغا يحاول استغلالها متعهدًا بالدفاع عنها.

وأشار إلى أنّ العمل كان ينصبُّ على إدانة وتجريم السراج وإخراج باشاغا بصفته المنقذ والمصلح القادم، معتقدًا أن السراج أصبح منفردًا وحتى الدعم التركي قد يخسره، بحسب قوله.

وأضافَ عضو مجلس النواب: “الصدام قادم بين ميليشيات مصراتة وميليشيات طرابلس”.

فيما أعتبر عضو مجلس النواب محمد العباني أن التعامل مع التدخل التركي في ليبيا يجب أن يكون عبر استخدام مجلس الأمن للفصل السابع لوضع حد لتطاول أنقرة على السيادة الليبية،بما فيها توقيع إتفاقيات غير قانونية مع حكومة غير معترف بها شعبياً.

وحسب راديو سبوتنيك الروسي، شدد العباني على أن حكومة الوفاق لم تحصل على ثقة البرلمان وهي عاجزة عن تقديم أية خدمات للمواطن الليبي،معتبراً أن الخلاص يكمن في خروج هذه الحكومة من المشهد السياسي في البلاد.

وحسب تحليل للكاتب التونسي، الجمعي قاسمي، “تُشكك غالبية الليبيين في قدرة السراج على تجاوز المأزق الجديد الذي دخله، باعتباره يفتقد إلى مستلزمات الصمود في هذه الفترة الاستثنائية، التي تفترض جاهزية داخلية لمواجهة التداعيات المُحتملة الناتجة عن صراعه مع باشاغا، وهو صراع مفتوح على كل الاحتمالات.

ومع ذلك، يُحاول السراج الذي لا يُخفي تخوّفه من إقدام غريمه باشاغا على الانقلاب عليه بدعم من ميليشيات مصراتة، والمخابرات التركية، أن يدفع بأن تكون نتائج هذا الصراع لصالحه، حيث كثف من تحركاته التي تستهدف في مجملها إبعاد شبح الانقلاب.

وقد اتسعت خلال اليومين الماضيين رقعة الاحتجاجات التي تشهدها غالبية المدن الليبية للمطالبة برحيل السراج وحكومته، حيث تواصلت المُظاهرات في شوارع وميادين العاصمة طرابلس، ومدن الغرب الليبي.

واقترب المتظاهرون من مقر المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، ومن منزل فايز السراج في منطقة النوفليين، وذلك على وقع ارتفاع موجة الغضب الشعبي بعد استهداف المُحتجين برصاص الأسلحة الخفيفة والمتوسطة من قبل الميليشيات الموالية لحكومة السراج”.

ربما يعجبك أيضا