المنصات الرقمية تسيطر على خريطة الدراما العربية.. هل ستعيد تخطيطها؟

شيرين صبحي
دراما رمضان 2022

بأعمال درامية لا تزيد عن الـ15 حلقة، فرضت المنصات الرقمية نوع جديد من الدراما، وبينما اعتبر البعض أنها تسعى لتغيير الشكل الدرامي للمسلسلات، رأى آخرون أنها وسيلة للتخلص من غزو الإعلانات، فيما توقع آخرن أنها ستغير شكل الخريطة الدرامية بشكل كبير.


كيف تأثرت صناعة الدراما العربية بظهور منصات البث؟ وهل تعيد المنصات تخطيط خريطة الدراما العربية؟

دراما قصيرة وحلقات محدودة، إيقاع سريع مختلف وأنماط درامية جديدة في التصوير والإخراج والقصة. نموذج مغاير للدراما العربية قدمته منصات البث الإلكتروني، فقد استحوذت على المشاهد وسحبت البساط من القنوات التقليدية.

دراما نابضة بالحياة فرضت نفسها

غيّرت المنصات طبيعة الدراما فقدمت نوعًا جديدًا ينبض بالحياة والقصص الحقيقية، يجسدها شخصيات ووجوه معروفة بقالب جديد، أو وجوه شابة لمعت منذ ظهورها، في الكتابة والتمثيل والإخراج. واعتمدت المنصات أنواعًا حديثة تمتاز بالتشويق والغموض، والنموج السينمائي في الدقة والاحتراف في التصوير والكتابة، وتقلصت الحلقات لتصل إلى 8 أو 10 حلقات.

netflic russia

بهدوء وسلاسة اقتحمت شبكة “نتفليكس” أسواق صناعة الدراما عندما أعلن العديد من صناع الدراما المصرية، في فبراير 2019، التعاقد معها على شراء عدد ضخم من المسلسلات. لا تعتمد “نتفليكس” على فكرة العرض الأول والحصري، بل على نقل المسلسلات الناجحة في بلادها إلى الجمهور العالمي. ومنذ دخولها مجال إنتاج المسلسلات أحدثت ضجة كبيرة، بعدما عرضت أعمالها بطريقة غير مسبوقة.

خطوة استثنائية ومواصفات مختلفة

دخول “نتفليكس” مجال صناعة المسلسلات كان خطوة استثنائية، فغيّرت طريقة العرض لأول مرة في تاريخ الدراما الحديثة، فطرحت كامل المسلسل دفعة واحدة ليشاهده الجمهور وقتما شاء. كذلك أسهم دخولها السوق في إنعاش شركات الإنتاج التي تضررت من قرار القنوات الفضائية المصرية، نوفمبر 2017، بوضع حد أقصى 70 مليون جنيه لشراء حق العرض الأول والحصري لأي مسلسل يعرض في شهر رمضان.

نتفلكس

نتفلكس

تلك المنصة العالمية أثرت في منصات عربية مثل “فيو” و”شاهد” فنشطت الأخيرة في بداية 2020، على نحو ملحوظ، وأضافت قائمتين جديدتين إلى خدماتها وبدأت تنتج أعمالها الخاصة. هذه المنصات أثرت في شركات الإنتاج التي تنتج أعمالًا للتليفزيونات التقليدية، فبدأت تعمل بمواصفات مختلفة بداية من فريق العمل وإخضاع كل ممثل للاختبار أمام الكاميرا، والتعاقد مع كتّاب شباب في ورش جماعية.

تغيُّر ذائقة المشاهد وخوف من احتكار جديد

127 150209 tv heart disease watch death 700x400

إيقاع الناس صار سريعًا والخيارات أصبحت كثيرة ومتنوعة، ما غيّر ذائقة المشاهد العربي، فلم يعد يتقبل الحلقات “الممطوطة”، خاصة بعد ظهور “المواسم”Seasons” التي تتجاوز 10 حلقات مكثفة لعمل درامي جذاب. أصبح العمل القصير المكثف هو النموذج المفضل للمشاهد بعيدًا عن المسلسلات الرمضانية بحلقاتها الثلاثين. وصار العمل لا يقاس بنجومية البطل، بل بالمستوى الذي تفرضه المنصات.

تحولات كثيرة شهدها عام 2020 على صعيد صناعة الدراما العربية، في ظل تطور منصات البث الإلكتروني مثل “نتفليكس” و”شاهد” و”فيو”. واستحوذت “نتفليكس” على العدد الأكبر من جماهير المنصات، 195 مليون مشترك بحسب آخر إحصاء لها. النموذج المغاير الذي قدمته “نتفليكس” للدراما العربية المعهودة لا يمنع وجود تخوفات من أن تصبح بما تملكه من الإمكانات، جهة احتكارية جديدة في سوق الدراما.

وجود المنصات شيء إيجابي

ءةءة

المخرج أمير رمسيس

وجود هذه المنصات شيء إيجابي في رأي المخرج أمير رمسيس، ففكرة عرض المسلسل الساعة 5 و7 اختفت من العالم كله تقريبًا، الجميع يفضل اختيار توقيت العرض. وفكرة التخلص من الإعلانات التي أصبحت مزعجة جدًّا على القنوات العادية، والتي تقطع المشاهدة وتقلل احترام العمل نفسه، كما يقول رمسيس لـ”شبكة رؤية الإخبارية”، ميزة أخرى لهذه المنصات التي تتيح مشاهدة العمل باستمتاع.

لا يتفق رمسيس مع فكرة أنه توجد فئة عمرية تتعامل مع تلك المنصات، فالسن لم تعد عاملًا مؤثرًا، لأن أصحاب المعاشات اليوم يحصلون على معاشاتهم بالكروت. وخيار عدم تعلم الاستخدامات التقنية البسيطة لم يعد موجودًا، لأن حياتنا كلها أصبحت تعتمد عليها. فالعالم كله صار قرية صغيرة عن طريق الإنترنت، فضلًا عن التكنولوجيا التي غزت كل تفاصيل حياتنا وأصبحت ضرورة لا رفاهية.

عبثية الإعلانات

الاشتراك الشهري لهذه المنصات لا يقلل عدد مشاهديها، فهي خدمة لا بد من دفع ثمنها، يضيف رمسيس لـ”شبكة رؤية الإخبارية”: “لا شيء أصبح يُقدَّم مجانًا، فالأعمال الفنية تتكلف الملايين ولا بد أن يكون لها عائد، لأن فكرة الدعاية والإعلانات هي ما أوصلتنا إلى عدم مشاهدة العمل، فكيف لمسلسل مدته نصف الساعة أن نشاهد خلال عرضه ساعة وربع الساعة إعلانات”.

خلال السنوات الماضية كان الانتصار الحقيقي للمنصات على القنوات المفتوحة، وفي العالم العربي تحديدًا، حتى من لا يشاهد العرض على المنصة كان يشاهد النسخة المقرصنة التي تظهر على الإنترنت. يعلق رمسيس: “فعلًا نحن وصلنا إلى مرحلة عبثية جدًّا من بث الإعلانات جعلت مشاهدة القنوات تختفي. أظن المشاهد لا يتابع الإعلانات، بل يغيِّر القناة حتى تنتهي مدتها”.

ربما يعجبك أيضا