بصوت مميز وطلة لها مذاقها الخاص لدى جمهوره، خطف أحمد حلاوة قلوب محبيه، وبرع في تجسيد أدواره كافة، ففي الكوميديا نسج النجم الراحل ضحكة الجمهور بحرفية، وفي التراجيديا لعب على وتر القلوب بحرفية شديدة، ليترك بعد رحيله تركة صادقة من الفن قدمها بشغف وحب.
ودع الفنان أحمد حلاوة محبيه، اليوم الجمعة 25 مارس 2022، عن عمر ناهز 73 عامُا، إثر تداعيات إصابته بفيروس كورونا خلال الأيام الماضية.
صاحب المشوار الفني الطويل، عاني مؤخرًا من رحيل شقيقه، وصديق طفولته، الفنان هادي الجيار، بعد إصابتهما بفيروس كورونا، حتى أنه لم يستطع تقديم العزاء لزوجة صديقه، ليلحق هو الآخر بهما إثر نفس المعاناة بعد رحلة طويلة أمتع فيها جمهوره.
شغف حقيقي بالفن
بصوت مميز وطلة لها مذاقها الخاص لدى جمهوره، خطف حلاوة قلوب محبيه، وبرع في تجسيد أدواره، ففي الكوميديا نسج ضحكة الجمهور بحرفية، وفي التراجيديا لعب على وتر القلوب بحرفية شديدة، ليترك بعد رحيله تركةً صادقةً من الفن قدمها بشغف وحب.
لم يُؤمن حلاوة إلا بالقدرات، وأنه لا بد أن يمتلك الفنان سمات وقدرات تجعله جديرًا بمحبة الناس واحترامها، وأنه بإمكان الفنان تمثيل أدوار بجملة أو جملتين، بحسب تصريحاته.
حب دائم للتعلم
في أحد حواراته، قال إنه لا يشجع دخول أحد الوسط الفني ما لم يكن يمتلك موهبةً كبيرةً غير محدودة وشغفًا حقيقيًا، للدخول في صراعات داخل النفس ليتميز وينفرد، وآمن الراحل بضرورة تنوع مطالعات الفنان بين جميع الثقافات والقراءات، كالقراءة في علم النفس والاجتماع مرورًا وانتهاءً بقراءة الواقع التي تسهم في فهم الفنان لـ”مضمون الشخصية” التي سيؤديها.
كان حلاوة محبًا دائمًا للتعلم، وأعلن أنه يمكن أن يتعلم من الشباب دون أن يجد حرجًا في ذلك. وتأثر بالعديد من الفنانين، منهم “زكى رستم، ودانيال لويسيس، وصلاح منصور، ونور الشريف، وعبد الفتاح القصري، وزينات صدقي، وعبد السلام النابلسي”.
درجات علمية متنوعة
تخرج حلاوة، المولود في 7 يناير 1949، من كلية هندسة الاتصالات عام 1969، وحصل على شهادة الدبلوم من معهد ليوناردو دافنشي في قسم الديكور، والتحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية لينال درجة البكالوريوس بالتمثيل والإخراج.
ونال الراحل درجة الدكتوراه من جامعة الفن المسرحي والسينما في بوخارست، عن رسالته “تقنيات إخراج الكوميديا في المسرح المصري المعاصر” عام 1994. وعمل أكاديميًا وأستاذًا محاضرًا بالمعهد العالي للفنون المسرحية، ودرّس خلالها التمثيل والإخراج، ودرّس المسرح بكليات التربية، وعمل مخرجًا بالمسرح القومي، ومشرفًا فنيًا لمسرح الطليعة.
مسيرة فنية
في مطلع السبعينات، بدأ ابن شقيق الفنان الراحل فايز حلاوة مسيرته الفنية، من خلال دوره في مسرحية “السيرك الدولي”، ثم قدم دور الدكتور منصور في فيلم “بنت اسمها محمود” (1975)، فضلًا عن دور بيخور شطريت الضابط في الجيش الإسرائيلي في الجزء الثاني من مسليل رأفت الهجان، والذي يعتبر الأبرز في مسيرته، لتتوالى أعماله الفنية ويتميز بصوته وأدائه.
ألف حلاوة وأخرج العديد من المسرحيات التي مثلت مصر في مهرجانات عالمية، وحاز عديد من الجوائز الفنية، وترك سجلًا زاخرًا بالأعمال الفنية، فعلي صعيد السينما يضم سجله حوالي 32 فيلمًا، وعلى الشاشة الصغيرة تجاوزت أعماله 77 عملًا.
نحات ومصمم عرائس
في لقاء مع إسعاد يونس، أوضح الراحل أنه مصمم عرائس، ونحات، قائلا: “توجد مراحل في حياتي علمتني هذه الأشياء، منها أمي التي كانت تحضر الخيط وتصمم لي أراجوزًا لأني كنت شقيًا جدًا، فكانوا يحضرون الأطفال إلى البيت حتى لا اتسبب في مصائب في الخارج”.
وأضاف: “كان الأطفال يشاهدون الأراجوز الذي اصنعه، وأيضًا في مركز شباب الجزيرة تعلمت من خبراء من التشيك فن العرائس”، وقدم الراحل 4 مسرحيات عرائس، منهم مسرحيتان مثلوا مصر في المهرجان التجريبي وكرمته عنهما التشيك.
رحل قبل مشاهدة آخر أعماله
لم يمهل القدر، الفنان الراحل لمشاهدة آخر أعماله وهو فيلم “الجواهرجي” المرشح للعرض في موسم عيد الفطر، بطولة محمد هنيدي، ومنى زكي، والذي انتهى من تصويره قبل مروره بأزمته الصحية ودخوله المستشفى، ويجسد خلاله شخصية والد منى زكي المتزوجة من هنيدي، وتنشأ بينهم العديد من الموافق الكوميدية.
وشارك أحمد حلاوة في دراما رمضان العام الماضي من خلال مسلسل “الاختيار 2″، و”هجمة مرتدة”. وكان الراحل أعلن أنه لا يحب المسلسلات متعددة الأجزاء، ويميل إلى الإضافات الجديدة كونها تعطي الفنان خبرة وفرصة لامتاع الجمهور بما يُقدمه، فضلًا عن الشخصيات الموجودة على الورق.
قرار الاعتزال.. وسكينة الشعراوي
في فترة من الفترات، قرر حلاوة عدم الاستمرار في مجال الفن، وذهب إلى أحد الفنانين الملتزمين، وتوجها إلى الداعية الإسلامي الراحل الشيخ محمد متولي الشعراوي. حينها قال له الشعراوي وكان ممسكًا ببرتقالة وسكينة: “الفن مثل السكينة إما تقشر بها برتقالة وتستفيد بفيتامين سي أو تقتل أحدًا، المشكلة ليست في السكينة لكن فينا، إحنا اللي بنختار الطريق اللي نمشي فيه وما نقدمه وهل ينفع الناس أم لا”.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=1097885