الباحث التاريخي لمسلسل «جزيرة غمام» يكشف لـ«رؤية» كواليس اختيار الأزياء وتاريخ الشخصيات

حقق المسلسل المصري “جزيرة غمام” نجاحًا كبيرًا في موسم رمضان 2022، ويتناول العمل الدرامي حكاية أهل جزيرة معزولة في بدايات القرن الـ20.

ويستقر في هذه الجزيرة أناس من الغجر، للسيطرة عليها، وكان للباحث التاريخي لمساته الواضحة في أحداث المسلسل. ويتحدث الباحث، أيمن عثمان لـ”شبكة رؤية الإخبارية”، عن كيفية استعداده للمشاركة بالمسلسل، والمراجع التي استند إليها، وكواليس العمل مع طاقم المسلسل.

جزيرة غمام وعالم الغجر

عُرض سيناريو المسلسل عليه، يناير الماضي، فكّر وقتها في الاعتذار، لأن تجربته السابقة كباحث تاريخي لم تكن الأفضل، فشارك عثمان في مسلسل الفتوة عام 2019، وحدثت مغالطات تاريخية دون العودة إليه، ويبدو أن خبرة عثمان في البحث التاريخي، فهو مؤلف موسوعة تراث مصري وأنتج العديد من الأفلام الوثائقية، كانت كفيلة بأن يعرض عليه المخرج حسين المنياوي، التعاون معه في مسلسله الجديد.

وما إن قرأ السيناريو، الذي ألفه السيناريست عبد الرحيم كمال، حتى بدأ الإعداد. وكان التحدي الأكبر بالنسبة إلى عثمان هو الإلمام بعالم الغجر فيقول: “قمت ببحث ضخم، وعدت إلى كتاب أمتلكه هو الشوارع الخلفية للقاهرة، ويحتوى على جزء مرتبط بالغجر، وكان لدي أبحاث قديمة في أعوام 1915 و1920، وعبر تلك الأبحاث وصلت إلى اللغة الخاصة بهم وأزيائهم، كذلك عاداتهم وتقاليدهم والمهن التي يشغلونها”.

مقال هيكل عن الغجر

سعى عثمان أيضًا إلى البحث عن مقال مهم للصحفي محمد حسين هيكل فيوضح: “في بدايات هيكل الصحفية سافر إلى قرية سنباط المعروفة بأنها معقل الغجر”، وبالفعل توصل عثمان إلى المقال المهم الذي حاور فيه هيكل رجلًا كبير السن ولديه بنات يعملن كغازيات، وقال عثمان إن طارق لطفي الذي يؤدي دور رجل غجري يسمى خلدون، اهتم كثيرًا بالقراءة عن عالم الغجر.

وأضاف “وفرت لطارق لطفي بالفعل عددًا من المقالات والكتب النادرة أهمها كتابات د.سيد عشماوي ومقال هيكل المنشور في الأربعينات، واتفقنا بعد ذلك أعلمته أن للغجر مفردات خاصة بهم”، ولمع لطفي في أداء شخصية خلدون. ويشير عثمان إلى التفاصيل الخاصة بعالم الغجر فيقول: “معروف عنهم أن الفتاة إذا أحبت رجلًا ليس منهم تقتل، وأن النساء لديهم هن من يعملن والرجال تهتم أكثر بالجلوس في المنزل”.

إشادة بملابس وإكسسوارات المسلسل

ما الدور الذي يقوم به الباحث التاريخي بالضبط؟ يقول عن ذلك عثمان إنه يتأكد من كل التفاصيل الخاصة في المسلسل من ديكور وأزياء ولغة، ويدقق في كل مجريات المسلسل تاريخيًّا، وبالإمكان اقتراح مشاهد جديدة “اقترحت مشهدًا لفرح داخل القرية، لأن القرية معزولة وبالتالي يجب أن يراهم المشاهد في جميع المناسبات مثل الفرح والعزاء”.

وأشاد بمسلسل جزيرة غمام الكثير من المشاهدين، البعض كتب منشورات على موقع فيسبوك، وتلقاها عثمان بفرح شديد قائلًا: “أشادوا بالتفاصيل الخاصة بالملابس والإكسسوارات”، ويرجع عثمان في دعمه ومساعدته إلى مساعدة المخرج للإكسسوارات، ريم عثمان: “قبل التصوير كانت تلتقط صورًا للديكور من جميع الزوايا ونتناقش فيها”.

مسبحة العجمي وعرفات

التدقيق كان يبلغ منتهاه، كان مهمًّا التدقيق في العكاز الذي يمسكه عمدة القرية العجمي الذي يلعب دوره رياض الخولي، فيقول الباحث التاريخي للمسلسل: “العكاز الذي يستخدمه العجمي يجب أن يكون مختلفًا عن عكاز بطلان، لأنه عمدة القرية”، وبطلان هو مساعده الذي يلعب دوره محمود البزاوي، كذلك السبحة التي يمسكها الزاهد عرفات، يؤدي دوره أحمد أمين، مختلفة عن سبحة العجمي الفخمة.

ويوضح “لذلك اخترنا، أنا وريم غنيم، سبحة خشبية بسيطة خضراء اللون وذات المئة حبة لأنه رجل زاهد”. وحاول عثمان استخدام أدوات حقيقية داخل العمل، من بينها حجاب عمره 100 سنة فيقول: “هو حجاب أمتلكه، عثرت عليه بالصدفة داخل أحد الكتب القديمة، ومكتوب عليه بخط اليد عام 1911″، بالإضافة إلى أنه استخدم مصحفًا قديمًا جرت طباعته عام 1850.

الناي والربابة والطبل البلدي

أما عن الموسيقى داخل المسلسل، فقد حاول عثمان التدقيق في الآلات المستخدمة، مثل الناي والربابة المعروفة في تلك الفترة، وكذلك استخدام الطبل البلدي والمزمار، حين استقبال شخصية مهمة “كما استخدمنا المزمار في زيارة الرئيس السادات التاريخية للقرية عام 1977″، وهو المشهد الافتتاحي بالمسلسل، واستخدم أيضًا فرقة الحكواتية المعروفة داخل مقاهي بدايات القرن العشرين.

واختار الملحن المصري شادي مؤنس أغنية جمري، وهي أغنية صعيدية مناسبة للفترة الزمنية. وأشاد عثمان بتجربته في مسلسل “جزيرة غمام”، ويعتقد أن الدراما التاريخية المصرية تحتاج إلى الباحث التاريخي، وتعاونه مع كل طاقم العمل “حتى يعيش العمل الدرامي لسنوات مقبلة”.