إبراهيم عبدالمجيد يروي لـ«رؤية» سر سعادته بـ«جائزة النيل» وكواليس «ثلاثية الإسكندرية»

رنا الجميعي

في حواره يحكي إبراهيم عبدالمجيد عن أول جائزة حصل عليها، وكيف يرى الإسكندرية الآن، وأثر هزيمة 1967 في كتاباته.


فاز الكاتب والروائي المصري، إبراهيم عبدالمجيد، يوم 8 يونيو 2022، بجائزة النيل فرع الآداب، وسط حالة من السعادة والاحتفاء الكبير بين عشاقه.

عبدالمجيد من مواليد الإسكندرية عام 1946، شغل مناصب عدة بوزارة الثقافة، وتنوعت كتاباته بين الرواية والقصة القصيرة والكتب السردية، ويمتلك نحو 19 رواية و5 مجموعات قصصية، الروائي المصري يكشف في حوار مع “شبكة رؤية الإخبارية” تفاصيل كثيرة حول مشواره الأدبي؟

كيف استقبلت نبأ فوزك بجائزة النيل؟

يقول عبدالمجيد: “بعد علمي بفوزي بالجائزة غمرتني سعادة بالغة، ليس لقيمتها المادية، لكن لأنه اعتراف من بلدي بقيمة ما أنجزت، والأهم هو فرحة الناس من حولي، وتحديدًا فرحة القراء الذين لا أعرفهم، هم حشود السعادة الحقيقية، وكان فوزي في فرع الآداب، وفوز المخرج داوود عبدالسيد، في الفنون أحد أسباب التحية للجائزة نفسها من الجميع”.

وعن أول جائزة فاز بها، أضاف: “كانت الجائزة الأولى على مستوى الجمهورية في مسابقة نادي القصة في الإسكندرية، قيمتها 3 جنيهات عام 1969.. ونُشرت على صفحة كاملة في جريدة أخبار اليوم، مع مقدمة لمحمود تيمور، عنوانها: هذا قصاص موهوب، كانت أعظم دفعة للثقة بنفسي والتقدم في الكتابة”.

صاحب رواية لا أحد ينام في الإسكندرية

صاحب رواية لا أحد ينام في الإسكندرية

ماذا عن جائزة نجيب محفوظ؟

يوضح الروائي المصري، أن لم يتقدم للحصول على جائزة نجيب محفوظ، المقدمة من الجامعة الأمريكية في القاهرة، في دورتها الأولى، وأن لجنة الجائزة هي التي اختارت روايته “البلدة الأخرى” للفوز”، مشيرًا إلى أن كل الجوائز التي حصل عليها بعد ذلك كانت الفائدة في قيمتها المالية لأبنائي.

وتابع: “لكن للأسف أصابني المرض بعد آخر جائزتين كبيرتين (كتارا  والشيخ زايد).. وجائزة النيل لها فرحة كبيرة لأنها أعلى جائزة مصرية”.

متى يشعر عبدالمجيد برغبة في الكتابة؟

يقول الروائي المصري: “لا أكتب بقرار، أنا أكتب حين تريدني الرواية.. متعة الكتابة تعني أن ما تكتبه صادق.. التوحد مع الشخصيات وأحداث الرواية تعني أن لك عالمًا حقيقيًّا، وفي اللحظة التي لا أشعر فيها بمتعة الكتابة أتوقف، فهذا يعني أن الرواية ما زالت بعيدة، وهذا لم يحدث معي”، مشيرًا إلى أن القارئ بالنسبة له أهم عنصر، وأن سعادة القراء بالعمل تعني وجود الأديب في منازل وبلاد لا يعرفها.

وشغل عبدالمجيد عديد المناصب الثقافية، التي أضافت له خبرات السفر ومعرفة أشخاص مختلفين، وبيّن أن الوظيفة نفسها لا تضيف إلى الكاتب، بل تعرقله، لذلك لم “أستمر في منصب توليته أكثر من 4 سنوات، لأبتعد عن صراعات من ليس لهم في الحياة غير الوظيفة”.

رواية لا أحد ينام في الإسكندري

رواية لا أحد ينام في الإسكندرية

هل صناعة الدراما بعيدة عن فن الرواية؟

أوضح الروائي المصري، الذي تحولت له عدة روايات إلى أفلام ومسلسلات، أبرزها “في كل أسبوع يوم جمعة”، و”صياد اليمام”، أن صناعة الدراما لا تزال بعيدة عن فن الرواية، متابعًا: “يومًا ما كانت روايات الكتّاب كلها تقريبًا تتحول إلى مسلسلات وأفلام.. عرفت في طفولتي مثلًا إحسان عبدالقدوس ويوسف السباعي أولًا من خلال السينما.. الآن أجيال من الكتاب منذ الستينات ليس لهم أكثر من فيلم أو مسلسل|؟

وعن تطور صناعة الدراما يقول: “مصر قديمًا كانت تقدم عددًا كبيرًا من الأفلام والمسلسلات، تقلص العدد إلى أكثر من النصف الآن، هذا لا علاقة له بالتطور بل العكس لأن التطور في صناعة الدراما الأولى به التشجيع على صناعة الأفلام والمسلسلات”.

رواية طيور العنبر الجزء الثاني من ثلاثية الإسكندري

رواية طيور العنبر الجزء الثاني من ثلاثية الإسكندرية

ما سر “ثلاثية الإسكندرية”؟

يحكي عبد المجيد أن محافظة الإسكندرية شكلت جزءًا من روحه، وأن “ثلاثية الإسكندرية” التي تعتبر درة إنتاجه، سعى خلالها للتعبير عن التغيرات والتحولات المجتمعية داخل المدينة منذ أربعينات إلى سبعينات القرن الماضي، منوهًا بأنه استغرق 6 أعوام في كتابة “لا أحد ينام في الإسكندرية” لأني لم يشهد أحداثها.

وتابع: “بعدها فكرت كيف كانت الإسكندرية مدينة عالمية، ورغبت في الكتابة عن تحولاتها التي جعلتها مدينة سلفية وهابية، وحدث ذلك بسبب إخراج الجاليات الأجنبية بحجة العدوان الثلاثي عام 1956 الذي بدأ بعده إخراج اليهود والإنجليز والفرنسيين، ثم جاء التأميم لينهي الروح العالمية للمدينة في الثقافة والسلوك والمباني”.

هل الإسكندرية الآن مدينة عالمية أم مصرية؟

يقول عبد المجيد: “بعد الرواية الأولى بدأت في التحضير للجزء الثاني (طيور العنبر)، ورجعت إلى صحف ذلك العصر، قرأت كتبًا كثيرة عن الإسكندرية في الخمسينات، ولكثرة الشخصيات كان لا بد من جهد فني حتى لا يشعر القارئ بالارتباك، واستغرقت 3 سنوات أقل من السابقة، لأني كنت شاهدًا على الأحداث في طفولتي، وصارت الإسكندرية مدينة مصرية وفقدت تعددها العالمي”.

وأكمل: “الأمر نفسه حدث مع الجزء الثالث (الإسكندرية في غيمة)، كتبت عن إسكندرية السبعينات، بعد أن أصبحت المدينة وهابية سلفية، ولا تزال لا عالمية ولا مصرية”.

كيف يختار الكاتب موضوعًا للتعبير عنه؟

يقول عبدالمجيد: “العمل الفني قصة كان أو رواية أو شعرًا هو كيف تكتب لا ماذا تكتب، فالموضوعات نفسها لا تتغير مع الزمن، طريقة الكتابة هي التي تميز بين مدرسة أدبية وأخرى، الشكل الفني يساهم في إبراز الموضوع، ولا يجب أن يبتعد الأديب عن الفنون الأخرى مثل السينما أو الفن التشكيلي ليعرف كيف يصل إلى الصورة بطريقة أسرع من مجرد الحكي الطويل”.

نال ابراهيم عبد المجيد جائزة النيل في الآداب

نال ابراهيم عبد المجيد جائزة النيل في الآداب

كيف أثرت الفلسفة في كتاباتك؟

يوضح: “درست الرواية الفلسفية بجامعة الإسكندرية، والفلسفة تعطي للعمل أبعادًا أكبر من الفهم المباشر”، متابعًا: “أحببت الفلسفة الوجودية التي علمتني الحيرة في العالم الذي نأتي إليه بغير إرادتنا، وأحببت فلسفات غير شهيرة مثل الشكاكين واللا أدريين والفيلسوف زينون الإيلي الذي لا يرى وجودًا للزمان والمكان والحركة، وفلسفة هيجل ونيتشة، وبجانب الفلسفة تضيف الحياة أيضًا إلى الكاتب معاني فلسفية دون قراءة”.

كيف ارتبطت هزيمة 1967 بك؟

يقول عبد المجيد أن هزيمة 67 أثرت في نفسه كثيرًا، لتكون راويته الأولى بعنوان “في الصيف السابع والستين”، متابعًا: “بعدها لم تفارق الهزيمة روايات مثل الصياد واليمام والمسافات، ولو بطرق كتابية أخرى أكثر فانتازية وعجائبية، ولم يفارقني شعور الهزيمة، ما زال إحساسي القديم كطفل تركوه في الغابة يمشي معي، وبعد أن جاءت لحظة خرجنا فيها من الغابة مع ثورة يناير، انهزمت الثورة وعاد الإحساس”.

رواية السايكلوب

رواية السايكلوب

وكتب عبدالمجيد أيضًا عن ثورتي 25 يناير و30 يونيو، ففي رواية “قطط العام الفائت” كتب عن ثورة معادلة لثورة يناير قامت في بلد خيالي، ثم تسللت 30 يونيو إلى رواية “السايكلوب” و”العابرة”، وفي رواية “الهروب من الذاكرة” التي كتب فيها عن حياة أبطال خرجوا من سجن دخلوه بعد 30 يونيو.

ربما يعجبك أيضا