«عوامات النيل».. شاهد على التاريخ وثقت السينما تفاصيله

رنا الجميعي
العوامات النيلية في طريقها إلى الإزالة

لدى العوامات النيلية تاريخ ارتبط بمشاهير الفن والغناء، وظهرت في أفلام مثل ثرثرة فوق النيل والعوامة 70.


امتدت العوامات على ضفاف النيل منذ أواخر القرن 19، وانتشرت في عشرينات القرن الماضي، بعدما امتلكها الفنانون والأغنياء.

ورغم وجود العوامات في دول مثل هولندا وإيطاليا، فإنها ذات تاريخ مميز في مصر، لارتباطها بمشاهير الفن والغناء. وعوامات النيل من أهم الشواهد على تاريخ مصر، فكيف وثقت السينما تاريخها؟ ومَن أهم سكانها من المشاهير؟

تاريخ ظهور العوامات النيلية

يُرجع الباحث التاريخي، مصطفى شريف، أصل ظهور العوامات إلى ارتباط المصريين بالنيل، فيقول: “ارتبط المصريون قديمًا ببركة الأزبكية التي تحل مكانها الآن حديقة الأزبكية، واعتاد المصريون التنزه فيها، بعد ذلك ظهرت العوامات في جزيرة الزمالك في بدايات القرن العشرين، وعاش فيها المشاهير والأغنياء لقضاء حياتهم بحرية بعيدًا عن الأعين”.

وعن أشهر ساكني العوامات من المشاهير  يقول شريف: “كانت عوامة منيرة المهدية شهيرة للغاية، ولها تاريخ طويل، فقد كان يجتمع فيها الوزراء، وأشهرهم حسين رشدي رئيس الوزراء، وقيل إن الوزارات كانت تتألَّف في عوامة منيرة المهدية”، ومن ساكني العوامات النيلية من المشاهير أيضًا الفنان فريد الأطرش.

من أشهر سكان العوامات النيلية منيرة المهدية ومحمد الكحلاوي

من أشهر سكان العوامات النيلية منيرة المهدية ومحمد الكحلاوي

سكان العوامات النيلية

بمرور السنوات تقلص عددها تدريجيًّا، بحسب شريف، فكثير من العوامات تحولت إلى أندية خاصة بعد ثورة 1952، ومن أشهر مَن سكنوها أيضًا في فترات الخمسينات والستينات من القرن الماضي، الممثل محمد الكحلاوي، قبل أن يكون منشدًا دينيًّا، ويقول عنه الناقد الفني طارق الشناوي: “بعدما صار مُنشدًا دينيًّا باع العوامة أو حرقها”.

والعوامات إما سكنية يستقر فيها الشخص، وإما للتنزه والسهرات الليلية، وانتشرت شائعات عديدة تتعلق بمشاهير الفن والغناء داخل العوامات، فيوضح الشناوي لـ”شبكة رؤية الإخبارية”: “قيل إن علية القوم كانوا يشربون الخمرة في حذاء منيرة المهدية، وقيل أيضًا إنهم يشعلون سجائرهم بورقة من فئة 100 جنيه، كانت عالية القيمة وقتها”.

لا يقتصر سكان العوامات النيلية على طبقة الأغنياء فقط بل انضمت الطبقة المتوسطة أيضا

لا يقتصر سكان العوامات النيلية على طبقة الأغنياء فقط بل انضمت الطبقة المتوسطة أيضا

كيف وثقت السينما تاريخ العوامات؟

يوضح الشناوي أن العوامات تحديدًا التي يمتلكها مشاهير الفن والغناء ارتبطت بالخروج عن قيود المجتمع المحافظ، حتى إن السينما المصرية رسخت لذلك المعنى أيضًا، رغم أنه لا يعبر عن الحقيقة كاملة، ويذكر الناقد الفني بعض الأفلام التي رصدت العوامات النيلية: “ثرثرة فوق النيل عن رواية نجيب محفوظ، والعوامة 70 للمخرج خيري بشارة”.

فيلم ثرثرة فوق النيل

فيلم ثرثرة فوق النيل

 

وتلك الأفلام تحديدًا طرحت العوامات مكانًا لنقد المجتمع، خاصة نقد الطبقة المثقفة، كما يُشرّح فيلم “العوامة 70” فترة السبعينات، بما لها أو عليها، عن طريق حكاية مخرج أفلام وثائقية يصنع فيلمه الجديد، وتعد العوامة مكان الأحداث.

العوامات جزء من ثقافة مصر

يرى الناقد الفني طارق الشناوي، أن العوامات النيلية مثّلت جزءًا من الثقافة المصرية على امتداد تاريخي بعيد، وباختلاف طبقات قاطنيها، ذلك أنه لم يقتصر سكانها فقط على طبقة المشاهير والأغنياء، بل سكنها أيضًا أبناء الطبقة المتوسطة.

ويُذكر أن الحكومة المصرية أصدرت قرارها بإزالة عدد من العوامات النيلية، قالت إنها مخالفة وبدون ترخيص، لتبدأ بالفعل في إزالتها أمس الثلاثاء 28 يونيو 2022، استكمالًا لأعمال اللجنة المشكَّلة برئاسة وزير العدل، المستشار عمر مروان، وعضوية الجهات المختصة لإزالة العوامات السكنية الراسية.

ربما يعجبك أيضا