الزفاف التلمساني.. طقوس عريقة توثق تراث الجزائر

شيرين صبحي

ما هو زي الزفاف التلمساني؟ ولماذا هو أكثر الأزياء التقليدية فخامة في الجزائر؟


في ولاية تلمسان، الملقبة بـ”لؤلؤة المغرب الكبير”، طقوس خاصة بالزفاف التقليدي والزي الذي ترتديه العروس في هذا اليوم.

وهذا الزفاف ليس له مثيل في أي دولة أخرى، عربية كانت أو غير عربية، حتى إن العادات والمهارات الحرفية المرتبطة بتقاليد هذا الزي، ستحقت أن تدرجها منظمة اليونسكو عام 2012 على قائمتها للتراث الثقافي غير المادي للبشرية.

أكثر الأزياء التقليدية فخامة

 

في بيت أهل العروس، تبدأ طقوس الزفاف، فترتدي العروس فستانًا تقليديًّا من الحرير الذهبي اللون، وترتدي صديقاتها وقريباتها المتزوجات فساتين عرسهن. ويعرف هذا الزي باسم “الشدة”، ويصل وزنه إلى 15 كجم، مرصع بكثير من المجوهرات ومطرز بخيوط ذهبية.

ويرجع البعض تسمية “الشدة” إلى كون خيوطه ومجوهراته مشدودة ومتماسكة مع بعض بقوة وبشدة. وهذا الفستان من أكثر الأزياء التقليدية فخامة في الجزائر، ويتشكل من 12 قطعة متناسقة ومطرزة بخيوط ذهبية، ومرصعة بأكثر من 50 نوعًا من المجوهرات التقليدية، وتستغرق مدة خياطتها أكثر من 4 أشهر.

مكونات «الشدة»

maxresdefault 1 2

الزفاف التلمساني

 

ارتداء هذا الزي صعب للغاية لتعدد أجزائه، فالبلوزة تتمثل في فستان حريري واسع الأكمام، ومصنوع من قماش رقيق يسمى “القطيفة”، مزين بحبات من اللؤلؤ، ومطرز بخيط مغلف بالذهب أو الفضة. وفوق البلوزة توضع “السترة”، المطرزة بخيوط من الذهب والمرصعة بالمجوهرات والحلي، وتغطي منطقة الصدر.

ويلبس فوقه معطف طويل مطرز يسمى “القفطان”، يعود إلى عهد العثمانيين، ويستكمل بـ”فوطة” أو حزام. و”الشاشية” أو القبعة، هي تاج مخروطي مرصع بالأحجار الكريمة مثل الياقوت والزمرد والألماس، تعود إلى الحضارة الأندلسية، توضع على رأس العروس، وعليه مختلف أنواع القلائد المرصعة بالمجوهرات التي يطلق عليها “التعويقة”.

نقوش الحناء

أشكال مختلفة من نقوش الحناء، تزين يد العروس، التي تساعدها امرأة مسنة على ارتداء القفطان ووضع الحلي وغطاء الرأس الذي يكون على شكل قبعة مخروطية الشكل. وتتدلى فوق قفطانها صفوف متوالية من اللؤلؤ الباروكي.

ويسدل على العروس حجاب من الحرير الأصفر عند مغادرتها منزل أهلها. وفي أثناء مأدبة العرس، ترسم امرأة متزوجة أشكالًا باللونين الأحمر والفضي، من تحت الحجاب، على خديها وتحت شفتها السفلى من أجل تطهيرها وحمايتها.

موكب الزفاف

tywe12

الزفاف التلمساني

 

عند وصول موكب الزفاف تنزل العروس ومن معها إلى بيت العريس، وسط الحاضرين. وتعيد بعض قريبات العريس تزيين وجهها بالمساحيق التي أحضرها لها زوجها، وتشكيل رسم دائري أحمر على وجنتيها وتضع فوقه سبعة نقاط بيضاء، ويعتقد أن الصبغة الحمراء إشارة إلى الحياء والاحتشام.

أما النقاط البيضاء فهي رمز للنقاء والصفاء والفرح، وبعد تزيين العروس، تمر على المدعوين برفقة امرأتين، وعيناها مغمضتان، ثم تعيد المنديل على وجهها حتى يصل العريس ويكشفه. ويرمز غمض العينين، إلى الاحتشام والحياء، وفي اعتقاد البعض أنه كي لا تصاب العروس بالعين والحسد.

نكهة متفردة للزفاف التلمساني

يتسم الزفاف في تلمسان بنكهة متفردة وهي ركوب العريس الفرس، وهو يرقص على نغمات الطبل والمزمار، ويطوف الموكب حول أزقة المدينة حتى يصل إلى الدار، ثم تدق الطبول والزغاريد، ويطلق البارود، ثم ينزل العريس عن الحصان ويدخل إلى البيت حيث توجد العروس.

وتعد عادة ركوب الفرس في أثناء الزفة فأل خير في اعتقاد أهالي تلمسان، لأن ذلك يرمز إلى الخير والرجولة والشجاعة والكبرياء، والبسالة والإقدام، ما يبعث الطمأنينة في نفس زوجته التي ستكون في عصمته وتعيش في حمايته، وفقًا لمجلة “الثقافة الشعبية”.

ربما يعجبك أيضا