الموضة في زمن الحرب.. عندما تصبح الأزياء بطاقة هوية

أماني ربيع

كان للشرق تأثيره على حركة الموضة في أوربا قبل وقت قصير من اندلاع الحرب العالمية الأولى، وتحولت الموضة بالكامل نحو إطلالات أكثر جرأة


الأزياء ليست مجرد أقمشة تغطي الجسد، فهي لسان يعبر عن هوية من يرتديها وعنوانًا لخلفيته البيئية والثقافية، لذا كان تطور موضة الأزياء عبر السنين جزءًا من تطور المجتمعات.

وأحدثت الحرب العالمية الأولى التي استمرت بين عامي 1914 و1918 طفرة في أزياء النساء، وتزامنت تلك الفترة مع ظهور حركات حق المرأة في الانتخاب، ثم تلاها فترة الحرب العالمية الثانية التر تركت آثارها على على الموضة وأسلوب حياة الناس ككل.

fe edwardian

الطراز الإدواردي للأزياء

edwardian ladies w g phillips

الموضة.. من ضيق «الإدواردي» إلى جرأة الشرق

حتى ذلك الوقت كانت نساء أوروبا يرتدين ملابس على الطراز الإدواردي، في إشارة إلى ملك بريطانيا، إدوارد السابع، الذي توفي عام 1910، لكن في عام 1914، ألغى مصمم الأزياء، بول بوبارت، النمط السائد بارتداء الكورسيهات الضيقة التي كانت تقيّد حركة المرأة، بحسب موقع بيلا توري.

وكان للشرق تأثيره على حركة الموضة في أوربا قبل وقت قصير من اندلاع الحرب العالمية الأولى، وتحولت الموضة بالكامل من الإطلالات الرومانسية إلى إطلالات أكثر جرأة مستوحاة من تركيا ودول المشرق وآسيا بأقمشتها الناعمة وطبعاتها الجريئة التي تعبر عن حيوية الطبيعة.

beginning of modern fashion 1920s women fashion 4 1 Copy 1920s fashion 248788 1518038415063 image.700x0c Copy

الموضة من باريس إلى نيويورك

قبل الحرب، قادت العاصمة الفرنسية باريس عالم الموضة، لكن مع احتدام القتال، وانقطاع الاتصال بين الولايات المتحدة وأوروبا، برزت مدينة نيويورك لمقر جديد لعالم الأزياء بتصاميم عصرية تجمع بين الأنوثة والعملية، مدفوعة بتولي النساء وظائف الرجال الذين انتقلوا إلى الجبهات.

وأصبحت الفتيات اللاتي عملن في السابق خادمات في المنازل، عاملات في المصانع، وشاركن في الأعمال الإدارية، وعملن ممرضات وفي المزارع، وانضم بعضهن للجيش كذلك، هذه الصورة الجديدة للمرأة، وابتعادها عن الأدوار التقليدية للجنسين، جعل النساء يظهرن على الطريق كسائقات للسيارات، وطالبن كذلك بحق التصويت في الانتخابات.

WWII

جين باكين أول مصممة أزياء عالمية

كانت أول امرأة تكتسب شهرة عالمية في عالم الموضة، هي جين باكين التي صنعت أزياء تناسب المرأة الجديدة الأكثر نشاطًا، وأضافت للتنورة الضيقة التي تحد حركة النساء طيات لسهولة الحركة، وتطلبت المهن التي عملت بها النساء وقت الحرب، ارتداء ملابس أكثر عملية تضمنت البناطيل، وكذلك طالت الأزياء في تلك الفترة لمسة عسكرية، فظهرت سترات بأحزمة وأكتاف عسكرية.

MTc0NTAwNjE3OTE2NTg5NDE2 قب

مع اندلاع الحرب عام 1914 أصبح ينظر لاستخدام الكثير من القماش باعتباره إهدارًا، وانطلقت دعوات لاستخدام أكثر تحفظًا للقماش. وساد أسلوب حياة أكثر بساطة، فصارت السيدات يستخدمن مجوهرات أقل، وتخلصت الملابس من الطابع الإدواردي الصارم، فأصبحت التنانير أقصر والألوان رصينة وباهتة.

ظهور عروض الأزياء لأول مرة

مثلت عروض الأزياء في تلك الفترة ظاهرة جديدة، وبدأ المصممون في العمل على تصميم مجموعات لها طابع خاص، ليظهر أول عرض أزياء عام 1911 بتوقيع بول بوارت، على المسارح وفي المتاجر الكبرى بأوروبا وفي المؤسسات الخيرية، وأخذ عرضه المتنقل عام 1913 إلى الولايات المتحدة، وسرعان ما تبعه مصممون آخرين.

Q 030395 Copy

4d694abc578600c256b2e99b1336c238

Q 109830 Copy Q 027894 Copy

قدمت الحرب العالمية أسلوبًأ جديدًا للمعاطف هو “الترينش” الذي أصبح قطعة كلاسيكية لباقي القرن وما بعده، وجاء هذا المعطف بعد أن تطلبت الحاجة إلى معاطف تناسب جميع الأحوال الجوية أسلوبًا ونسيجًا جديدين.

وحصلت “بربري” في لندن على براءة اختراع لنسيج يسمح للجسد بالتنفس في أي طقس، وهو عبارة عن جبردين قطني ناعم معالج كيميائيًّا كان مخصصًا للاستخدام العسكري، ليصبح بعدها معطف الترنش عنصرًا أساسيًّا في إطلالات الرجال والنساء.

fr 2

معطف الترينش الكلاسيكي

الحرب لم تعنِ نهاية الموضة

c84ebacc4a6717593d81786f38dfbc89

وتسببت سنوات الحرب الصعبة إلى جانب الآثار المدمرة لوباء الإنفلونزا عام 1918 في إنهاك العالم، وكان التعافي صعبًا، وشاعت أجواء مرارة مشبعة بالسخرية في زمن السلم ما خلق نوعًا جديدًا من الثقافة، تجلى في أسلوب العشرينيات الصاخب في الملابس والموسيقى، وظهور وازدهار موسيقى الجاز.

IMGP0890 540 5714340cd307b6db739d6d296998ba0e

الحرب العالمية الثانية وتطويعها تجاريًّا

2 6

مع اندلاع الحرب العالمية الثانية، وزعت الحكومة البريطانية أكثر من 40 مليون جهاز تنفس خوفًا من تهديد محتمل بحرب الغاز، ونصحت المواطنين بحمل الأقنعة معهم دائمًا.

وفي البداية كانت الأقنعة تطرح في صناديق من الورق المقوى مع سلسلة لحملها على الكتف، ثم حاول مصممو الإكسسوارات استثمار ذلك لصالحهم، وبحثوا عن حلول أكثر جاذبية، فصنعوا حقائب يد بها جيب خاص لقناع الغاز، بحسب متحف إمبريال وور

5

6

إكسسوارات مضيئة لمنع حوادث التصادم

خلال الحرب العالمية الثانية، حثت الحكومة البريطانية مواطنيها على تغطية مصادر الإضاءة كافة بما فيها السيارات، في ظل غارات الطيران النازي المكثفة، لكن الظلام الدامس زاد من الحوادث المرورية.

لجأ المواطنون إلى ارتداء الملابس البيضاء ليصبحوا مرئيين للسائقين والمشاة، ثم ظهر التفكير في تصميم إكسسوارات مضيئة من الزهور المثبتة في حقائب اليد التي تعكس الضوء، فضلًا عن الأزرار التي تتوهج في الظلام.

3

استمرار قيود التقشف رغم الرفض الشعبي

اعتبارًا من 1 يونيو 1941، قننت بريطانيا شراء الملابس، وهو الإجراء الذي حد من كمية الملابس التي يمكن للناس شراءها، لمدة 4 سنوات، فوضع القرار حدًا للشراء إلا أنه لم يحجم التصميم الإبداعي أو الاتجاهات العصرية في البلاد.

صنعت الملابس في ذلك الوقت وفقًا لشروط عرفت باسم “لوائح التقشف”، وبحسب ما تشير التقديرات، فإن هذه القرارات وفرت نحو 5 ملايين متر مربع من القطن، وكان التركيز الأكبر ليس على التصميمات، إنما على توفير ملابس تدوم لوقت أطول دون أن تبلى.

9 8 1

ربما يعجبك أيضا