«جو دوج».. أطفال يغازلون عالم الرفق بالحيوان بمشروع لتمشية الكلاب

ورقة مطبوعة انتشرت في شوارع مدينة الغردقة تقول: “هنمشي كلبك واشتري وقتك”، تصميم بدائي ولوجو وشعار يوضح الفكرة في إيجاز وبساطة.

وكانت المفاجأة عند اتصال المهتمين بالإعلان ليجدوا فتاة صغيرة ترد على أسئلتهم وتتحدث بطلاقة حول تفاصيل العناية بالكلاب، فاندهش المتصلون من لباقة جاسمين صاحبة فكرة مشروع “جو دوج”، وفريقها وتعاملهم بوعي وفهم مع المهمة رغم سنهم الصغيرة.

الشغف بالحيوانات يتحول إلى مشروع

أنهت جاسمين امتحانات الصف السادس الابتدائي في مايو الماضي، ولم تضع الفتاة التي تعشق الحيوانات والكلاب على نحو خاص الوقت، وقررت تحويل شغفها إلى مشروع يحقق حلمها الطفولي في رعاية الكلاب، بدأت نواة المشروع من منزلها في اجتماع مصغر مع صديقتها حلا وشقيقتها كادي، وخلال وقت قصير اتفقن على تفاصيل المشروع.

ولم تلتفت الفتاة ذات الـ11 عامًا إلى رفض والديها، وقررت إقناعهم بطريقة عملية، وهي تنفيذ ما تريده وإثبات مدى حبها لما تفعله، واستعان الفريق بنقودهم القليلة، فتبرع الأخ الأصغر عبدالرحمن صاحب الـ9 سنوات بـ50 جنيهًا هي كل ما يملك، في حين قدمت كادي 25 جنيهًا، وصُرف المبلغ على طباعة ورقة الإعلان عن المشروع باللوجو المميز الذي صممته الصديقة يارا.

دعم المشروع لحملة للرفق بالحيوان

كيف دعم المشروع حملات الرفق بالحيوان؟

تحولت الأم، أميرة حسين، التي كانت رافضة للمشروع إلى أكبر داعميه، ولم تستطع مقاومة الحماس الطفولي، وهذا الصدق الذي غلف رغبة ابنتها وإصرارها من أجل تحقيق ما تريد. وقالت لـ”شبكة رؤية الإخبارية”: “قررت تنفيذ التيشيرتات المطبوعة بلوجو الفريق الذي صممته يارا، وعليه أسماؤهم”.

أطفال يؤسسون مشروعًا للاهتمام بالكلاب

ترجع والدة جاسمين نجاح المشروع وشهرته على مواقع التواصل خلال أيام معدودة إلى صدق الأطفال في ما يفعلون، وانتقل هذا الصدق لكثيرين ممن شاهدوا الإعلان، وسعت العديد من دور الحضانة في الغردقة إلى دعوة جاسمين وأصدقائها للحديث عن أهمية الرفق بالحيوانات، وكيفية رعايتها. وتحولت فكرة المشروع إلى حملة مصغرة تحدث فيها الأطفال ومن واقع تجربتهم الخاصة.

استثمار الإجازة الصيفية

تشعر السيدة أميرة حسين بسعادة كبيرة لتفكير ابنتها وأصدقائها خارج الصندوق، في الوقت الذي يعيش فيه أقرانهم مع الهواتف المحمولة وأجهزة التابلت، فضل الأبناء الانخراط في المجتمع وتحويل الإجازة الصيفية إلى فرصة لزيادة خبراتهم، وممارسة عمل يحبونه.

أطفال مشروع جو دوج

ولا تعد فكرة المشروع غريبة على جاسمين ابنة المرشدة السياحية في الغردقة، وعودت أبناءها على حب الحيوانات منذ الصغر، وتقول الأم لـ “شبكة رؤية الإخبارية”: “عندما أعثر على أي حيوان صغير بلا مأوى أحمله إلى المنزل، وأحيطه بالرعاية والاهتمام، وعندما يكبر أمنحه للتبني لعائلات تحب الحيوانات، فنشأ الأطفال وهم يدركون قيمة الحيوانات كروح مسؤولون عنها، وواجب عليهم حمايتها”.

لغة خاصة مع الحيوانات

كانت جاسمين مختلفة عن أخويها حلا 14 سنة، وعبدالرحمن 9 سنوات، في حبها للكلاب، وطورت لغة خاصة مع الحيوانات، مكنتها من التعامل مع أي نوع كلاب مهما كانت شراسته. وتقول الأم: “الكلاب حيوانات حساسة، وتستشعر الصدق وتتفاعل معه، لذا جاسمين ناجحة للغاية في ترويض الكلاب”.

أطفال مشروع جو دوج 2

سمحت حياة جاسمين مع أسرتها في محافظة الغردقة على ساحل البحر الأحمر، تنمية حبها للكلاب لأن المنطقة مليئة بالسياح والأجانب الذين يريدون تمشية كلابهم بينما يذهبون للاسترخاء على الشاطئ. ونتيجة لتعامل الصغيرة مع الأجانب بحكم وظيفة والدتها، اتسمت شخصية جاسمين بالجرأة والحسم رغم سنها الصغيرة، ما نجح في إشعال حماس العائلة كلها للمشاركة معها.

تجاوب كبير مع مشروع “جو دوج”

عندما نزل الأولاد بأنفسهم إلى الشارع لتوزيع ورق الإعلان في الشوارع المحيطة بالمنزل وعليها أرقام للاتصال، لم يتوقعوا هذا التجاوب السريع مع المشروع، وتلقوا اتصالات كثيرة من الغردقة ومحافظات القاهرة والإسكندرية يريدون الاعتناء بكلابهم، بخلاف العديد من الأطفال الذين أرادوا المشاركة في العناية بالكلاب.

مشروع جو دوج.. الفطرة التي دعمت الرفق بالحيوان

أبدى العديد من أصحاب مزارع الكلاب أيضًا رغبتهم في التعاون مع مشروع “جو دوج”، ودعا صاحب إحدى مزارع الكلاب أطفال مشروع “جو دوج” إلى حدث خاص، وفوجئ بتجاوب الحيوانات مع الأطفال، وعرض عليهم أن يعملوا مع الحيوانات نظرُا لافتقار هذه النوع من المزارع للأيدي العاملة، ووجد أن الأطفال أنسب لهذه المهمة لما لديهم من طاقة وحماس.

صاحب مزرعة يدعم مشروع جو دوج

هل يتحول «جو دوج» إلى تطبيق ذكي؟

نجاح إيفينت مزرعة الكلاب بالغردقة، دفع العديد من المزارع منها مزرعة في الجونة لطلب إيفينت مع مشروع “جو دوج”، ويسعى  الفريق حاليًا لتحول نحو منظومة عمل أكثر احترافية، ويفكر في إنشاء تطبيق يجمع الأطفال المهتمين برعاية الكلاب، ويربط بينهم على اختلاف المحافظات التي يقطنوها، وتقول والدة جاسمين: “نريد تنفيذ تطبيق بتكلفة بسيطة حتى يشمل المشروع محافظات أكثر، وما زلنا نبحث عن طريقة”.

أبليكيشن للاهتمام بالكلاب

تحلم جاسمين بأن يتوسع مشروعها الصغير ويشمل كل محافظات مصر، وكذلك تتمنى أن تستكمل رحلتها وشغفها بالحيوانات بدراسة الطب البيطري، لتستطيع توفير الحماية والرعاية للحيوانات على نحو علمي.