بينهم السدانة والزمازمة والطوافة.. جنود مجهولون لخدمة ضيوف الرحمن

تُعد خدمة ضيوف الرحمن وتسهيل أداء مناسك الحج عليهم من الأمور المقدسة في السعودية، وأُوجدت مهن منذ القدم ارتبطت بموسم الحج.

وتعود المهن المرتبطة بالحج إلى زمن بعيد، ولا يزال بعضها موجودًا حتى الآن، وتطور البعض الآخر محافظًا على مكانته التاريخية في الوقت الذي نشهد فيه أحدث التقنيات لتوفير أجواء هادئة لزوار بيت الله الحرام.

السدانة.. أمانة بأمر من النبي

باب الكعبة

في عهد نبي الإسلام محمد بن عبدالله، نشأت مهنة السدانة وهي مهنة تعني بخدمة الكعبة، فيحمل أصحاب هذه المهنة المعروفون بـ”آل شيبة” مفاتيح الكعبة المشرفة في تقليد توارثوه منذ القدم.

مفتاح الكعبة

شرّف النبي ﷺ سلالة أبي طلحة بحمل مفاتيح بيت الله الحرام بعد فتحه مكة، واعتبرها أمانة وضعت على عاتقهم، ومنذ حينها توارثت أجيال سلالة أبي طلحة المهنة حتى اليوم، ويهتم أصحابها بنظافة كسوة الكعبة وإصلاحها، وغسل الكعبة وإغلاق بابها، واليوم أصبحت صناعة كسوة الكعبة مسنودة إلى شركة خاصة، ويتولى السادن الإشراف على تركيب الكسوة.

الزمازمة.. سقاية ضيوف الرحمن

الزمازمة قديمًا

من المهن المرتبطة بالحج التي تطورت منذ نشأتها “الزمازمة”، ويعني أصحابها بسقاية حجاج بيت الله من ماء زمزم، وقُسم الزمازمة لعائلات تولت كل عائلة خدمة حجاج دولة معينة في مكان مخصص، واستمر هذا حتى عام 1964 في عهد الملك فيصل بن عبد العزيز الذي أصدر أمرًا بتوحيد جهود الزمازمة لتحسين الخدمات، وأنشأ مكتب الزمازمة الموحد بمكة لخدمة كل الجنسيات.

اقرأ أيضًا: انخفاض تكلفة حجاج الخارج 39%.. ما السبب ؟

مناسك الحج كاملة بالترتيب

كان “الزمازمة” ينقلون الماء من بئر زمزم ويضعونه في أوعية فخارية تحافظ على برودته ويوزعونه على الحجاج وينظمون عملية السقاية، وكانوا يبخرون أوعية الفخار بالمستكة ويملئون الدوارق ليصبوا منها الماء في أكواب نحاسية تقدم للحجاج، ويحرص كل زمزمي على تعليم دوارقه الخاصة بأهل بلد معين بعلامة مميزة من شمع العسل والرماد حتى لا تضيع.

الزمازمة اليوم

الزمازمة اليوم

ويحرص الزمازمة اليوم على توصيل الماء وفقًا للتقنيات الحديثة في التعقيم والتعبئة والتوزيع، فتعبأ المياه آليًّا، ويوزع في عبوات بلاستيكية، ولم تعد المهنة قاصرة على الرجال، وتعمل بها الآن النساء أيضًا.

الرفادة.. قريش تطعم زوار البيت الحرام

الرفادة لإطعام فقراء الحجاج

اهتم أصحاب مهنة “الرفادة” بإطعام الحجاج الفقراء، وتعود المهنة إلى زمن ما قبل الإسلام، وكانت قريش قبيل موسم الحج تجمع الأموال من وجهائها لهذا الغرض.

اقرأ أيضًا: إنفوجراف| مناسك الحج كاملة بالترتيب

وأول من تولى الرفادة كان قصي بن كلاب الذي طلب من أثرياء قريش كل عام التعبير عن كرم ضيافتهم لضيوف الكعبة، فيدفعون إليه ليصنع الطعام للفقراء في الحج، ومن بعده أصبحت الرفادة في بني نوفل، ثم بني هاشم.

الطوافة.. دليل زوار البيت الحرام

مهنة المطوف في الحج

الطوافة أيضًا من المهن التي تعود إلى جد الرسول ﷺ عبد المطلب بن هاشم، وكانت قديمًا مرتبطة بالسدانة، ثم انفصلت عنها، دور المطوف هو نقل وإرشاد الحجيج إلى الطريق للمشاعر المقدسة بدءًا من لحظة دخول مكة حتى مغادرتها، وقسم المطوفون قديمًا 3 طوائف كل طائفة تخدم بلادًا معينة مثل مطوفي العرب والفرس والأتراك والأفارقة، والهند وباكستان.

اقرأ أيضًا: صورة من الحج.. مبادرة لنشر مشاعر الحجاج

وبدأت مهنة الطوافة بجهود فردية تطوعًا لتيسير المناسك على الحجاج، وشهدت تطورًا في عهد مؤسس السعودية، الملك عبد العزيز آل سعود، عند دخوله مكة عام 1343 هجرية، وعمل على تأمين طرق الحجاج وجعل مهنة الطوافة منحصرة في أبناء مكة، وفيما عُرف بـ”بلاغ مكة” الذي نشر عام 1924 في جريدة أم القرى، ضمن حقوق أصحاب المهنة والإبقاء على رواتبهم.

كشافة الحج.. تطوع واحتراف

كشافة الحج

خلال 61 عامًا تمكنت جمعية الكشافة العربية السعودية من تطوير جهودها في خدمة الحجاج من مجرد عمل تطوعي بدأ في نهاية سبعينيات القرن العشرين إلى مهنة احترافية.

وبدأت مهنة الكشافة على يد 100 من كشافة مكة بهدف خدمة الحجاج في المشاعر المقدسة وتأمينهم حمايتهم من الضياع في الطرق، ثم انضم إليهم كشافون من جدة والطائف، وبعد ذلك تعاونوا مع جمعية الهلال الأحمر السعودي لتقديم الخدمات الطبية، وهي مهنة تحتاج لإجادة صاحبها للغات مختلفة لخدمة الحجاج من كل الجنسيات، ويشارك فيها آلاف الكشافين سنويًّا.