تمثال أبوالهول.. تاريخ من العظمة والخرافة

رنا الجميعي
تمثال أبو الهول يقع في منطقة الأهرامات بالجيزة

يعتبر تمثال أبوالهول أقدم تمثال في الحضارة المصرية، وأحيطت بها شائعات كثيرة كان آخرها إغماض عينيه، ولكن ما السر وراء العظمة الحضارية للتمثال؟


تداول رواد مواقع التواصل شائعة حول إغماض تمثال أبوالهول عيونه، وربطها البعض بقرب كارثة ما، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه من الملك صاحب تلك العيون، وما الخلفية التاريخية الخاصة بالتمثال.

يعد تمثال أبوالهول الذي ينتمي لعصر الأسرة الرابعة في منطقة الأهرامات بمحافظة الجيزة المصرية، أقدم تماثيل الحضارة المصرية القديمة، ويرجع تاريخه إلى نحو 4600 عام، وهو تمثال لمخلوق أسطوري بجسد أسد ورأس إنسان، منحوت من الحجر الجيري، ويرمز الهول إلى القوة.

شكل العينين يعود للملك خفرع

أستاذ الآثار والديانة المصرية القديمة بجامعة القاهرة، الدكتور ميسرة عبدالله، كشف لـ”شبكة رؤية الإخبارية” أن الدلائل التشريحية تشير إلى أن شكل العينين يعود إلى الملك خفرع، وأن تمثال أبوالهول يرمز للإله “حور إم آخت” الذي يحرس مدخل العالم الآخر.

وبجانب العينين فإن التمثال لديه لحية رُكبت في عصر الدولة الحديثة، كما يذكر أستاذ الآثار، وتتوزع أجزاء من اللحية بين المتحف المصري والمتحف البريطاني ومتحف تورينو. وبين عبد الله أن التمثال كان لديه تاج أعلى رأسه مفقود، مدللًاعلى ذلك بوجود تجويف داخل الرأس.

منطقة الأهرامات كانت منطقة محاجر

أشار أستاذ الآثار والديانة المصرية القديمة، إلى أن منطقة الأهرامات كانت موقع للمحاجر، مما يعني أن تمثال أبوالهول بُني من تلك الحجارة، بالإضافة إلى حجارة تنتمي لمحاجر منطقة طرة انتقلت عبر ميناء كان موجودًا أمام الهرم الأكبر، منوهًا بأن منطقة الأهرامات كانت عبارة عن محجر رئيس، أغلقه الملك خفرع بعد ذلك، حتى يعيد استخدامه كمقابر لكبار الدولة.

تماثيل أبوالهول

تمثال أبوالهول ليس الوحيد في منطقة الجيزة، فيقول دكتور عبدالله إن المصريين القدماء اعتادوا نحت تماثيل أبوالهول، ويوجد تماثيل عدة أمام المعابد والمداخل الرئيسة وفي الممرات التي تسير فيها المواكب مثل طريق الكباش.

وأكمل : “يعود أقدم تمثال لأبوالهول لعصر ما قبل الأسرات واستمر في الظهور خلال عصور الدولة القديمة والوسطى والحديثة، ويرمز للملك الحي الجالس على العرش، وأيضَا للإله شو، وهو اسم آخر للإله حور إم آخت.

تمثال أبو الهول يقع في منطقة الأهرامات بالجيزة

تمثال أبوالهول الغربي وآخر شرقي

لكن هل كان يوجد تمثال أبوالهول آخر بنفس الضخامة؟ يجيب أستاذ الآثار بجامعة القاهرة عن ذلك بقوله: “بالفعل كان يوجد تمثال آخر بنفس الحجم على الضفة الشرقية لنهر النيل بالقرب من متحف الحضارة الآن”، وظل التمثال الشرقي قائمًا حتى عصر السلطان محمد بن قلاوون أحد سلاطين الدولة المملوكية.

هدم السلطان محمد بن قلاوون التمثال الشرقي، لاستخدام حجارته في البناء، ويوضح أستاذ الآثار، أن كثير من المؤرخين ذكروا تلك الواقعة من بينهم المؤرخ المقريزي وابن إياس وابن عبد الحكم، مضيفًا: “المؤرخون شددوا على ثورة المصريين على هدم التمثال الشرقي لاعتقادهم أنه يحمي مصر من الفيضان، كما اعتقدوا بحماية التمثال الغربي لمصر من العواصف”.

تقديس تمثال أبوالهول

شح الفيضان في ذلك العام وتعرض مصر لمجاعة أكد الأسطور، وبسبب ذلك لم يهدم السلطان التمثال الغربي خوفًا من أن تدفن في مصر في الرمال، وبسبب تقديس البسطاء للتمثال كسر رجل صوفي يدعى محمد ابن صائم الدهر عاش بالقرب من هضبة الجيزة خلال الدولة الفاطمية أنف أبوالهول، وأرجع عبدالله ذلك إلى ربط الناس التمثال بالزواج والإنجاب قائلاً: “الناس كانوا يتبركون بالتمثال”.

وظل تمثال أبوالهول الواقع في منطقة الأهرامات مدفون في الرمال منذ عهد الرومان وحتى عصر محمد علي، كما يقول أستاذ الآثار، مما يؤكد رواية كسر الرجل الصوفي لأنف أبوالهول، فقد كان قريبًا من الأرض، ولم يظهر من التمثال سوى رأسه ورقبته.

ربما يعجبك أيضا