«المواقع المشبوهة».. ورقة واشنطن وطهران للمماطلة في المفاوضات النووية

يوسف بنده

يتيح الاتفاق النووي رفع العقوبات المفروضة على إيران مقابل كبح برنامجها النووي، بإشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ولكن لدى طهران وواشنطن مطالب تتجاوز هذا الاتفاق.


اجتمع رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، محمد إسلامي، مع المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافايل جروسي، في مدينة فيينا النمساوية، يوم الاثنين الماضي 26 سبتمبر 2022.

وهذا الاجتماع الأول بين الجانبين منذ عدة أشهر. وقال جروسي في تغريدة، إنّ الحوار مع إيران استؤنف لتوضيح مسألة المواقع الثلاثة غير المصرّح عنها، التي عُثر فيها سابقًا على آثار لليورانيوم. وحقق الوكالة في شأن هذه المواقع، في حين تصر طهران على إغلاق ملفها قبل العودة للاتفاق النووي.

أمل في حل الملف

طلبت إيران مرارًا إنهاء التحقيق بشأن آثار اليورانيوم في هذه المواقع، ولكن جروسي رفض ذلك، مطالبًا بأجوبة “ذات صدقية” من جانب إيران. وتندد طهران بـ”تسييس” الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتحقيقها، وتشدّد على أنها تعاونت بالكامل مع الهيئة. ودعا إسلامي في الاجتامع الأخير، إلى وضع حد “للمزاعم الواهية” ضد برامج ونشاطات برده النووية السلمية، بحسب ما نقل تقرير لـ”سكاي نيوز“.

وشدد الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، الأسبوع الماضي، على أنّ بلاده لا تسعى لحيازة أسلحة نووية. ويُعدّ تحقيق الوكالة الدولية للطاقة الذرية إحدى النقاط العالقة في المفاوضات التي انطلقت في إبريل 2021 لإحياء الاتفاق الدولي المبرم بين القوى الكبرى وطهران بشأن برنامجها النووي، والمبرم في العام 2015.

عقبة واحدة

حسب تقرير لموقع “أكسيوس“، وضعت طهران شرطًا وحيدًا للعودة للاتفاق النووي، وهو إغلاق تحقيقات الوكالة الدولية للطاقة الذرية في نشاطها النووي السابق غير المعلن. وهو آخر “عقبة كبيرة” أمام استعادة اتفاق 2015. وفي وقت ركز فيه الرئيس الإيراني، في خطابه الأممي، على مسألة الضمانات، كانت المطالبات خلف الكواليس تتعلق بتحقيقات الوكالة الدولية.

وفي الاجتماعات الخاصة على هامش القمة، كانت مطلب رئيسي الوحيد يتعلق بإغلاق تحقيق الذرية الدولية السابق. وأقر بذلك مسؤول أمريكي كبير اطلع على اجتماعات رئيسي مع الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، ورئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشيل. ولكن الوكالة الدولية وبضغط من واشنطن لن تقبل بغلق ملف المواقع المشبوهة، إلا إذا قدمت إيران تفسيرات معقولة بشأنها.

طهران تتهم إسرائيل بالتورط في مقتل عالمين نوويين إيرانيين

العتبة النووية

ربما تشتري الولايات المتحدة الوقت حتى الانتهاء من انتخابات التجديد النصفي للكونجرس، ولكن يبدو أن الإيرانيين يماطلون أيضًا من أجل الحفاظ على مكاسب الوصول للعتبة النووية والتقدم النووي. فحسب تقرير “أمريكان بربوز“، منذ تولى بايدن منصبه، تجاوز الإيرانيون حدود الاتفاق النووي، وخصّبوا اليورانيوم بنقاء يصل إلى 20 ثم 60%، باستخدام أجهزة طرد مركزي أكثر تطورًا.

ونتيجة لذلك، وفقًا للوكالة الدولية للطاقة الذرية، أنتجت إيران قرابة 4 آلاف كيلوجرام من اليورانيوم المخصب، بينها 55.6 كيلوجرام بنقاء 60%. وإذا قررت استخدام هذا اليورانيوم لأغراض عسكرية، فيمكنها أن تندفع بسرعة باتجاه تخصيب يصل إلى نسبة 90% في غضون أسابيع فقط، ما يحتمل أن تنتج ما يكفي من المواد الانشطارية لأجهزة نووية متعددة.

الضغط على طهران

يبدو أن الاحتجاجات الشعبية الدائرة في إيران منذ أسبوعين، فرصة للإدارة الأمريكية لممارسة المزيد من الضغط على طهران. ويأتي توقيت هذه الاحتجاجات في لحظة محورية تتعلق بالتفاوض مع القوى الغربية من أجل رفع العقوبات. في ظل أزمات اقتصادية طاحنة تمر بها البلاد، بما يتعكس على غضب الشارع الإيراني من أي خطأ من جانب الحكومة والنظام.

ويشير تقرير لمعهد “واشنطن” إلى أن المخاوف الإقليمية ومنها إسرائيل، تطالب القوى الأوروبية وأمريكا، المتشجعة للعودة إلى الاتفاق النووي. أن تتخذ خطوات من شأنها أن تزيد على نحو موثوق من التكاليف التي ستتكبدها إيران إذا اختارت امتلاك السلاح النووي، بعد انتهاء الاتفاق النووي عام 2030. خصوصًا أن الأموال التي ستحصل عليها، قد تعزز من ترسانتها العسكرية.

ربما يعجبك أيضا