«الناتو» يسعى لتهدئة مخاوف جيران روسيا ومواجهة تحديات الصين

بسام عباس

أثار صعود بكين مخاوف حلف الناتو، الذي سعى لتهدئة مخاوف الدول الهشة المجاورة لروسيا، في حين شكل الشتاء القارس تحديًا آخر للحرب الروسية الأوكرانية.


بحث وزراء خارجية حلف شمال الأطلنطي (ناتو) في بوخارست، موقفهم تجاه الصين التي وصفوها بأنها تحدٍّ للأمن القومي والقيم بالدول الأعضاء.

وعقد الوزراء، أمس الأربعاء 30 نوفمبر 2022، اجتماعًا بحث أيضًا تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على الدول المجاورة لروسيا، سعيًا لتهدئة مخاوفها من زعزعة موسكو لاستقرارها، في ظل استمرار الحرب التي تؤثر في إمدادات الطاقة وترفع الأسعار.

تعهد بإصلاح الأضرار

حسب وكالة أنباء “رويترز“، تعهدت دول “الناتو”، أمس الأول، بتقديم المزيد من المساعدات إلى أوكرانيا، لإصلاح الأضرار الشديدة التي لحقت بالبنية التحتية للطاقة من جراء القصف الروسي.

وقال الأمين العام للحلف، ينس ستولتنبرج، في مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية الأوكراني، دميترو كوليبا: “سنقف إلى جانب أوكرانيا مهما استغرق الأمر، ولن نتراجع”. مشددًا على ضمان “ألا يتمكن (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين من الفوز في أوكرانيا”، وفق ما نقلته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).

وزير خارجية أوكرانيا مع أمين حلف الناتو

أمين حلف الناتو مع وزير خارجية أوكرانيا

دعم الدول المجاورة لروسيا

قال ستولتنبرج إن حلف الناتو سيجري محادثات مع مولدوفا وجورجيا والبوسنة والهرسك، وهي الدول التي تواجه ضغوطًا من روسيا، مضيفًا أن الحلف سيأخذ المزيد من الخطوات لمساعدتها على حماية استقلالها وتعزيز قدرتها على الدفاع عن أنفسها، لافتًا إلى أن ضمان سلامتها من مصلحة الحلف، وفق “رويترز”.

من جهته، قال وزير الخارجية التشيكي، يان  ليبافسكي، إن أوكرانيا “سوف تفوز” في الحرب التي بدأت بسبب الطموحات الإمبريالية لفلاديمير بوتين، وتعثرت بسبب سوء تقدير الرئيس الروسي، مشددًا على أن الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو متحدان في موقفهما ضد روسيا.

استقرار البوسنة والهرسك

أوضح الأمين العام لحلف الناتو أن البوسنة والهرسك مهمة للاستقرار في جميع مناطق غرب البلقان وللحلف، الذي سيواجه محاولات التدخل والنفوذ الروسي في البوسنة والهرسك، مشيرًا إلى ضرورة استكمال تشكيل الحكومة بعد الانتخابات، وأن تكون البلاد أكثر مرونة ضد النفوذ الأجنبي أو الأنشطة الخبيثة.

ووفقًا لما أورده موقع حلف الناتو، شدد ستولتنبرج على التزام الحلف بتقديم المزيد من الدعم للبوسنة والهرسك، بما في ذلك أيضًا برنامج بناء القدرات الدفاعية ومقر الناتو، والمساعدة في بناء مؤسسات دفاعية وأمنية قوية، بما في ذلك في تنفيذ الإصلاحات الديمقراطية.

التأثير السلبي في مولدوفا

قال وزير خارجية مولدوفا، نيكو بوبيسكو، لوكالة “أسوشيتيد برس” في مقابلة بالعاصمة الرومانية، إن مولدوفا تضررت بشدة من الحرب الروسية الأوكرانية، وأضاف: “نريد تعزيز تعاوننا مع الشركاء الذين يدعموننا، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي والناتو… في كل أسبوع تأثير سلبي جديد لهذه الحرب فينا”.

وأوضحت “أسوشيتد برس” أن الحرب الروسية الأوكرانية أثرت بشدة في مولدوفا التي تواجه حاليًّا أزمة طاقة حادة، بسبب اعتمادها على الواردات الروسية، وأنها تعاني انقطاعات هائلة في التيار الكهربائي نتيجة الضربات الروسية على شبكة الطاقة الأوكرانية. واجتازت صواريخ روسيا سماء مولدوفا، وسقط حطامها على أراضيها.

الصين ليست خصمًا

قال الأمين العام لحلف الناتو، إن الوزراء بحثوا في اجتماع اليوم التحديات طويلة الأمد التي تفرضها الصين على مصالح التحالف وقيمه وأمنه، مضيفًا أن الوزراء رأوا بعد الاطلاع على حرص الصين على تطوير تكنولوجيتها العسكرية وأنشطتها الإلكترونية والهجينة، أنها ليست خصمًا للحلف، حسب موقع الناتو.

وأوضح أن الناتو سيواصل التعامل مع الصين بما يخدم مصالحه، مع التشديد على موقفه الرافض للحرب الروسية “غير المشروعة” في أوكرانيا.

وأضاف أن الحلف يدرك جيدًا تبعات هذا التعامل، مشددًا على ضرورة تقليل نقاط الضعف في الحلف، والحفاظ على التفوق التكنولوجي، مع مواصلة تعزيز التعاون مع الشركاء في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

خطأ استراتيجي

أوضحت صحيفة “واشنطن بوست” أن وزير الخارجية الأوكراني، دميترو كوليبا، حثّ الناتو على اتخاذ قرار بشأن كيفية التعامل مع طلب كييف الانضمام إلى الحلف، وقال: “نعتقد أنه يمكن تصحيح أخطاء الماضي”، معتبرًا أن تأخر حصول أوكرانيا على عضوية الناتو في عام 2008 كان “خطأ استراتيجيًّا”.

ومن جانبه، قال ستولتنبرج إن “باب الناتو مفتوح أمام عضوية أوكرانيا النهائية”، مضيفًا أن “روسيا ليس لديها حق النقض على الدول التي ستنضم”، وأن التحالف سيواصل تقديم الدعم العسكري لأوكرانيا، خاصة من خلال توفير الدفاعات الجوية.

محكمة جرائم حرب

قالت “واشنطن بوست” إن الاتحاد الأوروبي اقترح إنشاء محكمة متخصصة للتحقيق في جرائم الحرب مع روسيا ومقاضاة مرتكبيها، بعد دعوات متجددة من الرئيس الأوكراني، فلاوديمير زيلينسكي، لملاحقة موسكو بتهمة “جريمة العدوان” ضد أوكرانيا.

وكتبت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، على “تويتر” أمس: “على روسيا أن تدفع ثمن جرائمها المروعة”، مقترحةً أن تدعم الأمم المتحدة المحكمة، وأن تعمل مع المحكمة الجنائية الدولية، التي بدأت بالفعل تحقيقاتها الخاصة في مزاعم جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.

السويد وفنلندا تحققان تطورًا

نقلت “رويترز” عن وزير الخارجية السويدي، توبياس بيلستروم، قوله إن السويد وفنلندا أحرزتا تقدمًا جيدًا نحو إبرام اتفاق مع تركيا بشأن انضمامهما إلى حلف شمال الأطلنطي. وأضاف في لقاء صحفي لدى وصوله، في اليوم الثاني من اجتماع وزراء خارجية الحلف، أن الدول الـ3 حققت نجاحًا في هذا الصدد”.

773x435 cmsv2 51a47a29 6134 5feb b890 2e554a05ed2b 7221990

وزير الخارجية السويدي توبياس بيلستروم

وأفاد موقع الناتو بأن فنلندا والسويد حضرتا جميع جلسات الاجتماع الوزاري. وصرح ستولتنبرج بأن عملية التصديق على عضويتهما في الناتو أوشكت على الاكتمال، لافتًا إلى أن انضمامهما سيجعلهما أكثر أمانًا، وقوة إضافية للحلف، وأن الوقت قد حان للترحيب بهما كعضوين كاملي العضوية في الحلف.

ربما يعجبك أيضا