الناتو يعزز علاقاته مع دول آسيا.. كيف ترد بكين وبيونج يانج؟

آية سيد
أمين عام الناتو، ينس ستولتنبرج

تهدف زيارة ينس ستولتنبرج إلى تعزيز علاقات الناتو مع الحلفاء الآسيويين في مواجهة الحرب الروسية الأوكرانية والمنافسة مع الصين وتهديدات كوريا الشمالية.


بدأ الأمين العام لحلف شمال الأطلنطي (الناتو)، ينس ستولتنبرج، زيارة لكوريا الجنوبية واليابان، من 29 يناير 2023 حتى 1 فبراير 2023.

وتهدف هذه الزيارة إلى تعزيز العلاقات مع الحلفاء الآسيويين في مواجهة الحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها والمنافسة المتصاعدة مع الصين وتهديدات كوريا الشمالية، ما يدعو إلى التساؤل عن رد فعل بكين وبيونج يانج.

المحطة الأولى

وصل ستولتنبرج الأحد الماضي 29 يناير، إلى سيول حيث التقى وزير الخارجية بارك جين، ووزير الدفاع لي جونج سوب، وأجرى محادثات مع الرئيس يون سوك يول.

وبحث ستولتنبرج والرئيس يول التحديات الأمنية المشتركة وكيفية تعزيز شراكة الناتو مع سيول. واتفق القائدان على الحاجة إلى مواصلة الضغط على كوريا الشمالية للتخلي عن أنشطتها الصاروخية والنووية، وناقشا أهمية دعم أوكرانيا للدفاع عن نفسها. وشدد ستولتنبرج على أهمية تكاتف الديمقراطيات ذات التفكير المتشابه لحماية النظام الدولي القائم على القواعد.

وفي كلمة بمعهد تشي للدراسات المتقدمة، شدد أمين عام الناتو على أن “ما يحدث في أوروبا يهم منطقة الهندوباسيفيك، وما يحدث في آسيا يهم الناتو”. وشكر ستولتنبرج سيول على الدعم الاقتصادي والإنساني الذي تقدمه لأوكرانيا، لكنه حثها على تكثيف دعمها ليشمل دعمًا عسكريًّا.

تحدي الصين

في كلمته بمعهد تشي، قال ستولتنبرج إنه على الرغم من أن الناتو “لا يعتبر الصين خصمًا” وسعى للتعاون معها في قضايا مثل الحد من التسلح وتغير المناخ، يعتقد الحلف أنها “تشكل تهديدًا على قيمنا ومصالحنا وأمننا”.

ولفت الأمين العام للناتو إلى أن غياب القيم المشتركة مع بكين، وسلوكها القسري في بحر الصين الجنوبي، وتعزيزاتها العسكرية الكبيرة في المنطقة، وتعاونها مع روسيا، عوامل تجعلها تتصدر أجندة الناتو وتمثل أهمية للحلف بنحو غير مسبوق.

تهديدات لبيونج يانج

في اللقاء الذي جمع أمين عام الناتو مع وزير خارجية كوريا الجنوبية، بارك جين، أعرب ستولتنبرج عن المخاوف المشتركة من كوريا الشمالية، مدينًا البرنامج النووي لبيونج يانج واختبارات الصواريخ الباليستية الطائشة.

وقال: “نحن نعلم أيضًا أن كوريا الشمالية تقدم الدعم العسكري لروسيا في جهدها الحربي، وهذا يوضح كيف نحن مترابطون”. وأضاف الأمين العام للناتو أنه يتطلع إلى تعزيز التعاون مع كوريا الجنوبية في مجالات مثل الدفاع السيبراني، والتكنولوجيا، والحد من التسلح ومنع الانتشار النووي.

زيارة موازية

بدأ وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، زيارة لكوريا الجنوبية والفلبين، الأحد الماضي 29 يناير، والتقى نظيره الكوري الجنوبي، لي جونج سوب، في سيول، أمس الثلاثاء 31 يناير.

وفي الاجتماع، أدان الوزيران بشدة الاستفزازات المتواصلة لكوريا الشمالية وانتهاكاتها لقرارات مجلس الأمن، وشددا على أن التحالف بين سيول وواشنطن سيواصل اتخاذ موقف قوي ضد استفزازات بيونج يانج، وتعزيز القدرات للرد على تهديداتها الصاروخية والنووية.

تعزيز التعاون مع طوكيو

وصل الأمين العام للناتو إلى اليابان، أمس الثلاثاء، والتقى رئيس الوزراء فوميو كيشيدا. وأعاد القائدان التشديد على التزامهما بتعزيز التعاون بين اليابان والناتو، كشركاء موثوقين، في مجالات مثل الفضاء السيبراني، والفضاء الخارجي، والاتصالات، والتكنولوجيات الحيوية والناشئة.

وفي بيان مشترك، قال ستولتنبرج وكيشيدا إن “العالم يمر بمنعطف تاريخي في بيئة أمنية هي الأكثر خطورة وتعقيدًا منذ الحرب العالمية الثانية” في ظل التغيرات في توازنات القوى والتحديات الجيوسياسية المتصاعدة.

وشدد البيان على رفض التهديدات النووية لروسيا، وأعرب عن القلق من التعاون العسكري المتزايد بين روسيا والصين، الذي يشمل تدريبات مشتركة بالقرب من اليابان. وكذلك أدان بشدة تطوير كوريا الشمالية للأسلحة النووية والصواريخ الباليستية.

رفض القسر الصيني

شدد ستولتنبرج وكيشيدا، في بيانهما المشترك، على رفضهما القوي لمحاولات تغيير الوضع الراهن في بحر الصين الشرقي بالقوة أو القسر من جانب واحد، وأعربا عن قلقهما من أنشطة الصين العسكرية في بحر الصين الجنوبي.

وأوضح القائدان أن موقفهما الأساسي تجاه تايوان لم يتغير، وشددا على أهمية السلام والاستقرار في مضيق تايوان، كعنصر أساسي لأمن وازدهار المجتمع الدولي.

تعزيز الأمن

في مؤتمر صحفي، قال ستولتنبرج إن الناتو واليابان يتفقان على أن “الأمن العابر للأطلنطي وأمن الهندوباسيفيك مرتبطان بشدة”، لافتًا إلى أن بكين تراقب من كثب ما يحدث في أوكرانيا، وقد تُقدم على خطوة مماثلة مع تايوان إذا ربحت روسيا الحرب.

ومن جهته، رحب كيشيدا باهتمام الناتو ومشاركته في منطقة الهندوباسيفيك. وأوضح أنه سينقل مع ستولتنبرج التعاون بين اليابان والناتو إلى مستوى جديد، معلنًا أن اليابان ستفتتح مكتب تمثيل في الناتو، وتفكر في المشاركة في اجتماعات الحلف بانتظام.

بناء الصداقات

على خلفية الجزم الصيني المتزايد والتعاون مع روسيا، لفت الأمين العام للناتو إلى أهمية اكتساب الحلف لمزيد من الأصدقاء في منطقة الهندوباسيفيك، وفق ما نقلت وكالة “أسوشيتد برس“.

وفي فعالية استضافتها جامعة كيئو بطوكيو، أشار ستولتنبرج إلى “حقيقة أن الصين وروسيا تتقاربان واستثمارات الصين الضخمة وقدراتها العسكرية المتطورة تشدد على أن الصين تمثل تهديدًا وتحديًا لحلفاء الناتو”. وقال: “يحتاج الناتو إلى التأكد من وجود أصدقاء”، مضيفًا أنه “من المهم العمل من كثب مع شركائنا في الهندوباسيفيك”.

الرد الصيني

ردت المتحدثة باسم الخارجية الصينية، ماو نينج، على تصريحات ستولتنبرج بشأن “التهديد الصيني”، في إحاطة صحفية، بأن “منطقة الباسيفيك الآسيوي ليست ساحة معركة للمنافسة الجيوسياسية”، مضيفة أن “المواجهة وعقلية الحرب الباردة ليست محل ترحيب في المنطقة”.

وقالت ماو إن “الناتو يزعم أنه حلف دفاعي، لكنه تجاوز مناطق دفاعه التقليدية وعزز علاقاته العسكرية والأمنية مع دول آسيا-الباسيفيك. وهذه التحركات تستدعي اليقظة من دول المنطقة”.

مخاوف من «الناتو الآسيوي»

أدانت كوريا الشمالية زيارة أمين الناتو لكوريا الجنوبية واليابان، واصفةً إياها بأنها جزء من الجهود الرامية إلى إنشاء “نسخة آسيوية من الناتو”، وفق ما جاء في مقال نشرته وكالة الأنباء المركزية الكورية الرسمية، للباحث الكوري الشمالي، كيم تونج ميونج.

ولفت كيم إلى محاولات الناتو المستمرة لـ”توسيع دائرة نفوذه إلى منطقة آسيا-الباسيفيك”، وقال إن “التوجه العام للحلف الذي تقوده الولايات المتحدة، هو تأسيس نسخة آسيوية من الناتو تخدم موقفه ونظامه المهيمن، بالتواطؤ مع القوى التابعة للحلف”.

واتهم الباحث الناتو بمحاولة توريط كوريا الجنوبية واليابان في صراع أوكرانيا، وقال: “إنها مسألة وقت قبل أن نرى المعدات العسكرية الكورية الجنوبية واليابانية التي تتدفق إلى الناتو، في ميدان المعركة الأوكراني”.

ربما يعجبك أيضا