الهند تسعى لقيادة الدول النامية.. هل تستطيع تحدي الصين؟

شروق صبري
بايدن ومودي

تحركت الهند الصاعدة بقوة لمناصرة الدول النامية، ساعياً للوصول إلى حلول وسط في أوقات الاستقطاب، ووعدت بإجبار أمريكا على الإصغاء خلال قمة العشرين، فهل نجحت مساعيها؟


تسعى الهند لقيادة الدول النامية في عالم متزايد الاستقطاب، وتطرح نفسها بديلًا للصين التي تواجه منافسة من عملاق آسيوي آخر.

ولأكثر من عقد من الزمان، ظلت الصين تتودد للبلدان النامية المحبطة من الغرب، وأرسلت مليارات الدولارات التي كانت في أمس الحاجة إليها للدول الفقيرة، وتواجه عملاقًا آسيويًّا آخر للمنافسة على قيادة ما يسمى “الجنوب العالمي”.

الهند تتفوق على الصين

أشارت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية إلى “أدلة على أن الهند تسعى للسيادة على الجنوب العالمي، وأبرزها الإجماع غير المتوقع الذي تمكنت الهند من تحقيقه في قمة مجموعة العشرين في نيودلهي خلال فترة القمة التي عقدت يومي 9 و10 سبتمبر”.

وبمساعدة دول نامية أخرى، أقنعت الهند الولايات المتحدة وأوروبا بتخفيف بيانها بشأن الحرب الروسية الأوكرانية، حتى يتمكن المنتدى من التركيز على مخاوف الدول الفقيرة، مثل الديون العالمية وتمويل المناخ، وفق التقرير.

تراجع قوة الغرب

جاء في تقرير الصحيفة الأمريكية يوم 12 أغسطس 2023، أن الهند أشرفت على النتيجة الأكثر وضوحًا حتى الآن لحملتها المكثفة لمناصرة الجنوب العالمي، وهي قبول الاتحاد الإفريقي في مجموعة العشرين، ما وضعه على قدم المساواة مع الاتحاد الأوروبي.

الصيني شي جين بينغ مع رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوسا

الرئيس الصيني شي جين بينج مع رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوسا

وقال السفير السابق لسنغافورة ومؤلف كتاب “هل فازت الصين؟” كيشور محبوباني: “يوجد تحول هيكلي يحدث في النظام العالمي، فقوة الغرب تنخفض، وثقل وقوة الجنوب العالمي تتزايد”، وأضاف أن “دولة واحدة فقط يمكن أن تكون جسرًا بين الغرب وبقية العالم، وهي الهند”.

وفي الوقت الذي يبدو أن حربًا باردة جديدة تشتعل بين الولايات المتحدة والصين وتشكل إطارًا لكل مناقشة عالمية، فخطاب الهند يتمتع بجاذبية واضحة، بينما لا تحظى البلدان بشعبية خاصة بين الدول النامية، فتتعرض واشنطن لانتقادات بسبب تركيزها على القوة العسكرية أكثر من المساعدات الاقتصادية.

الهند الصاعدة

من ناحية أخرى، أثار الجزء المميز من التواصل الصيني مع دول الجنوب العالمي، عبر مبادرة الحزام والطريق للبنية التحتية، رد فعل عنيفا، خاصة بعدما قاومت بكين إعادة التفاوض على الديون الساحقة التي تركت العديد من البلدان تواجه خطر التخلف عن السداد.

لكن ما تقدمه الهند الصاعدة تحت قيادة رئيس الوزراء، ناريندرا مودي، هو قدر أقل من الاستبداد وأقل ارتباطًا بالمال أو الدفاع، فهي تقدم خطابًا داعمًا، وتعد بتنويع المؤسسات التي تشكل السياسة العالمية.

الاقتصاد الهندي

لا يزال أمام الهند طريق طويل لتقطعه حتى تُسمى قوة عظمى، ووفقًا لتقديرات متفائلة، لن تصبح دولة متقدمة قبل عقود من الزمن، ولا تزال رتبتها الدبلوماسية أصغر من رتب الدول التي لا تشكل إلا جزءًا صغيرًا من حجمها، فقد أسهمت الأجندة القومية الهندوسية التي تتبناها الحكومة الحالية في خلق بيئة من عدم الاستقرار المستمر.

ولكن مع النمو السريع الذي يشهده الاقتصاد الهندي وبحث الغرب عن حلفاء لمواجهة الصين، تجد نيودلهي نفسها في موقف بالغ الأهمية، عندما قرر الزعيم الصيني، شي جين بينج، عدم حضور قمة مجموعة العشرين.

واعتبر البعض هذا الأمر دليلًا على أن بكين لم تعد مهتمة بتشكيل النظام العالمي، وبهذا، كانت لدى الهند الفرصة لتتصدر المشهد العالمي.

دفء العلاقات مع واشنطن

خلال القمة العشرين، جسد مودي دور باني الجسور والصديق، وأمسك بيد الرئيس الأمريكي، جو بايدن، وهو يرحب به في هذا الحدث.

ولتوضيح أن علاقات الهند مع أمريكا وثيقة وتقترب أكثر، وهو شرط حاسم لبناء النفوذ لمساعدة الدول النامية، حضر مودي عدة اجتماعات مع بايدن قبل الحدث وعلى هامشه.

وفي اليوم الأول من الاجتماع، أعلن مودي قبول الاتحاد الإفريقي في مجموعة العشرين، ووقف من مقعده ليعانق رئيس الاتحاد ورئيس جزر القمر، غزالي عثماني، عناقًا طويلًا وقويًا.

وكشفت هذه الصور عن التآلف بين الزعيمين في تناقص صارخ لموقف الزعيم الصيني المعتاد، ولكن نيودلهي كانت حريصة على عدم مواجهة جارتها القوية مباشرة، فقد أشاد المسؤولون الهنود بدعم الصين للإعلان المشترك الصادر عن مجموعة العشرين.

مودي يعانق رئيس الاتحاد الأفريقي

مودي يعانق رئيس الاتحاد الإفريقي

صوت لجنوب العالمي

خلال القمة ركزت الهند على نفوذها ونمو اقتصادها، وتوسيع تجارتها مع إفريقيا وأمريكا اللاتينية، واعتمدت على علاقاتها، من خلال جاليات كبيرة وناجحة، بالشرق الأوسط ومناطق أخرى.

وروجت الهند إلى أن ما ينقصها من الموارد، حاولت كسبه بحُسن نية من خلال مشاركة ما لديها في أوقات الحاجة، عبر إرسال شحنات لقاحات كورونا لمساعدة البلدان الأخرى، لجمع مجموعة واسعة من الأصوات لقيادة دول العالم بمجموعة العشرين.

وفي وقت مبكر من هذا العام، جمعت الهند قادة أكثر من 100 دولة نامية وفقيرة، أسمته قمة صوت الجنوب العالمي، وهو حدث افتراضي.

اقرأ أيضًا| قمة العشرين 2023.. اتفاقيات طموحة وممر اقتصادي عملاق

اقرأ أيضًا| «أزمة ثقة» و«طوارئ مناخية غير مسبوقة».. رسائل مودي ودا سيلفا بقمة العشرين

ربما يعجبك أيضا