الولايات المتحدة تسمح لـ«شيفرون» باستئناف ضخ النفط في فنزويلا

آية سيد
العالم في أسبوع

جاءت خطوة الترخيص الأمريكي لـ"شيفرون" في نفس اليوم الذي بدأت حكومة الرئيس الفنزويلي، نيكولاس مادورو، محادثات رسمية مع قادة المعارضة.


حصلت شركة “شيفرون” للطاقة على ترخيص من وزارة الخزانة الأمريكية يسمح لها بتوسيع إنتاجها في فنزويلا، وجلب النفط الخام إلى الولايات المتحدة.

ويمنح القرار حقوقًا أوسع لآخر شركة نفط أمريكية تعمل في فنزويلا، الخاضعة للعقوبات، لكنه يقيّد حصول كراكاس على أي مدفوعات نقدية مقابل النفط، حسب ما أفادت به وكالة أنباء “رويترز“، يوم السبت الماضي 26 نوفمبر 2022.

شروط الترخيص

نقلت “رويترز”  عن مسؤولين أمريكيين أن شروط الترخيص تستهدف حرمان شركة النفط الوطنية الفنزويلية “بتروليوس دي فنزويلا” من عائدات مبيعات “شيفرون”. وكذلك تمنع الأخيرة من مساعدة فنزويلا في تطوير حقول نفط جديدة، لكنها توفر وسيلة للشركة كي تسترد بضع مليارات الدولارات المستحقة لدى “بتروليوس دي فنزويلا” عبر مبيعات النفط.

ويتيح الترخيص أيضًا للشركة الأمريكية استيراد الإمدادات اللازمة لمعالجة النفط الخام، وتحويله إلى درجات قابلة للتصدير. ووفق “رويترز”، جرى تجديد التراخيص الأمريكية لشركات خدمات حقول النفط “بيكر هيوز”، و”هاليبرتون”، و”شلمبرجير”، و”وذرفورد إنترناشيونال”، دون توسيعها، ما يحد من أي توسع أكبر في إنتاج النفط الفنزويلي.

إمداد سوق النفط

يقدم الترخيص الجديد إمدادات جديدة محدودة من النفط الخام لسوق تكافح من أجل إيجاد بديل للنفط الروسي، المنبوذ من المشترين الأوروبيين بسبب الحرب الروسية الأوكرانية. ولفتت “رويترز” إلى أن “شيفرون” وغيرها من مصافي النفط الأمريكية تستطيع الاستفادة من تدفق إمدادات الخام الفنزويلي الثقيل لمعاملها على الساحل الأمريكي.

ويمنع الترخيص دفع عائدات النفط والضرائب إلى حكومة كراكاس، أو المدفوعات العينية لـ”بتروليوس دي فنزويلا”. ويمنع “شيفرون” أيضًا من المعاملات التجارية مع الشركات الروسية، التي تعمل في فنزويلا. وقال مسؤول لـ”رويترز” إن الشروط “تتطلب تقديم تقارير عن العمليات المالية لمشروعات شيفرون المشتركة لضمان الشفافية”.

خطوات ملموسة

قالت وزارة الخزانة الأمريكية، في بيان، إن هذا الإجراء “يعكس السياسة الأمريكية القائمة منذ فترة طويلة، بتخفيف العقوبات محددة الهدف، بناءً على خطوات ملموسة ترفع المعاناة عن الشعب الفنزويلي، وتدعم استعادة الديمقراطية”. وأفادت “رويترز” بأن الترخيص يستمر 6 أشهر، ثم يجدد تلقائيًّا كل شهر، وتحتفظ واشنطن بحق إلغائه أو إبطاله في أي وقت.

وقالت شركة “شيفرون”، في بيان، إن الترخيص الأمريكي “يجلب المزيد من الشفافية إلى قطاع النفط الفنزويلي”، ويسمح للشركة الأمريكية بالاستفادة من النفط، الذي تنتجه مشروعاتها المشتركة مع “بتروليوس دي فنزويلا”.

محادثات سياسية

الولايات المتحدة تسمح لـ«شيفرون» باستئناف ضخ النفط في فنزويلا

المفاوضات بين حكومة فنزويلا والمعارضة بوساطة نرويجية في المسكيك

تزامنت الخطوة الأمريكية مع بدء محادثات حكومة الرئيس الفنزويلي، نيكولاس مادورو، مع قادة المعارضة بالعاصمة المكسيكية، مكسيكو سيتي، بوساطة نرويجية. ووفق تقرير لـ”واشنطن بوست“، اتفق الجانبان أن يطلبا من الأمم المتحدة إدارة الأموال الحكومية المحتجزة بالبنوك الأجنبية، وسيفرج عنها للمساعدة في تخفيف الأزمة الإنسانية.

واتفق الجانبان أيضًا على مواصلة المحادثات الشهر المقبل، لمناقشة الجدول الزمني للانتخابات “الحرة” في 2024، وقضايا حقوق الإنسان. وفي هذا الشأن، قال مسؤول رفيع في الإدارة الأمريكية: “لقد أوضحنا تكرارًا أن أفضل حل في فنزويلا هو الحل الذي يتفاوض عليه الفنزويليون. ولتشجيع ذلك، قلنا إننا مستعدون لتخفيف العقوبات محددة الهدف”.

وأوضح المسؤول أن أي إجراء إضافي “سيتطلب المزيد من الخطوات الملموسة” من فنزويلا، مثل تحرير السجناء السياسيين، والاعتراف بشرعية المعارضة. ورفض المسؤول ربط هذه الخطوة بنقص النفط وارتفاع أسعاره من جراء الحرب الروسية الأوكرانية، موضحًا أن الأمر يتعلق بدعم “الحل السلمي المتفاوض عليه للأزمات السياسية والإنسانية والاقتصادية”.

انتقادات للقرار الجديد

انتقد بعض المشرعين الجمهوريين قرار إدارة بايدن بإفساح المجال أمام “شيفرون” لضخ المزيد من النفط من فنزويلا، وفق صحيفة “وول ستريت جورنال“. ونقلت عن النائبة الجمهورية، كلاوديا تيني، عبر “تويتر”: “على إدارة بايدن السماح لمنتجي الطاقة الأمريكيين بإطلاق العنان للإنتاج المحلي، بدلًا من التوسل للديكتاتوريين من أجل الحصول على النفط”.

وحسب الصحيفة، أبدى بعض الخبراء دهشتهم من أن الترخيص يمنع “شيفرون” من دفع الضرائب والعوائد للحكومة الفنزويلية، لأنهم كانوا يتوقعون أن العائدات المباشرة ستشجع “بتروليوس دي فنزويلا” على إعادة توجيه شحنات النفط بعيدًا عن قنوات التصدير الغامضة، التي يذهب معظمها إلى مشترين صينيين بتخفيضات كبيرة.

وفي هذا السياق، قال مدير برنامج الطاقة لأمريكا اللاتينية في معهد بيكر للسياسة العامة بجامعة رايس، فرانسيسكو مونالدي: “إذا كان هذا هو الحال، لا يملك مادورو حوافز كبيرة كي يسمح لشحنات شيفرون بالخروج”، لافتًا إلى أن إرسال النفط إلى الصين، حتى لو بخصم كبير، سيكون أفضل لكاراكاس من تسديد الديون لـ”شيفرون”.

التزام مادورو بالمفاوضات

يُعد النطاق المحدود لترخيص “شيفرون” وسيلة لضمان التزام مادورو بالمفاوضات. وقالت الباحثة بمركز سياسة الطاقة العالمية بجامعة كولومبيا، لويزا بالاسيوس: “بدلًا من فتح الباب أمام النفط الفنزويلي ليتدفق إلى السوق الأمريكية فورًا، يقدم الترخيص مسار تطبيع مرهونًا بتنازلات من مادورو على الصعيد السياسي والحقوقي”.

ومن جانبه، قال رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، روبرت مينينديز: “إذا حاول مادورو استخدام هذه المفاوضات في شراء الوقت لتعزيز نظامه الديكتاتوري الإجرامي، يجب أن تعود الولايات المتحدة وشركائها الدوليين إلى القوة الكاملة للعقوبات”، حسب ما نقلت “وول ستريت جورنال”.

العقوبات الأمريكية على فنزويلا

حسب تقرير “واشنطن بوست”، بدأت العقوبات الأمريكية على فنزويلا منذ 15 عامًا، لأسباب تتعلق بتهريب المخدرات والفساد والانتهاكات الحقوقية، ثم توسعت تدريجيًا لتبلغ ذروتها تحت إدارة الرئيس السابق، دونالد ترامب، في محاولة لمنع العائدات العالمية لمبيعات النفط، ما أدى لتراجع الإنتاج بشدة، وبيعت صادرات السوق السوداء للصين والهند بنحو أساسي.

وفي ديسمبر 2018، أعلنت المعارضة الفنزويلية عدم شرعية الانتخابات، واعترفت بزعيمها في البرلمان، خوان جوايدو، رئيسًا مؤقتًا. وسرعان ما أيدتها واشنطن، ما حث عشرات الدول بأمريكا اللاتينية على فعل الشيء نفسه. لكن الضغط الاقتصادي والسياسي لم يؤثر كثيرًا في مادورو، وتحمل الشعب وطأة الاقتصاد الفاشل والقمع، ما دفع الملايين للهرب إلى دول مجاورة.

ربما يعجبك أيضا