انتخابات رئاسية مبكرة في كازاخستان.. هل هي محاولة «حقيقية» للإصلاح؟

أحمد ليثي

أقرت نتائج الانتخابات الرئاسية التفويض الشخصي، الذي منحه الشعب الكازاخاني توكاييف، خاصة بعدما واجه اضطرابات دموية في بداية هذا العام.


أُعلن اللجنة المركزية للانتخابات في كازاخستان، صباح اليوم الاثنين 21 نوفمبر 2022، فوز الرئيس قاسم توكاييف بولاية ثانية في اقتراع مبكر.

وحسب تقرير نُشرته وكالة أنباء “رويترز“، حصل توكاييف، البالغ 69 عامًا، على 81.3% من أصوات الناخبين، بنسبة مشاركة وصلت إلى 69%، بما يتوافق مع استطلاع للرأي، ظهر يوم أمس الأحد، أشار إلى أن توكاييف في طريقه لفوز كاسح.

كيف جاء توكاييف؟

صعد قاسم توكاييف إلى السلطة بعدما اختاره الرئيس السابق، نور سلطان نزارباييف، بنفسه عام 2019 ليكون رئيسًا، ويتولى هو رئاسة مجلس الأمن القومي، بعدما ظل نزارباييف الحاكم الوحيد للبلاد، لما يقرب من 3 عقود، لكن توكاييف أدار ظهره لسلفه، بعد انتفاضة في يناير الماضي، وصفها بأنها محاولة انقلاب.

وبحسب “رويترز”، شغل نزارباييف مناصب مهمة بعد تنحيه، منها رئاسة مجلس الأمن القومي، لكنه تخلى عن رجاله خلال انتفاضة يناير، التي قُتل فيها 238 شخصًا. ومنذ ذلك الحين، أجبر توكاييف حلفاء سلفه على التخلي عن مناصب أخرى، وغير اسم العاصمة، التي أعيدت تسميتها “نور سلطان”، تكريمًا لنزارباييف، إلى أستانا.

من هو نور سلطان نزارباييف؟

بحسب تقرير آخر لـ”رويترز“، في 5 يناير 2022، ولد نزارباييف عام 1940، وترقى في صفوف الحزب الشيوعي السوفييتي، وصار عضوًا في المكتب السياسي عام 1990، قبل انهيار الاتحاد السوفييتي، وتقدم إلى الانتخابات ووعد الكازاخيين بالاستقرار والرفاهية.

ونال نزارباييف شهرة في الغرب، عندما تخلي طوعاً عن ترسانة البلاد النووية، وعيَن إصلاحيين أنشأوا نظامًا ماليًّا قويًّا، وأعلن أن رأس المال الأجنبي ضروري لإنقاذ الصناعة المتعثرة، لكنه اُتهم بتعيين أفراد من العائلة وحلفاء له في وظائف رئيسة بالحكومة والصناعة، وتضييق الخناق على حرية الصحافة.

انتخابات محسومة

كان من المتوقع أن يمدد الدبلوماسي السابق، توكاييف، حكمه على الدولة الغنية بالنفط لمدة 7 سنوات، وأن يحصل على تفويض قوي لمواصلة سياساته الخارجية المستقلة. بحسب ما ذكرته “يورونيوز“، في تقرير نشر اليوم الاثنين.

وأقرت نتائج الانتخابات الرئاسية التفويض الشخصي، الذي منحه الشعب الكازاخاني توكاييف، خاصة بعدما واجه اضطرابات دموية في بداية هذا العام، تورط فيها بعض الشخصيات القوية المقربة من سلفه، نزارباييف. ورغم وجود 5 مرشحين أمام توكاييف، لكنه لم يواجه منافسة كبيرة منهم.

كازاخستان تحافظ على مسافة مع موسكو

وفقًا لتقرير “يورونيوز”، تأتي الانتخابات في الوقت الذي اتخذ فيه توكاييف خطوات لإبعاد كازاخستان عن الحليف القديم والقوة الإقليمية المهيمنة، روسيا، وأشار إلى أن البلاد لن تعترف بالمناطق الأوكرانية، التي ضمتها روسيا، باستفتاءات منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية.

واستقبلت كازاخستان مئات الآلاف من الروس، الذين فروا من موسكو، على خلفية قرار الرئيس فلاديمير بوتين إعلان التعبئة الجزئية، في سبتمبر، وذلك لعدم رغبة الكثير من الروس الاشتراك في الحرب الروسية الأوكرانية.

مسار استبدادي

كان من المتوقع أن يواصل توكاييف المسار الاستبدادي، الذي بدأه سلفه نزارباييف، عندما تولى السلطة عام 2019، لكن الرئيس السابق ظل مؤثرًا للغاية كرئيس لمجلس الأمن القومي في البلاد، إلى درجة تغيير اسم العاصمة إلى “نور سلطان” تكريمًا له.

واجتاحت البلاد احتجاجات شعبية، بسبب ارتفاع أسعار الوقود والبطالة، وشملت الاحتجاجات العاصمة التجارية، ألماتي، في حين دعا المتظاهرون إلى تنحية نزاربايف عن الحكم الفعلي للبلاد، ولقى أكثر من 220 شخصًا مصرعهم، كان معظمهم من المحتجين، وأخمدت الشرطة الاضطرابات بقسوة، بحسب “يورونيوز”.

قرار مصيري

وسط أعمال العنف، أقال توكاييف سلفه نزارباييف من منصبه بمجلس الأمن، وأعاد الاسم السابق للعاصمة أستانا، وألغى برلمان كازاخستان قانونًا يمنح نزارباييف وعائلته حصانة من الملاحقة القضائية، وأقر توكاييف العديد من الإصلاحات، شملت تعزيز سلطة البرلمان، وتقليص السلطات الرئاسية، وقصر الرئاسة على فترة واحدة مدتها 7 سنوات.

من جهته، قال المحلل السياسي الكازاخي، تيمور عمروف لـ”يورونيوز”: “قد  يظهر تفاؤل تجاه وعود توكاييف بإصلاح النظام السياسي، حتى مع استمرار المخاوف من أن يعطي الأولوية لمصالحه الخاصة، على قضية التحول الديمقراطي”. ويرى بعض النقاد أن الانتخابات المبكرة، ليست محاولة حقيقية للإصلاح، لكنها حيلة لتمديد حكم توكاييف.

ربما يعجبك أيضا