انتخابات في توقيت معقد.. من يحسم رئاسة تونس؟

تحديات وأزمات.. ماذا تحمل الانتخابات الرئاسية لتونس؟

أحمد عبد الحفيظ

تستعد تونس لخوض تجربة سياسية جديدة من خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة، في ظل تحولات محورية على الساحة الداخلية والإقليمية.

وبحسب صحيفة “الإندبندنت”، في تقرير لها نشرته، الأربعاء 28 أغسطس 2024، تكتسب هذه الانتخابات أهمية خاصة كونها تأتي في وقت حرج تمر فيه البلاد بأزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية متشابكة، مما يجعلها اختبارًا حقيقيًا لمستقبل الديمقراطية التونسية بعد أكثر من عقد من الثورة التي أطاحت بنظام الرئيس زين العابدين بن علي في عام 2011.

تحديات داخلية متعددة

تمثل التحديات الاقتصادية واحدة من أبرز القضايا التي تشغل بال الناخبين التونسيين، فمع تدهور قيمة الدينار التونسي وارتفاع معدلات البطالة، والديون المتراكمة، وتزايد الضغط على الطبقة المتوسطة والفقيرة، فإن الوضع الاقتصادي يُعد ملفًا حيويًا في الحملة الانتخابية للمرشحين.

تشير البيانات الرسمية إلى أن نسبة البطالة بلغت حوالي 18%، بينما تواجه البلاد صعوبة في جذب الاستثمارات الأجنبية وتحقيق الاستقرار المالي. هذا الوضع يزيد من الضغوط على الحكومة المقبلة، بغض النظر عن التوجه السياسي للرئيس المنتخب.

إلى جانب التحديات الاقتصادية، يعاني المشهد السياسي التونسي من حالة استقطاب حادة، وتتصارع الأحزاب السياسية بشكل مستمر، وغالبًا ما تتغير التحالفات بسرعة، مما يعرقل تشكيل حكومات مستقرة، والعديد من الأحزاب تفتقر إلى البرامج الواضحة وتفضل التركيز على الصراعات الشخصية أو الأيديولوجية، ما يثير مخاوف بشأن قدرة أي رئيس جديد على إدارة هذا التنوع والتباين الحزبي.

منافسة انتخابية مُحتدمة

تتميز الانتخابات الرئاسية المقبلة بتنافس حاد بين مجموعة متنوعة من المرشحين، الذين يمثلون طيفًا واسعًا من التوجهات السياسية والفكرية، من الإسلاميين إلى اليساريين، ومن المستقلين إلى رموز النظام السابق.

ومن المتوقع أن تشهد الانتخابات منافسة قوية بين مرشحين من العيار الثقيل مثل الرئيس الحالي قيس سعيد، الذي يحظى بشعبية بين بعض فئات المجتمع نظرًا لمواقفه المناهضة للفساد، وآخرين مثل عبير موسي، التي تعبر عن تيار مناهض للثورة والمدافعين عن النظام السابق.

من المتوقع أن تتركز الحملات الانتخابية على قضايا رئيسة مثل مكافحة الفساد، وتحسين الأوضاع الاقتصادية، وتعزيز الأمن، والاستجابة للتحديات الاجتماعية، لكن اللافت للنظر هو أن الانتخابات الحالية تأتي في ظل تزايد الاستياء الشعبي من الطبقة السياسية، مما قد يؤدي إلى انخفاض الإقبال على التصويت أو توجه الناخبين لدعم المرشحين المستقلين أو غير التقليديين.

الدور الإقليمي والدولي

تلعب العوامل الإقليمية والدولية دورًا مهمًا في تشكيل ملامح الانتخابات التونسية، فالتغيرات السياسية في دول الجوار، مثل ليبيا، والوضع المتوتر في الشرق الأوسط بشكل عام، يضع تونس أمام تحديات أمنية واستراتيجية كبيرة.،بالإضافة إلى ذلك، تعتمد تونس بشكل كبير على الدعم المالي والاقتصادي من المؤسسات الدولية والدول المانحة، مثل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وهو ما يجعل الاستقرار السياسي ضرورة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي.

من جهة أخرى، تتابع العديد من القوى الدولية الانتخابات التونسية عن كثب، خاصة أن تونس تعتبر نموذجًا للديمقراطية في المنطقة العربية بعد ثورات الربيع العربي.

وبالتالي، فإن نجاح هذه الانتخابات في تحقيق انتقال سياسي سلس سيعزز من مكانة تونس كداعم للاستقرار والديمقراطية في المنطقة، بينما قد يؤدي فشلها إلى زيادة عدم الاستقرار وتأزم الأوضاع.

محطة مهمة

تظل الانتخابات الرئاسية المقبلة في تونس محطة مهمة بمسار التحول الديمقراطي للبلاد، فالشعب التونسي ينتظر بفارغ الصبر معرفة من سيكون القائد القادم، وما إذا كان سيتمكن من إخراج البلاد من أزمتها الحالية.

ورغم التحديات الكثيرة، فإن هذه الانتخابات تقدم فرصة فريدة لإعادة بناء الثقة بين المواطنين والمؤسسات السياسية، وتعزيز المسار الديمقراطي، وتحقيق تطلعات الشعب التونسي نحو مستقبل أفضل.

ربما يعجبك أيضا