انتقادات داخل الكونجرس لسياسة العقوبات الأمريكية.. عواقبها الإنسانية مدمرة

رنا أسامة

في جلسة استماع واسعة النطاق، قدم خبراء ونواب أمريكيون أمام الكونجرس نظرة فاحصة للتداعيات الإنسانية للعقوبات الاقتصادية، ماذا جاء فيها؟


انتقد النائب الديمقراطي عن ولاية ماساتشوستس الأمريكية، جيم ماكجفرن، سياسة العقوبات التي تنتهجها إدارة الرئيس جو بايدن، وصفًا العقوبات واسعة النطاق بأنها غير فاعلة.

وقال ماكجفرن، في جلسة استمتاع، أمس الثلاثاء 4 أكتوبر 2022، إن العقوبات الأمريكية لا تخضع لمراجعة منهجية ومدروسة من الكونجرس، لتقييم جدواها وفاعليتها، بالنظر إلى تداعياتها الإنسانية، مشددًا على ضرورة إعادة النظر في هذه العقوبات، حسبما أفاد موقع “ريسبونسيبل ستيتكرافت“.

عقوبات غير فاعلة

أضاف ماكجفرن، الذي قاد جهودًا طويلة لمعاقبة منتهكي حقوق الإنسان: “إننا (الكونجرس) نفرض عقوبات فقط، وهذا كل ما في الأمر”، مشيرًا إلى وجود قوى سياسية تجعل من الصعب للغاية إعادة النظر في هذه العقوبات.

ورأى النائب الديمقراطي أن العقوبات واسعة النطاق غير فاعلة ولا تخدم أي غرض، سوى زيادة البؤس والسخط، وتغذية المشاعر المعادية لأمريكا، فضلًا عن التشجيع على التوقف عن استخدام الدولار الأمريكي كعملة احتياطية.

عواقب مميتة

تعليقات ماكجفرن وردت خلال جلسة استماع في الكونجرس بشأن التداعيات الإنسانية للعقوبات الأمريكية، في إشارة إلى عواقبها المدمرة في دول مثل ميانمار وفنزويلا وسوريا وإيران. وخلال الجلسة، اقترح خبراء إدخال إصلاحات من شأنها أن تجعل العقوبات أقل كلفة للمدنيين.

ومن بين أمور أخرى، جادل شهود، خلال جلسة الاستماع، بأن مراجعة داخلية من شأنها إجبار الكونجرس على إعادة تفويض العقوبات بعد فترة معينة، أو على الأقل تقييم فاعليتها وتأثيرها في المدنيين.

بيانات واضحة

في هذا السياق، اقترح عضو “مجموعة الأزمات الدولية”، ديلاني سيمون، أن تكون برامج العقوبات الأمريكية مرفقة ببيانات واضحة عن أهداف السياسة الخارجية، التي تحاول الولايات المتحدة تعزيزها، وشروط إعادة تفويض تلك العقوبات بصفة دورية، فضلًا عن تقييمات الكونجرس بشأن فاعليتها وتداعياتها الإنسانية.

وخلال الجلسة عينها، أشار خبراء أيضًا إلى أن ما تعرف “بالعقوبات المستهدفة” ليست حلًا سحريًّا لأزمات كثيرة، كما يظن نواب أمريكيون داخل الكونجرس. وقال الباحث في جامعة تافتس الأمريكية، دانييل دريزنر، إن العقوبات التي تهدف إلى الإطاحة بنظام ما غالبًا ما تدفعه إلى مزيد من الإجراءات القمعية، مشيرًا إلى أن مثل هذه العقوبات لها تداعيات سلبية على الاقتصاد الكلي للبلاد.

الامتثال المفرط

من العقوبات المستهدفة إلى الامتثال المفرط، وهي مسألة أخرى أثارها خبراء خلال جلسة الاستماع، وتنطبق على الحالات التي تتجنب فيها شركات ومنظمات غير حكومية ممارسة أعمال تجارية في بلد خاضع لعقوبات، حتى لو كان من المحتمل رفعها.

وفي كثير من الأحيان تتخوف منظمات ربحية عديدة من انتهاك تلك العقوبات عن طريق الخطأ، خصوصًا أنها لن تقوى على تحمل التكاليف القانونية المرتبطة بضمان الامتثال، بحسب الأستاذة في جامعة ييل والزميلة غير المقيمة بمعهد كوينسي الأمريكي، أسلي بالي.

وأوضحت بالي أنه إذا توقفت وكالة إغاثة دولية على سبيل المثال عن إجراء معاملات مالية، من أجل توفير إمدادات إنسانية لبلد خاضع لعقوبات، فإن أنشطتها تصبح مهددة على الصعيد العالمي. وأشارت إلى أنها مخاطرة لا تستعد شركات ومنظمات غير حكومية خوضها، بغض النظر عن الاعتبارات الإنسانية، وفق “ريسبونسيبل ستيتكرافت”.

تأثير مثير للإعجاب

في ما يتعلق بالعقوبات الأمريكية على روسيا، كانت آراء الخبراء خلال جلسة الاستماع أكثر إيجابية. وقال الأستاذ في جامعة ديوك، بروس جينتلسون، إن القيود الاقتصادية على موسكو كان لها تأثير مثير للإعجاب في جهودها في أوكرانيا.

وتوقع جينتلسون، الذي تولى سابقًا مهامًا مرتبطة بالسياسة الخارجية الأمريكية، أن تعزز تلك العقوبات موقف واشنطن في أي مفاوضات محتملة مستقبلًا بين موسكو وكييف، بافتراض أن صانعي السياسة الأمريكيين مستعدون لمواجهة مخاوفهم من تداعيات التعامل بـ”ليونة” مع الكرملين.

خيار افتراضي

في الوقت نفسه، عرج خبراء إلى احتمالية تصنيف أمريكا روسيا دولة راعية للإرهاب، ذلك الجدل الذي احتدم أهيرًا، عندما ضغط نواب بالكونجرس على الرئيس الأمريكي، جو بايدن، لاتخاذ تلك الخطوة، وهو الأمر الذي من شأنه أن يحول دون تخفيف العقوبات عنها، وقد تصاحبه تداعيات إنسانية مدمرة عالميًّا.

وبصفة عامة، جادل الخبراء، خلال جلسة الاستماع، أن الولايات المتحدة ستكون في وضع أفضل إذا توقفت عن استخدام العقاب الاقتصادي، كاستجابة سريعة لأزمات العالم. وقال بروس جينتلسون: “نحن بحاجة إلى التوقف عن جعل العقوبات خيارًا افتراضيًّا”.

ربما يعجبك أيضا