انتقال ولاية الحكم .. سلطنة عمان تستشرف مستقبلًا مستقرًا مستدامًا

كتب – حسام عيد

مع حلول الذكرى الأولى لتوليه سدة الحكم بعد أن خلف السلطان الراحل قابوس بن سعيد في 11 يناير 2020، أصدر سلطان عُمان هيثم بن طارق، مرسومين سلطانيين، أحدهما يتعلق بـ”إصدار النظام الأساسي للدولة” والذي يشمل وضع آلية محددة ومستقرة لانتقال الحكم في السلطنة وتعيين ولي العهد للمرة الأولى في تاريخ السلطنة، والآخر يتمثل في “إصدار قانون مجلس عُمان”.

وكان العمل في السلطنة يجري وفق مرسوم صدر عام 1996، ونص على أن تختار الأسرة الحاكمة خليفة للسلطان في غضون ثلاثة أيام من خلو المنصب.

وبعد قيادة السلطان هيثم بن طارق لأمور البلاد، تحدث العالم عن الانتقال السلس والسريع للسلطة في سلطنة عمان، ولم يكن الحديث من الجانب السياسي فحسب، بل اتسعت بقعته لتشمل الجانب الاقتصادي كذلك.

واليوم، ومع إقرار النظام الأساسي الجديد تضمن السلطنة انتقالًا مستقرًا للحكم.

مواكبة رؤية 2040

وكالة الأنباء العُمانية الرسمية أفادت أن إصدار السلطان هيثم بن طارق للمرسومين رقم 6 ورقم 7 لعام 2021، يأتي تلبية لمتطلبات السلطنة في المرحلة القادمة، وانسجامًا مع التطلعات والرؤى المستقبلية، وفي مقدمتها “رؤية عُمان 2040”.

وترتكز رؤية 2040 على أربعة محاور رئيسة هي: “مجتمع إنسانه مبدع” و”اقتصاد بيئته تنافسية” القيادة و”بيئة مواردها مستدامة” و”دولة أجهزتها مسئولة”، وكل هذه المحاور تتسق مع التوجه الاستراتيجي نحو مجتمع معتز بهويته وثقافته وملتزم بمواطنته.

ملامح النظام الأساسي وقانون مجلس عُمان

ويتمثل أهم ما ورد في المرسوم السلطاني السامي رقم 6 لعام 2021 القاضي بإصدار نظام أساسي جديد للدولة فيما يلي:

– وضع آلية محددة ومستقرة لانتقال ولاية الحكم في السلطنة.

– وضع آلية تعيين ولي العهد وبيان مهامه واختصاصاته.

– التأكيد على مبدأ سيادة القانون واستقلال القضاء كأساس للحكم في الدولة.

– التأكيد على دور الدولة في كفالة المزيد من الحقوق والحريات للمواطنين وأهمها؛ (المساواة بين المرأة والرجل ورعاية الطفل والمعاقين والنشء، والشباب، وإلزامية التعليم حتى نهاية مرحلة التعليم الأساسي وتشجيع إنشاء الجامعات والنهوض بالبحث العلمي ورعاية المبدعين والمبتكرين، والحق في الحياة والكرامة الإنسانية والحياة الآمنة وحُرمة الحياة الخاصة وعلى أن السجون دُورُ للإصلاح والتأهيل وخضوعها لإشراف قضائي، وحماية التراث الوطني واعتبار الاعتداء عليه والاتجار فيه جريمة يعاقب عليها القانون.

– في إطار حوكمة مؤسسات الدولة أفرد النظام الأساسي فصلًا خاصًا لمتابعة الأداء الحكومي ورقابته بإنشاء لجنة تتبع السلطان تتولى متابعة وتقييم أداء الوزراء ووكلاء الوزارات ومن في حكمهم وإفراد نص خاص لجهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة لدعم دوره في تحقيق تلك الحوكمة.

– التأكيد على نهج الدولة في إرساء نظام للإدارة المحلية بإفراد فصل خاص لذلك.

– التأكيد على أهمية دور مجلس عُمان ومساهماته المقدرة في مسيرة التنمية الشاملة للوطن ومن أجل ذلك أفرد له النظام الأساسي للدولة بابًا خاصًا تضمن أهم الأحكام الخاصة بهذا المجلس والاختصاصات المنوطة به والتي من أهمها؛ (إقرار أو تعديل القوانين التي تحيلها الحكومة وكذلك اقتراح مشروعات القوانين ومناقشة خطط التنمية والميزانية العامة للدولة إضافة إلى أدوات المتابعة المقررة لمجلس الشورى).

أما فيما يتعلق بقانون مجلس عُمان اليوم الذي صدر بالمرسوم السلطاني رقم 7 لعام 2021 فإنه يتضمن اختصاصات المجلس وشروط العضوية وجميع حقوق وواجبات الأعضاء إضافة إلى تنظيم كل ما يتعلق بشؤون المجلس.

ومن أهم الاختصاصات المنوط بها مجلس عُمان “إقرار أو تعديل القوانين التي تحيلها الحكومة، وكذلك اقتراح مشروعات القوانين، ومناقشة خطط التنمية والميزانية العامة للدولة، إضافة إلى أدوات المتابعة المقررة لمجلس الشورى”.

آفاق أرحب

ومنذ توليه الحكم شرع السلطان هيثم بن طارق في تأسيس المرحلة الجديدة التي تحدث عنها، حيث أصدر مراسيم وقرارات يمكن اعتبارها صياغة جديدة لإدارة البلاد على أكثر من صعيد.

وكان سلطان عمان قد تعهّد في خطاب توليه الحكم بالسير على خطا سلفه الراحل السلطان قابوس بن سعيد، وقال إن بلاده تقف على أعتاب مرحلة جديدة، وإنها ستمضي قدمًا في طريق البناء والتنمية.

ووعد بتحديث جهاز الدولة الإداري، وتطوير آليات صنع القرار الحكومي، ورفع كفاءة الشركات الحكومية وتعزيز مساهمتها في المنظومة الاقتصادية.

وفي إطار سعي السلطان هيثم لتكوين حكومة رشيقة، إضافة لتقليص الإنفاق والتركيز على الإصلاحات بما يتواءم مع المعطيات الاقتصادية وتطلعات المجتمع العُماني، أصدر في 18 أغسطس 2020، 28 مرسومًا سلطانيًا، في خطوة يبدو أنها استكمال لمشوار التغيير الذي بدأه مع توليه الحكم.

وتتضمن المراسيم الجديدة دمج عدد من الوزارات والهيئات الحكومية، وتقليص الحقائب الوزارية، حيث قُلِّصت الحقائب الوزارية من 26 حقيبة إلى 19، وقُلصت الهيئات الحكومية من 19 هيئة إلى 10 هيئات، إضافة إلى إلغاء عدد من الوزارات والهيئات الحكومية.

سبق هذا التحديث الشامل للجهاز الإداري مجموعة من المراسيم السلطانية التي حملت في طياتها إعادة لترتيب الأولويات وبناء منظومة حكم جديدة تمكن السلطنة من النهوض برؤية 2040.

وختامًا، يمكن القول؛ إن استشراف سلطنة عُمان انتقال مستقر للحكم، سيبقيها دولة قوية ومتجددة بأركانها وجميع مفاصلها، ما يبشر بمستقبل واعد وقادم مشرق وحياة مستقرة مستدامة.

ربما يعجبك أيضا