انطلاق حملة الانتخابات التشريعية.. هل تتولد سلطة جديدة في تونس؟

إسراء عبدالمطلب
انتخابات تونس

تأتي انتخابات تونس التشريعية وسط اعتراضات سياسية وطلبات ملحة بتأجيلها، ويرى البعض أنها ديكتاتورية جديدة يسعى قيس سعيد لتحقيقها.. فهل تتأجل؟


تشهد تونس في 17 ديسمبر 2022، أول انتخابات تشريعية منذ تولي الرئيس قيس سعيّد السلطة التنفيذية والتشريعية بتونس في 25 يوليو 2021، وحل البرلمان في 30 مارس 2022.

وتأتي هذه الانتخابات بقانون انتخابي معدل أصدره سعيد في 15 سبتمبر الماضي، يعتمد طريقة الاقتراع على الأفراد عوضًا عن القوائم، ومبدأ سحب الوكالة من النائب، لتشكيل برلمان من 161 نائبًا، 10 منهم يمثلون التونسيين في الخارج.

انتخابات تونس

انتخابات تونس 2022

ديكتاتورية جديدة

سيسهم هؤلاء النواب في سن تشريعات البلاد والتأثير في التوازنات السياسية، تدعمه غرفتان تشريعيتان متمثلة في مجلس النواب ومجلس الأقاليم والجهات، وفق الدستور الجديد لتونس، ووسط اعتراضات السياسيين والأحزاب على موعد إجراء الانتخابات وطلب تأجيلها، شدد الرئيس التونسي، قيس سعيّد، على أن الانتخابات في موعدها المحدد.

وبحسب صحيفة الإندبندنت عربية، يتولى الرئيس سعيد أغلب الصلاحيات الدستورية في تونس منذ يوليو عام 2021، بعدما أطاح بالبرلمان الذي هيمنت عليه حركة النهضة، المنتمية لتنظيم “الإخوان المسلمين” في تونس، ويواجه سعيد انتقادات متصاعدة من خصومه بمحاولة التأسيس لـ “ديكتاتورية جديدة” وهو ما ينفيه سعيد واعدًا بحماية الحقوق والحريات.

عزلة سياسية

رغم وعود سعيد، يبدو أنَّه يتجه لمزيد من العزلة عن بقية النخب السياسية، فقد باتت أحزاب موالية توجه انتقادات له وللحكومة التي شكلها بقيادة رئيسة الوزراء، نجلاء بودن، في مواجهة لتحديات اقتصادية وسياسية واجتماعية في تونس التي شهدت ركودًا اقتصاديًّا منذ عام 2011، بسبب تعطل سلاسل الإنتاج إثر احتجاجات لعاطلين عن العمل وغيرها.

وبحسب صحيفة الشرق الأوسط، انطلقت يوم الأربعاء 23 نوفمبر 2022 الحملة الانتخابية التشريعية خارج تونس، وتستمر حتى 13 ديسمبر، وفق الجدول الذي أقرته الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وبدأت بصفر مرشحين في 7 دوائر انتخابية من إجمالي 10 مقاعد برلمانية مخصصة للتونسيين المقيمين في الخارج، وهو أمر يحدث للمرة الأولى منذ 2011.

انتخابات تونس

انتخابات تونس 2022

تأجيل الانتخابات

ظهرت دعوات تشدد على تأجيل العملية الانتخابية إلى الربع الأول من السنة المقبلة، وتعديل القانون الانتخابي، خصوصًا فيما يتعلق بشرط حصول كل مترشح على تزكية من 400 ناخب مسجل، داخل عدد من الدول الأوروبية والعربية، وفي الأمريكيتين وآسيا وأستراليا وإفريقيا، في حين سجلت 3 دوائر انتخابية ترشحًا وحيدًا، ما يعني فوز المرشح آليًا.

غير أن نحو 10 مرشحين اعتبروا فائزين في الانتخابات البرلمانية قبل خوضها، بغض النظر عن عدد الأصوات التي سيحصلون عليها، وذلك لعدم وجود منافسين لهم، وهو أمر يحدث للمرة الأولى، وهو ما خلف انتقادات حادة للقانون الانتخابي الجديد، الذي حرر فصوله الرئيس سعيد، باعتباره أستاذ القانون الدستوري، من دون إشراك بقية مكونات المشهد السياسي التونسي.

الامتناع عن التصويت

دعا أمس حزب “الراية الوطنية” المواطنين إلى مقاطعة الانتخابات، وعيًا بخطورة المرحلة، وما قد يهدد الوطن من مخاطر ومنزلقات نتيجة الإصرار على الخطأ. وتنطلق الحملة الانتخابية وسط خلاف حاد بين الهيئة العليا للإعلام السمعي البصري والهيئة العليا للانتخابات.

ونقلت صحيفة الشرق الأوسط عن رئيس الهيئة العليا للإعلام، أنها سترفع قضية لدى المحكمة الإدارية لوقف تنفيذ المنشور الأخير، الذي أصدرته هيئة الانتخابات، والذي يقضي بمنحها وحدها حق رصد التغطية الإعلامية للانتخابات التشريعية.

هيئة الانتخابات التونسية ترفض إمداد الهيئة العليا للإعلام بمشروع التغطية الإعلامية

في المقابل، ذكر محمد التليلي المنصري، المتحدث باسم هيئة الانتخابات التونسية، رفضها مدِّ الهيئة العليا للإعلام بمشروع قرار التغطية الإعلامية للانتخابات البرلمانية. وكشف في تصريح إعلامي عن تنظيم لقاءات رسمية ودية بين رئيسي الهيئتين.

وشدد على عدم وجود نقاط خلافية كبرى بين الطرفين، موضحًا أنهما تجاوزا كل النقاط الخلافية السابقة، ومؤكدًا أن الهيئة جاهزة لتوقيع القرار من دون شروط، على حد تعبيره.

1055 مرشحًا نهائيًّا

وفق سكاي نيوز، كانت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات قد أعلنت، الاثنين 21 نوفمبر 2022، القائمة النهائية للمرشحين، ونقلت الصحيفة عن نائب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، ماهر الجديدي، قبول 1055 مرشحًا نهائيًا لعضوية مجلس نواب الشعب، وانطلاق الحملة الانتخابية رسميًّا يوم 25 نوفمبر، بمعايير جديدة تفرض رقابة على التمويل والحضور الإعلامي.

وقال الجديدي إنهم بدأوا داخل هيئة الانتخابات، منذ يوم الاثنين، في عقد لقاءات دورية تكوينية مع المجتمع المدني والأحزاب، للتعريف بشروط الانتخابات القانونية ومعايير النفاذ لوسائل الإعلام، معلنًا استعداد الهيئة لاستكمال المسار الانتخابي في أفضل الظروف رغم الصعوبات لوجستيًّا وبشريًّا.

تباين الآراء

وبحسب التقرير نفسه، رأى القيادي بحركة البعث، صهيب المزريقي، أن قائمة المرشحين المعلنة تنبئ بأن البرلمان سيكون متوازنًا، ليضم نخبة مثقفة وواعية، خاصة أن أكثر من نصف المرشحين هم من أبناء الوظيفة العمومية والحاصلين على مستوى تعليمي متقدم.

ونوه بأن نحو الربع منهم هم من أصحاب مهن حرة، ومن بينهم أيضا محامون وأطباء ومهندسون، ما يضمن وجود الكفاءة داخل المجلس.

الحملة الانتخابية تبدأ في ظروف صعبة

من جهة أخرى، اعتبر رئيس منظمة “عتيد”، بسام معطر، أن الحملة الانتخابية للموعد التشريعي تبدأ في ظروف صعبة، بسبب تنقيح القانون الانتخابي وتغيير تقسيم الدوائر الانتخابية، والنص على منع تمويل الأحزاب للحملات الانتخابية للمرشحين مع غياب التمويل العمومي، وأن هذه إجراءات جديدة من شأنها أن تؤثر في نوعية الحملة.

وتوقع معطر ألا تكون الحملة الانتخابية نشطة وبرامجها واضحة، خاصة أن بعض المرشحين ضمنوا مقاعدهم بسبب غياب مرشحين منافسين في دوائرهم، ليفوزوا مسبقًا من دون حاجة للناخبين، مشيرًا لوجود ضبابية في فهم الناخب لتقسيم الدوائر الانتخابية، وتعرفه على برامج المرشحين وانتماءاتهم، وكل التفاصيل التي تُكوٍّن له رؤية واضحة قبل الاقتراع.

ربما يعجبك أيضا