انفجارات أجهزة البيجر.. حزب الله أصبح مكشوفًا بالكامل

تحليلات عسكرية لأسباب انفجار أجهزة البيجر.. كيف اخترقت إسرائيل حزب الله؟

بسام عباس

أصيب نحو 2800 من عناصر حزب الله، وقتل ما لا يقل عن 9 أشخاص في مختلف أنحاء لبنان اليوم الثلاثاء 17 سبتمبر 2024 إثر انفجار أجهزة استدعاء (البيجر) في وقت واحد، في هجوم قال حزب الله إنه يُحمِّل بضمات “العدو الإسرائيلي”.

ووقعت الانفجارات في عدد من معاقل حزب الله بعد ساعات من إعلان إسرائيل توسيع أهداف الحرب ضد حماس في قطاع غزة إلى حدودها الشمالية مع لبنان، وامتلأت المستشفيات في مختلف أنحاء لبنان بالجرحى، وأطلقت عدة مستشفيات في جنوب لبنان نداء للتبرع بالدم.

شحنة جديدة

نقلت وكالة رويترز عن 3 مصادر أمنية قولها إن أجهزة النداء (البيجر) التي انفجرت هي طراز جديد استلمه حزب الله في الأشهر الأخيرة.

وذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن الأجهزة التي انفجرت كانت جزءًا من شحنة جديدة تلقاها حزب الله في “الأيام الأخيرة”.

ونقلت وكالة رويترز، في منتصف يوليو الماضي، عن 6 مصادر مطلعة على شؤون حزب الله قولها، إن الحزب حظر على أعضائه استخدام الهواتف المحمولة في ساحة المعركة، طالبًا منهم استخدام أجهزة البريد وأجهزة النداء للتواصل.

وفي خطاب ألقاه في فبراير، تحدث زعيم الحزب حسن نصر الله عن مخاطر الهواتف الذكية، ووصفها بأنها “أجهزة تجسس”.

تحضير مسبق

نقلت صحيفة “لوريان توداي” الفرنسية، في تقرير نشرته اليوم الثلاثاء 17 سبتمبر 2024، عن 3 خبراء ومحللين عسكريين أراءهم بشأن هذا الحادث ونسبه حزب الله إلى إسرائيل، حيث حلل الخبير العسكري والمراسل الحربي، إيليا ماجنييه، في مقال على موقع إكس، عملية الاختراق، لا سيما من حيث التحضير المسبق.

وأوضح ماجنييه أن إسرائيل لا بد وأن تبدأ بالاختراق التقني لكي تتمكن من تضمين محفز متفجر في الدفعة الجديدة من أجهزة البيجر، ومن المرجح أنها كانت بحاجة إلى الوصول إلى سلسلة توريد هذه الأجهزة، وتسللت الاستخبارات الإسرائيلية إلى عملية الإنتاج، وأضافت مكونًا متفجرًا وآلية تشغيل عن بعد إلى أجهزة النداء دون إثارة الشكوك.

وأضاف أنه لا بد من وجود طرف ثالث بائع متورط في العملية ما يشير إلى وجود واجهة استخباراتية محتملة أو وسيط مخترق يسهل توزيع هذه الأجهزة التي تم التلاعب بها إلى حزب الله، لافتًا إلى أن الخطوة الثالثة هي التفعيل عن بعد، فطبيعة الانفجار تشير إلى آلية تفعيل عن بعد باستخدام تردد أو إشارة مشفرة لتفعيل الجهاز المتفجر.

ولفت إلى أن هذا الحادث يؤكد وجود خرق كبير لبروتوكولات الأمن الخاصة بحزب الله، ففشل المنظمة في اكتشاف أجهزة النداء (البيجر) المخترقة قبل توزيعها يشير إلى وجود فجوة أمنية خطيرة في فحص سلسلة التوريد والتدابير الأمنية الداخلية لدى الحزب.

حزب الله مكشوف

من جانبها، تحدثت الباحثة في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، حنين غدار، عن “عملية كبيرة للغاية تسلط الضوء على نقطة مهمة، ألا وهي أن حزب الله مكشوف بالكامل أمام القدرات الاستخباراتية والعسكرية الإسرائيلية”، لافتةً إلى أنه ليس من المؤكد ما إذا كان حزب الله يعتبر هذا الهجوم استفزازا خطيرا وما إذا كان سيفعل شيئا حيال ذلك.

وأوضحت غدار أن الإسرائيليين يمكنهم فعل ما يريدون بأعضاء حزب الله وأفراده، في أي وقت وفي أي مكان، وحتى لو لم يكن هناك قرار بالذهاب إلى الحرب، فإن هذا الهجوم هو وسيلة ضغط يستخدمها الإسرائيليون لدفع حزب الله إلى اتفاق يعزز الأمن الإسرائيلي.

وأضافت أن السياق الحالي لكل هذا يتعلق بالمرحلة التالية من هذه الحرب: أين ستكون المنطقة العازلة؟ هل ستكون في جنوب لبنان أم في شمال إسرائيل؟ إن الإسرائيليين يريدون نقل المنطقة العازلة إلى لبنان ويريدون التأكد من أن حزب الله يدرك قدراتهم.

عملية أوسع نطاقًا

قال كاتب العمود في صحيفة هآرتس الإسرائيلية ومراسل مجلة الإيكونوميست في إسرائيل، أنشيل فيفر، على موقع إكس إن “الدولة التي تمتلك القدرة على اختراق نظام الاتصالات لمنظمة معادية لن تكشف عن امتلاكها لهذه القدرة فقط لإصابة عملاء المنظمة.

وأضاف أن هذا الكشف يمكن أن يكون تمهيدًا لعملية أوسع نطاقًا، أو لمنع عملية مخططة من قبل منظمة العدو، أو أن تكون لديها بالفعل قدرات أفضل، أو صرف الانتباه عن كارثة كبرى، سواء كانت سياسية أو استخباراتية، أو كل ما سبق أو بعضه.

هجوم متطور للغاية

كشفت صحيفة وول ستريت جورنال، في تقرير نشرته اليوم الثلاثاء 17 سبتمبر 2024، عن الآلية التي يمكن أن تكون سببًا في انفجار أجهزة الاتصال التي يحملها عناصر حزب الله في لبنان وسوريا وأدت إلى مقتل وإصابة عدد كبير من أفراد الحزب.

ونقلت عن المحلل الاستخباراتي، والمتخصص في فهم العمليات الإسرائيلية ضد حزب الله وإيران، رونين سولومون قوله: إن “انفجار الأجهزة في لبنان يشبه نوع العملية التي تنفذها وكالة الاستخبارات الإسرائيلية” موضحًا أن “هذا الحادث هو جهد من الموساد”، وتابع أن إسرائيل “ربما أرادت إيصال رسالة مفادها بأنها تتمتع بقدرة فريدة على الهجوم”.

من جانبه، قال رئيس الاستخبارات في شركة “لا بيك إنترناشيونال”، الاستشارية في مجال الأمن وإدارة المخاطر، مايكل هورويتز، إن “السبب على الأرجح كان برنامجًا خبيثًا تسبب في ارتفاع درجة حرارة بطاريات أجهزة النداء وانفجارها، أو شحنة وضعت في الأجهزة وانفجرت عن بعد”، لافتًا إلى أن “هذا هجوم متطور للغاية، وخاصة إذا كان هذا خرقًا ماديَّا، ما يعني أن إسرائيل لديها إمكانية الوصول إلى منتج هذه الأجهزة”.

ربما يعجبك أيضا