انقلاب أم إعادة ترتيب أوراق.. الجيش المالي يعتقل الرئيس ورئيس الوزراء!

حسام السبكي

حسام السبكي

يبدو أن دولة مالي على مشارف انقلاب عسكري جديد، أو إن شئنا القول: انقلاب عسكري خامس، لم تتكشف ملامحه بدقة حتى الآن، رغم حالة القلق والرفض الدولي، بعد إقدام الجيش على اعتقال الرئيس ورئيس الوزراء ونقلهم إلى قاعدة عسكرية، بالتزامن مع انقطاع البث التلفزيوني – وهو الإجراء الشائع في أغلب انقلابات العصر الحديث – علاوة على البدء في تشكيل حكومة جديدة، لا يُعرف ما إذا كانت ستحظى بالدعم أو الشرعية الدولية من عدمه.

انقلاب أم إعادة ترتيب أوراق!

000 8VC8K6

كشفت عدة مصادر دبلوماسية وحكومية بحسب “رويترز”، إن ضباطا من الجيش في مالي اعتقلوا الرئيس ورئيس الوزراء ووزير الدفاع في الحكومة المؤقتة، بعد تعديل وزاري، الإثنين.

وأضافت المصادر أن رئيس مالي المؤقت باه نداو، ورئيس الوزراء مختار عوان، ووزير الدفاع سليمان دوكوريه، اقتيدوا إلى قاعدة عسكرية في كاتي خارج العاصمة باماكو، وانقطع البث التلفزيوني الرسمي.

وأوضحت المصادر، إن ضباطاً في مالي اعتقلوا الرئيس ورئيس الوزراء بعد عزل وزيري الدفاع والأمن.

كما أكدت أن آليات عسكرية خرجت من قاعدة في مالي بعد التعديل الحكومي.

وقالت مصادر صحفية وفقًا لـ”العربية”، إن الحرس الوطني المالي هو من نفذ اعتقال الرئيس ورئيس الوزراء، مشيرة إلى أن بوادر الانقلاب في مالي ظهرت مع بدء تشكيل رئيس الوزراء للحكومة.

من جانبه، قال رئيس وزراء مالي لـ”وكالة الأنباء الفرنسية”: “عسكريون اقتادوني بالقوة إلى مكتب الرئيس”.

ويوم الإثنين، عينت الحكومة المؤقتة في البلد الواقع غربي إفريقيا، عددا من الوزراء الجدد، فيما قال منتقدون إن شخصيات عسكرية بارزة تولت حقائب مهمة.

وتم منح وزارات الدفاع والأمن والشؤون الداخلية والمصالحة الوطنية لضباط في الجيش، بينما يتزايد الغضب في الشارع إزاء عدم تحقيق وعود الإصلاح.

وما أن أعلنت الرئاسة الانتقالية في مالي، الإثنين، في بيان، عن تشكيل حكومة مؤقتة جديدة يحتفظ فيها العسكريون بحقائب وزارية مهمة، حتى توالت الأحداث والاضطرابات في البلاد.

ولا يزال ضباط في الجيش يتولون حقائب الدفاع والأمن والإدارة الإقليمية والمصالحة الوطنية في هذه الحكومة الجديدة المكونة من 25 عضوا والتي تشكلت بعد استقالة الفريق السابق في 14 مايو، وأعلنها رئيس الوزراء الانتقالي مختار عوان.

وتم استبدال عضوين من المجلس العسكري الذي أطاح بالرئيس إبراهيم أبو بكر كيتا في 18 أغسطس الماضي، وهما العقيدان ساديو كامارا وموديبو كوني، في حقيبتي الدفاع والأمن الخاصة بهما.

قلق وانتقاد دولي

852

في أول رد فعلٍ دولي، على الاضطراب في مالي، دعت السفارة الأمريكية في مالي، مواطنيها لتوخي الحذر بعد رصد نشاط عسكري كبير.

كما دعت وزارة الخارجية الأمريكية عبر مكتب الشؤون الأفريقية التابع لها على تويتر، إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن المسؤولين المحتجزين في مالي.

بدورها، عبرت أطراف دولية عديدة تتصدرها الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي عن رفضها  لإقدام الجيش المالي على احتجاز الرئيس الانتقالي باه انداو ووزيره الأول مختار وان، وطالبت بالإفراج الفوري عنهما.

جاء ذلك في بيان صادر عن اللجنة المحلية لمتابعة العملية الانتقالية في مالي، والتي تضم المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) والاتحاد الأفريقي، وبعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في مالي (مينوسما)، بالإضافة إلى ممثلين من المجموعة الدولية من ضمنهم فرنسا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا والاتحاد الأوروبي.

وقالت اللجنة في بيانها الذي صدر في وقت متأخر من مساء الاثنين، إنها «قلقة» من توتر الأوضاع في مالي.

وقال أعضاء اللجنة إنهم «يدينون بشدة» ما سموه «محاولة الانقلاب بالقوة» بعد إعلان الحكومة الجديدة من طرف رئيس الجمهورية باقتراح من الوزير الأول.

وطالب البيان بـ «الإفراج الفوري وغير المشروط» عن المحتجزين، محملا مسؤولية أمنهم وسلامتهم للعسكريين الذين يحتجزونهم.

وجددت اللجنة «دعمها القوي» للسلطات الانتقالية في مالي، مشددة على ضرورة استئناف العملية الانتقالية حتى تؤدي المطلوب منها في الآجال المحددة.

وقال البيان إن «المجموعة الدولية ترفض مسبقا أي تصرف تم فرضه بالقوة، بما في ذلك الاستقالات القسرية».

وأعلن البيان أن بعثة من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) ستصل غدا الثلاثاء إلى العاصمة المالية باماكو.

تاريخ من الانقلابات!

66d44205 4147 416c 90cd bc8cfa042fa7

في أقل من 10 سنوات، شهدت دولة مالي 4 انقلابات عسكرية أخرى، بخلاف ما حدث أمس الإثنين، نستعرضها بشيء من التفصيل في السطور التالية:

انقلاب 1968

موديبو كايتا أول رئيس لدولة مالي

أول انقلاب كان في 19 نوفمبر/تشرين الثاني 1968، أطاح بحكم أول رئيس للبلاد وهو موديبو كايتا من قبل الجنرال موسى تراوري.

وتمكن كايتا من حكم مالي بقبضة عسكرية طوال 8 سنوات مستغلا غياب مؤسسات الدولة عقب الاستقلال، شكل خلالها “مجلساً عسكرياً للتحرير الوطني” أوكلت له مهمة قيادة البلاد.

بقي بموديبو كايتا في سجنه 9 سنوات حتى وفاته عام 1977، وخلال تلك الفترة شكل موسى تراوري “جنرال مالي القوي” آنذاك “لجنة عسكرية” جمع فيها منصب رئيسي الدولة والحكومة.

انقلاب 1991

موسى تراوري ثاني رئيس لدولة مالي

وكان موسى تراوري أطول رؤساء مالي حكماً بـ23 عاماً، قبل أن يطيح به الجيش عقب انتفاضة شعبية على الأوضاع الاقتصادية، في مشهد يبدو مماثلاً لآخر انقلاب أنهى حكم الرئيس أبوبكر كايتا.

وسجلت مالي ثاني انقلاب عسكري في تاريخها الحديث قاده الجنرال أمادو توماني توري في 26 مارس/ آذار 1991.

وشكل توماني توري مجلساً عسكرياً مؤقتاً لإدارة البلاد لفترة انتقالية، قاد خلاله البلاد إلى إجماع وطني حول أول دستور يكرس التعددية الحزبية والنظام الرئاسي، وأول انتخابات رئاسية تعددية في تاريخها.

وبات ألفا عمر كوناري أول رئيس مالي ينتخب ديمقراطياً في 8 يوليو/ حزيران 1992 لفترتين رئاسيتين، ويتسلم السلطة من المجلس العسكري بقيادة الجنرال أمادو توماني توري ويقرر التقاعد من الجيش.

وتابع خلالها كوناكري رئيس البلاد الأسبق موسى تراوري قضائياً بتهم “جرائم قتل معارضين ومدنيين وأخرى تتعلق بالفساد”.

وصدر ضده حكمان، الأول كان عام 1993 بالإعدام شنقاً مع زوجته قبل أن يتم تجميده، والثاني في 1999 في جرائم اقتصادية، ليصدر عفو رئاسي عنه عام 2002.

ألفا عمر كوناري ثالث رئيس لدولة مالي

انقلاب 2012

أمادو توماني توري رابع رئيس لدولة مالي

وشهدت فترة كوناكري استقراراً أمنياً نسبياً عكره تمرد طوارق شمالي البلاد، وكان الرئيس الوحيد “الذي لم ينقلب عليه الجيش”، حتى سلم السلطة “لمن سلمه السلطة عام 1992“.

وعاد الجنرال أمادو توماني توري إلى الحياة السياسية بعد ترشحه للانتخابات الرئاسية التي فاز بها من الدور الثاني في مايو/أيار 2002 نتيجة الشعبية الكبيرة التي كان يحظى بها.

ودام حكمه 10 سنوات كاملة، قبل أن يطيح به الجيش في ثالث انقلاب عسكري تشهده المستعمرة الفرنسية السابقة في 22 مارس/آذار 2012.

واتهم المتمردون الذين كانوا من الحرس الرئاسي الرئيس توماني توري بـ”الفشل في التصدي لتمرد الطوارق والجماعات الإرهابية المتمركزة في شمال البلاد“.

وأعلن المتمردون حل جميع المؤسسات الدستورية وإغلاق كافة حدود البلاد، وعينوا النقيب أمادو سانوغو رئيساً لـ”اللجنة الوطنية لاستعادة الديمقراطية وإعمار الدولة” الكلفة بقيادة البلاد.

ورفض الماليون الانقلاب العسكري، واكتسحوا العاصمة باماكو في مظاهرات ضخمة مطالبة بإعادة نظام توري الديمقراطي، غير أن المجلس العسكري أصر على إبعاده عن الحكم.

أمادو سانوغو خامس رئيس لدولة مالي - مجلس عسكري

انقلاب 2020

نظم المجلس العسكري الانتقالي انتخابات رئاسية جديدة، فاز فيها المرشح المدني إبراهيم أبوبكر كيايتا (75 عاماً) ليصبح سادس رئيس في تاريخ مالي قبل أن يطيح به الجيش في 18 أغسطس/آب.

وأعلن ضباط بالجيش المالي، مساء الثلاثاء 18 أغسطس الماضي، اعتقال رئيس البلاد إبراهيم أبو بكر كيتا، ورئيس وزرائه.

جاء ذلك بعد ساعات من تمرد جنود في قاعدة كاتي العسكرية خارج باماكو، وإلقاء القبض على عدد من كبار المسؤولين المدنيين والعسكريين.

إبراهيم أبو بكر كايتا سادس رئيس لدولة مالي

ربما يعجبك أيضا