بايدن يحذر من «هرمجدون».. هل بات العالم على شفير حرب نووية؟

بسام عباس
الرئيس الأمريكي جو بايدن

الرئيس الأمريكي يحذر من أن العالم يواجه "حرب فناء" إذا ما نفّذ نظيره الروسي تهديداته باستخدام سلاحًا نوويًّا تكتيكيًّا في أوكرانيا.. فما أبرز المواقف الدولية بشأن هذه النظرة؟


رأى الرئيس الأمريكي، جو بايدن، أن التهديدات الروسية باستخدام الأسلحة النووية تهدد البشرية بحرب فناء (هرمجدون)، للمرة الأولى منذ أزمة الصواريخ الكوبية في منتصف الحرب الباردة.

وشدد بايدن على أن نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، لم يكن يمزح عندما أطلق تلك التهديدات باستخدام محتمل لأسلحة نووية تكتيكية، أو أسلحة بيولوجية أو كيميائية، بحسب تقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، يوم الجمعة الماضي 7 أكتوبر 2022.

استدعاء أزمة الصواريخ الكوبية

قال الرئيس الأمريكي، خلال حفل لجمع التبرعات في نيويورك: “للمرة الأولى منذ أزمة الصواريخ الكوبية، نواجه تهديدًا مباشرًا باستخدام أسلحة نووية، إذا استمرت الأمور على المسار الذي تسير عليه الآن”، ووصف هذه المواجهة بأنها أخطر لحظةٍ نووية منذ أزمة الصواريخ الكوبية قبل نحو 60 عامًا.

وفق تقرير “نيويورك تايمز”، أبرم الرئيس الأمريكي السابق، جون كينيدي، في العام 1962، صفقة سرية مع رئيس الوزراء السوفيتي آنذاك، نيكيتا خروتشوف، لإزالة الصواريخ الأمريكية من تركيا، وبهذه الصفقة، تجنب العالم كارثة كادت أن تودي بحياة عشرات الملايين من المواطنين الأمريكيين والروس.

حقبة جديدة من أدوات التحكم في الأسلحة النووية

في تقرير نشرته شبكة “سي إن إن“، يوم الجمعة الماضي، أوضح المحلل السياسي والأستاذ في جامعة برينستون الأمريكية، جوليان زيليزر، أنه مع تهديد بوتين باستخدام الأسلحة النووية، فقد يحين الوقت لبدء حقبة جديدة من أدوات التحكم في أسلحة الدمار الشامل.

وأوضح زيليزر أن خطر التهديد بحرب نووية لا يكمن في احتمال استخدام روسيا للأسلحة النووية التكتيكية ضد أوكرانيا، ولكن استخدام تلك الأسلحة يفتح الباب لنشرها مرة أخرى، محذرًا من أن تطبيع أسلحة الدمار الشامل يخلق وضعًا مروّعًا.

لعبة انتهاك المعايير الدولية

قال الكاتب السياسي في مجلة “أتلانتيك“، توم نيكولز، إن حديث الرئيس الروسي المتكرر عن الأسلحة النووية يريد به أن يعتاد الغرب على فكرة أن له الحق في استخدامها، لافتًا إلى أن بوتين يلعب لعبة انتهاكات المعايير الدولية، بتكراره الحديث عنها، ليضع العالم أمام أمر واقع جديد، وأنه مارس هذه اللعبة في الماضي وأتت ثمارها، عندما سيطر على شبه جزيرة القرم في العام 2014.

وأوضح أن الرئيس الروسي، من خلال زيادة خطر الأسلحة النووية التكتيكية، يحاول إقناع العالم بفكرة أن هجومًا نوويًّا صغيرًا لن يكون مؤثرًا أو خطيرًا، في محاولة لانتهاك المعايير الدولية، وتحطيم التابوهات، ومن جهة أخرى يسعى لاستخدام سلاح نووي لإجبار الأوكرانيين على الاستسلام، وإبقاء الغرب في وضع حرج، والهروب من عواقب استخدام تلك الأسلحة.

ردود فعل أوروبية «حذرة»

توخى قادة أوروبا الحذر في تعليقهم على تحذير الرئيس الأمريكي الشديد بشأن التهديدات النووية الروسية، ففي قمة الاتحاد الأوروبي في العاصمة التشيكية، براج، قال الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إنه لا يود الاستغراق في الخيال السياسي، مشددًا على ضرورة الحذر عند التعليق على مثل هذه المسائل، بحسب ما ذكرته صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، يوم 7 أكتوبر 2022.

وفي الوقت نفسه، قال رئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشيل، إن الاجتماع الذي ضم قرابة 40 زعيمًا من جميع أنحاء أوروبا، كشف عن عزمٍ قوي على دعم أوكرانيا “وصلابة في إدانة روسيا”، مضيفًا “نتعامل مع هذا التهديد وكل تهديدات التصعيد بكل جدية.. لكننا لن نشعر بالخوف من مواجهتها”.

وكذلك قالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، في براج: “نأخذ تهديدات الرئيس بوتين بكل جدية، ولكننا لن نتعرض للابتزاز بكلماته في الوقت ذاته، ولدينا موقفنا الواضح بشأن كيفية المضي قدمًا، بحسب ما نقلته صحيفة “الجارديان” يوم الخميس الماضي.

مخاوف في أوروبا الشرقية

أثار طموح بوتين الإقليمي مخاوف العديد من مسؤولي دول أوروبا الشرقية، الذين أعلنوا رغبتهم في توسع حلف الناتو في بلدانهم أكثر من أي وقت مضى، ويرون أن هذا هو الوقت المناسب لبناء الدفاعات وليس التراجع، وفقًا لما نقلته صحيفة “نيويورك تايمز”.

ولكن بعض المسؤولين الأوروبيين الغربيين يرون أن بإمكانهم تقليص التدريبات، أو تقليص تعزيز القوات ولو مؤقتًا، تجنبًا للتصعيد. وخلال هذا الصيف، أجلت إدارة بايدن بعض تجارب الصواريخ، تجنبًا للاستفزازات غير المرغوبة.

اندلاع أزمة نووية

كتب مدير برنامج السياسة النووية في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، جيمس أكتون، على تويتر: “لا أعتقد أن تعليقات بايدن كانت مجرد ثرثرةٍ فارغة. فسيكون مسؤولًا عن سلامة الملايين، في حال اندلاع أزمة نووية فعلية، وأعتقد أن تصريحاته تخبرنا بما يركز عليه الآن”.

وأوضح أكتون أنه من الخطأ افتراض أن فكرة التهديد بالإبادة “مجرد آثار من زمن الحرب الباردة”، أو أن احتمالية استخدام روسيا لأسلحة تكتيكية في أوكرانيا تعني إمكانية احتواء هذه النوعية من التصعيد. وأضاف: “لا أؤمن بأنه لا مفر من التصعيد في الحرب النووية، ولكنني لست أكبر المتفائلين حيال فرص إدارتها. فليست لدينا أدنى خبرة في طريقة إدارة التصعيد ضد دولةٍ نووية، ولهذا لا يوجد ما يدعو للثقة”، بحسب ما أوردته صحيفة “الجارديان” البريطانية.

ربما يعجبك أيضا