بجبهة سياسية جديدة.. اندماج حزبي في وجه إخوان تونس

محمود رشدي

رؤية – محمود رشدي

تعدّدت المبادرات في تونس لتجميع القوى الوسطية الديموقراطية لمواجهة هيمنة الأحزاب الإسلامية، وفي مقدمها حركة “النهضة”، غير أن كل ‏المحاولات باءت بالفشل بسبب اختلاف الرؤى وأيضاً بسبب معضلة الزعاماتية التي ‏طغت على فكر قادة هذه الأحزاب. ‏
 
ومع ذلك، لم تيأس هذه الطبقة السياسية من محاولات رص الصفوف، في وقت تشهد فيه حركة “النهضة” الإسلامية أصعب ظروفها، فهي فشلت في الحفاظ على خزانها الانتخابي الذي أدرك فشلها في قيادة البلاد، ‏أيضاً لم تنجح في الحفاظ على استقرارها الداخلي الذي بدأ يتزعزع مع اقتراب مؤتمرها الحادي عشر  ‏ورفض غالبية قيادييها بقاء راشد الغنوشي في رئاسة الحركة، وذلك احتراماً لقانونها الداخلي، ‏لكن هل تنجح هذه القوى الوسطية الديموقراطية في الاستثمار في أزمة إخوان تونس؟

الإنقاذ السياسي ‏

أعلن, اليوم الأحد, في تونس الانصهار بين “حزب الأمل” بقيادة سلمى اللومي  و”الحركة الديمقراطية” بقيادة نجيب الشابي ومجموعة من الندائيين يمثلهم القيادي السابق في الحزب رضا بلحاج وعدد من الشخصيات المستقلة ضمن تنظيم حزبي موحد بمبادرة من رئيسة حزب الأمل والقيادية في حزب نداء تونس ووزيرة السياحة ومديرة الديوان الرئاسي سابقا سلمى اللومي.

وأكد بيان صادر عن الأطراف السياسة آنفة الذكر أن توحيد الأحزاب المذكورة يهدف إلى إنهاء حالة التشتت والانقسامات في المشهد السياسي الراهن, ويطرح برنامجا عمليا لإنقاذ البلاد واسترجاع الدولة التونسية وتعبئة الشعب حول معارك التنمية والتقدم الحقيقية.

وأشارت اللومي أن وضع تونس اليوم يقتضي توحيد كل الجهود لبناء حزب كبير يعمل على مدى أربع سنوات على صياغة مشروع اقتصادي وإجتماعي يجيب على تطلعات المواطنين وآمالهم مؤكدة على أن لكل جهة خصوصياتها لذلك فإن الجهات هي التي ستساهم في صياغة هذا المشروع

 وأكدت الأحزاب في بيان مشترك قبل أسبوع، ضرورة أن تشارك في هذا المؤتمر القوى ‏السياسية الوطنية والمجتمع المدني، وفي مقدمتها المنظمات الاجتماعية الكبرى، الاتحاد العام ‏التونسي للشغل (النقابات) واتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (منظمة أرباب العمل ‏‏)..

 ويقول السياسي أحمد نجيب الشابي ” إن “هذه المبادرة ‏جاءت بهدف الإنقاذ السّياسي والاقتصادي للحفاظ على استقرار البلاد ومكتسباتها السّياسية، ‏وتحصين المجتمع بالمزيد من التماسك والتضامن”.‏

 ولفت الشابي، أحد أشرس معارضي الرئيس السابق زين العابدين بن علي، إلى أن “هذه المبادرة تتمثل في انصهار أربعة ‏مكوّنات حزبية في كيان حزبي واحد في إطار تجميع القوى الديموقراطية الوسطية في ظل ‏عزوف المواطنين عن الحياة السياسية واتسام الوضع الرسمي بأزمة متعددة الأبعاد، اقتصادية ‏واجتماعية وسياسية وصحية”.‏

 وأضاف: “تضم المبادرة أيضاً شخصيات وطنية مستقلة في إطار ما يسمى بتنسيقية ديموقراطية ‏لتجميع القوى في انتظار تركيز جبهة، الهدف منها هو بناء قوة تكون حاملة لمشروع وبرنامج ‏واضح، وأن تكون بديلاً حقيقياً لتحقيق التغيير”. ‏
سيطرة “الإخوان” ‏

ويواصل مؤسس حزب التجمع الاشتراكي التقدمي في بداية الثمانينات “نحن لا نريد أي علاقة ‏بأحزاب الترويكا التي مسكت البلاد بعد الثورة، وعلى رأسها حزب النهضة الإسلامي، لأننا ‏نعتبرها المسؤولة عما وصلت اليه البلاد من أزمات على كل المستويات” .

من جهة أخرى، يرى الشابي أن “الحياة السياسية لا تقتصر على المشهد البرلماني بل يمكن أن ‏تكون نابعة من المجتمع ومن الأحياء الشعبية ومن المحافظات، وحاضرة في الإعلام وحتى ‏مواقع التواصل الاجتماعي كقوة ضغط واقتراح وتغيير نحو الأفضل”. ‏
 
ويضيف: “المطلوب أن يتغير المشهد البرلماني الذي نريد من خلاله تخليص الدولة من سيطرة ‏الإخوان على البرلمان على غرار الأردن والعراق”. ‏

ويعتقد الشابي أن “المكوّنات الأربعة اقتنعت بأن بقاء الطيف الوسطي مشتت، يعيقه عن التأثير في ‏الحياة السياسية، وبالتالي قررت الاندماج في حزب واحد”، مضيفاً أن “على هذا التكتل الجديد أن ‏يستعد للانتخابات البلدية المقبلة كمحطة أولى من أجل الظهور في المشهد السياسي”.

‏ويفيد الشابي أنهم انطلقوا فعلياً في العمل من خلال تنظيم اجتماع يضم 80 مستشاراً بلدياً ‏بمحافظة نابل جنوب شرق تونس، كلهم راغبون في الانضمام للمشروع الجديد. ‏

الأهداف

تتمثل أهداف هذا الاندماج الجديد في:

– توحيد القوى الديمقراطية ضمن تنظيم حزبي معاصر منغرس في المجتمع وحامل لمشروع تقدمي يطرح برنامجا عمليا لإنقاذ الوطن واسترجاع الدولة وتعبئة الشعب حول معارك التنمية والتقدم الحقيقية.

– إعادة بناء جسور الثقة بين المواطن وبين السياسيين من خلال ممارسة حزبية تعتمد الصدق في القول والإخلاص في العمل. – إحداث تغيير سياسي وتخليص الدولة من الابتزاز وتغوّل مراكز القوى واستعادتها من قبل المواطنين لخدمة أمنهم والذود عن حرياتهم وإقامة العدل والسهر على إنفاذ القانون.

– تغيير المشهد البرلماني من خلال تعديل القانون الانتخابي، بما يساعد على بروز أغلبية تضمن الاستقرار السياسي والتداول السلمي على الحكم.

– بناء دولة قوية ومنصفة تستمد شرعيتها من الاقتراع العام وذلك من خلال مراجعة الدستور بما يضمن وحدة السلطة التنفيذية في إطار التفريق والتوازن بين السلط.

وبحسب البيان الذي اصدرته الحركه، سيعمل الحزب الجديد على تجديد نخبته السياسية وتشبيبها بإنشاء أكاديمية سياسية ومركز للتفكير يصوغ السياسات العامة في كل المجالات، كما سنعمل على خلق ديناميكية تشاركيّة مرتبطة بانتظارات المواطنين ومنفتحة على المجتمع المدني، فتونس اليوم في حاجة إلى حياة سياسية متقدمة تقوم على قيم مشتركة نستمدها من الموروث الحضاري التونسي ومن القيم الكونية لحقوق الإنسان والديمقراطية.

ربما يعجبك أيضا