بداية سيئة للحكومة البريطانية الجديدة.. هل تستفيد منها المعارضة؟

آية سيد
ليز تراس

بعد إعلان حزمة تخفيضات ضريبية غير ممولة، تعرضت رئيسة الوزراء البريطانية، ليز تراس، وحكومتها لموجة من الانتقادات، كان أبرزها من زعيم حزب العمال المنافس، كير ستارمر.


فور إعلان رئيسة الوزراء البريطانية الجديدة، ليز تراس، خططها للتعامل مع الأزمة الاقتصادية في البلاد تعرضت لموجة من الانتقادات اللاذعة، ما وضع حكومتها في موقف حرج.

وتولت تراس الحكومة خلفًا لبوريس جونسون، في فترة تشهد الكثير من التحديات والأزمات، ما قدم فرصة لحزب العمال المنافس، وفق تحليل للكاتب لوك ماكجي، نشرته شبكة “سي إن إن“، اليوم الخميس 29 سبتمبر 2022.

خفض الضرائب

بعد 48 ساعة من تكليف ليز تراس بتشكيل الحكومة الجديدة، انتشر خبر وفاة الملكة إليزابيث الثانية، ما وضع الدولة في حالة حداد رسمي. وعقب انتهاء الحداد، يوم الاثنين 19 سبتمبر، أطلقت الحكومة موجة من السياسات المتطرفة.

وبلغت تلك الإجراءات ذروتها يوم الجمعة الماضي، بإعلان تخفيضات ضريبية بقيمة 45 مليار جنيه إسترليني (48 مليار دولار). شملت إلغاء المعدل الأعلى الذي يدفعه أصحاب الدخل المرتفع، في تعديلات تفيد الأثرياء أكثر بكثير من الملايين من أصحاب الدخل المنخفض، وفق الكاتب.

تراس تدافع عن خططها

ذكر ماكجي أن منطق حكومة تراس أن خفض ضريبة الأفراد والشركات يؤدي إلى ازدهار الاستثمار، وتحفيز الاقتصاد. وفي حوار مع شبكة “سي إن إن”، الأسبوع الماضي، دافعت تراس عن خططها الاقتصادية، قائلة إن حكومتها كانت “تحفز الشركات على الاستثمار، وتساعد الأشخاص العاديين في ضرائبهم”.

ولكن، وفق ماكجي، جاءت خطط تراس بنتائج عكسية على الفور، وهبط الجنيه الإسترليني إلى أدنى مستوى له منذ 4 عقود. ومن المرجح أن يرفع بنك إنجلترا أسعار الفائدة، ما يجعل السداد أصعب على أصحاب القروض العقارية.

محاولات للإنقاذ

أعلن بنك إنجلترا، يوم الأربعاء الماضي، أنه سيشتري السندات الحكومية البريطانية، في محاولة “لاستعادة استقرار السوق”، ومنع “الاضطراب”، عقب التخفيضات الضريبية وتراجع الإسترليني.

ومن جهته، أصدر صندوق النقد الدولي توبيخًا نادرًا لبريطانيا، مساء الثلاثاء، منتقدًا خطط التخفيضات الضريبية، وقال إنها “من المرجح أن تزيد انعدام المساواة” بين المواطنين.

فرصة للحزب المنافس

قال ماكجي إن هذه الفوضى تأتي في توقيت مثالي لحزب العمال المعارض، الذي عقد مؤتمره السنوي في ليفربول، هذا الأسبوع. وتقدم الحزب في الاستطلاعات بنسبة لم يشهدها، منذ فوز آخر رئيس وزراء ينتمي للحزب في الانتخابات العامة، وهو توني بلير.

وفي المؤتمر السنوي، بدا حزب العمال، برئاسة كير ستارمر، وكأنه حكومة منتظرة. وبعد تراجع شعبية حزب المحافظين بسبب فضائح بوريس جونسون المتكررة، تبدو فرص ستارمر أكبر في أن يصبح رئيس الوزراء المقبل لبريطانيا، وفق الكاتب.

كير ستارمر يهاجم تراس

في حوار مع الصحفية البريطانية، بيث ريجبي، نشرته شبكة “سكاي نيوز“، يوم الأربعاء 28 سبتمبر 2022، هاجم زعيم حزب العمال البريطاني، كير ستارمر، ليز تراس ووزير خزانتها، كواسي كوارتنج، قائلًا إن القرارات التي اتخذوها تشير إلى وجود “خطر”.

وقال ستارمر: “إنهم يقامرون بأموالنا.. ليمنحوا إعفاءات ضريبية للأثرياء”. وكرر ستارمر طلبه بأن تستدعي تراس البرلمان، وتتراجع عن قراراتها “قبل وقوع المزيد من الأضرار”، واصفًا تجاهل الحكومة للأمر بـ”الخطأ الفادح”.

زعيم حزب العمال البريطاني

زعيم حزب العمال البريطاني، كير ستارمر

خطط حزب العمال

أضاف ستارمر أن حزب العمال لم يكن سيسلك هذا المسار من الأساس، لو كان في السلطة. وقال: “إن فكرة التخفيضات الضريبية غير الممولة للأثرياء، تتسبب في ارتفاع الأسعار للطبقة العاملة، ومخاوف بشأن القروض العقارية والمعاشات، وهذا شيء لن نفكر فيه أبدًا كحكومة”.

وعند سؤاله إذا كان يفكر في فرض ضريبة على الثروة لتمويل سياساته، قال ستارمر إن فريقه “يدرس نهج ضريبي عادل” لمن يكسبون أموالهم من الأسهم وأرباحها. ووعد في حال وصول حزبه إلى السلطة، أن يلتزم بـ”قواعد مالية شديدة الوضوح”، وقال إنه سيصبح رئيس الوزراء المقبل.

قلق في حزب المحافظين

ذكر ماكجي في تحليله أن نواب حزب المحافظين يشعرون بالقلق. وفي تصريحات لـ”سي إن إن”، قال وزير سابق في حزب المحافظين: “كل مشكلة نمر بها الآن من صنع أنفسنا. نحن نبدو مثل مقامرين طائشين لا نهتم سوى بالذين يستطيعون تحمل خسارة المقامرة”.

وأضاف الوزير السابق: “لقد ارتكبنا خطأ بالاعتقاد أن الأمور التي تسير على ما يرام في مراكز أبحاث السوق الحرة ستفعل الشيء ذاته في السوق الحرة”.

شكوك داخل حزب العمال

على الرغم من أن الأمور لا تسير بطريقة جيدة مع تراس، لفت ماكجي إلى وجود خوف داخل دوائر حزب العمال من أن الاستطلاعات الحالية تعكس عدم الرضا عن المحافظين، وليس الحماس لحزب العمال. ويتساءل الكثيرون إذا كان ستارمر يمتلك قوة الشخصية للفوز بعدد كافٍ من الأصوات لهزيمة المحافظين في الانتخابات المقبلة.

وقال الكاتب إن شكوك حزب العمال بشأن ستارمر قد تكون السبب الذي يجعل بعض المحافظين متفائلين بأن تراس لديها نفوذ أقوى من منافسها، وتستطيع التغلب عليه بسهولة في المستقبل.

ربما يعجبك أيضا