بدحر “داعش”.. العراق يطوي صفحة دموية في تاريخه

كتب – حسام عيد

يحتفل العراق بدحر تنظيم داعش الإرهابي وإنهاء سيطرته على مناطق واسعة من شمال البلد ووسطه، لتنطوي بذلك صفحة دموية في تاريخ العراق استمرت ثلاث سنوات.

ورغم إعلان النصر، فإن مهمة الحكومة العراقية الآن باتت القضاء على الأسباب التي أدت إلى بروز هذا التنظيم، الأمر الذي يشكل تحدياً كبيراً.

ولا يزال العراقيون، وفق مراقبين، يتوجسون خوفا من العمليات الانتقامية التي قد ينفذها عناصر التنظيم الفارين، والذين اندسوا بين المدنيين في مدن البلاد.

استعراض عسكري مهيب

حضر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، القائد العام للقوات المسلحة، اليوم الأحد الموافق 10 ديسمبر، استعراضاً عسكرياً مهيباً للقوات المسلحة العراقية لمناسبة انتهاء المعارك ضد تنظيم “داعش” بعد ثلاث سنوات من القتال.

وقدّم العبادي تحيته من على منصة التحية في ساحة الاحتفالات الكبرى بالمنطقة الخضراء لوحدات القوات المسلحة التي ضمت جميع أنواع القوات التي ساهمت بالقضاء على “داعش” وإنهاء سيطرته على مناطق واسعة من العراق.

وقال العبادي: إن “قواتنا سيطرت بشكل كامل على الحدود السورية العراقية ومن هنا نعلن انتهاء الحرب ضد داعش”.

وأضاف: “إن معركتنا كانت مع العدو الذي أراد ان يقتل حضاراتنا، ولكننا انتصرنا بوحدتنا وعزيمتنا، وبفترة وجيزة استطعنا هزيمة داعش”.

من جهتها، أصدرت قيادة العمليات المشتركة العراقية بياناً، أعلنت فيه عن تمكن القوات العراقية من “تحرير الجزيرة بين نينوى والأنبار بإسناد طيران الجيش وتمسك الحدود الدولية العراقية السورية شمال الفرات من منطقة الرمانة حتى تل صفوك على طول 183 كيلومتراً”.

كما أشارت إلى أنه بذلك “تم إكمال تحرير الأراضي العراقية كافة من براثن عصابات داعش الإرهابية وأحكمت قواتنا البطلة سيطرتها على الحدود الدولية العراقية السورية من منفذ الوليد إلى منفذ ربيعة”.

أبرز محطات “داعش”

كانت أبرز محطات مرحلة ظهور التنظيم في العراق:

إنشاء “داعش”؛ في 9 أبريل 2013، أعلن المدعو أبو بكر البغدادي، اندماج تنظيمه “دولة العراق الإسلامية” بتنظيم “جبهة النصرة” في سوريا، ليتشكل تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” والذي أطلق عليها اختصارا “داعش”، لكن النصرة رفضت زعامة البغدادي.

تقدم خاطف؛ في 10-11 يونيو 2014، اجتاح مئات المسلحين من “داعش” مناطق شاسعة من العراق، وخاصة مدينة الموصل، ثاني أكبر مدن البلاد، كما احتلوا قسما كبيرا من محافظتي كركوك وصلاح الدين والأنبار، وفي معظم المواقع، تخلت القوات العراقية بشكل مفاجئ عن مواقعها لتنسحب من دون قتال.

يذكر أن التنظيم كان يسيطر منذ يناير 2014 على مدينة الفلوجة القريبة من بغداد ومناطق من محافظة الأنبار في غرب العراق، خلال فترة تولي نائب رئيس الجمهورية الحالي نوري المالكي، رئاسة الوزراء.

الخلافة؛ في 29 يونيو 2014، أعلن التنظيم “الخلافة” المزعومة على الأراضي التي يسيطر عليها في العراق وسوريا، وأعلن تغير اسمه إلى “الدولة الإسلامية”، وهو الاسم الذي استهجنته الدول العربية والمسلمة لأنه يسيء إلى الدين الإسلامي.

وظهر البغدادي للمرة الأولى في شريط فيديو تمّ توزيعه عبر “مواقع جهادية” عدة في مسجد النوري في الموصل وألقى كلمة دعا فيها كل المسلمين إلى مبايعته.

البطش بالأقليات؛ بعد سيطرة التنظيم على محافظة نينوى، هاجم قرى وبلدات أقليات الإيزيديين والمسيحيين والتركمان، وكانت أبشعها في 3 أغسطس 2014، حيث اجتاح مناطق الإيزيديين في سنجار وأعدم العشرات منهم وأسر وسبى ألوفا من نساء وأطفال.

نزوح الملايين؛ تسبب انتشار “سلطة الخلافة” في محافظات (نينوى وصلاح الدين والأنبار وبعض المناطق في كركوك وديالى) بنزوح الملايين باتجاه مناطق إقليم كردستان ووسط وجنوب العراق.

استهداف التاريخ؛ ومنذ سيطرة التنظيم، أقدم على تدمير العديد من المواقع الدينية والأثرية المهمة التي تعود إلى مراحل ما قبل وما بعد الإسلام، كما تم تخريب متحف المدينة وإحراق مكتبتها.

التحالف الدولي؛ في الثامن من أغسطس 2014، باشرت الولايات المتحدة القتال ضد تنظيم “الدولة” وأخذت تقصف مواقع للتنظيم بناء على طلب بغداد، ليعلن الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما إنشاء تحالف دولي واسع للقضاء عليه.

تقهقر “داعش”

في 31 مارس 2015، استعادت القوات العراقية مدينة تكريت وشاركت الفصائل المسلحة، التي تم توحيدها لاحقا تحت اسم “الحشد الشعبي”، في الهجوم، في حين شاركت الولايات المتحدة عبر التحالف في عمليات القصف الجوي.

وفي 13 نوفمبر، استعادت قوات البيشمركة الكردية مدعومة بقوات التحالف الدولي منطقة سنجار.

وفي 9 فبراير 2016، استعادت القوات العراقية مدينة الرمادي قبل أن تستعيد مدينة الفلوجة في السادس والعشرين من يونيو/حزيران.

في 17 أكتوبر 2016، انطلقت أضخم عملية عسكرية ضد التنظيم لاستعادة مدينة الموصل.

وفي 10 يوليو 2017، أعلن العبادي استعادة الموصل.

المعركة الأخيرة

بعد استعادة المناطق واحدة تلو أخرى، ومنها تلعفر والحويجة والقائم وراوة، أطلق العراق المعركة الأخيرة في الصحراء الغربية الشاسعة في البلاد، ليتم الإعلان في 9 ديسمبر 2017 السيطرة على كاملة أراضي البلاد.

عوامل حاسمة

بعد دحر داعش في العراق سيكون من الضروري معالجة مشاكل إعادة الإعمار، والمشاكل الاقتصادية والاجتماعية، ومحاربة الفساد، وضمان التوزيع العادل للإيرادات النفطية، بالطبع من دون نسيان استئناف المفاوضات مع حكومة إقليم كردستان.

وقال رئيس الوزراء العراقي العبادي: إن المعركة المقبلة لحكومته، ستكون معركة ضد الفساد، والتي ستكون “امتداداً طبيعياً لعمليات تحرير الإنسان والأرض”. ويبدو العراق اليوم في حالة ضعف بانتظار يد العون التي تساعده على النهوض مجدداً.

ومن المرتقب أن يعقد اجتماع للمانحين في فبراير المقبل في الكويت، بهدف تقديم المساعدة لإعادة إعمار البلد، في عملية تقدر كلفتها بمئة مليار دولار.

ربما يعجبك أيضا