بركة الفيل.. تاريخ وجمال لم يرحم الزمن تجاعيده

عاطف عبداللطيف

كتب – هدى إسماعيل وعاطف عبداللطيف

تمر الأيام والسنون فتمحو جزءًا من التاريخ بفعل الإهمال ويبقى جزء آخر يدل على الماضي العريق الذي يبقى نورًا نستمد منه القوة لاستكمال الطريق، وأن الأمل في الغد باق مهما كانت المعوقات أو التحديات، اليوم كاميرا “رؤية” ترصد حي بركة الفيل والشوارع التي ضمت قصورًا وضياعًا مثمرة كيف أصبحت؟ وماذا تبقى منها؟

للأسف لم يبق من لمحات التاريخ وعبق الماضي في الحي العريق إلا جامع وسبيل وقبة حسن باشا طاهر قائد الجنود الألبان في عهد محمد علي باشا بشارع بركة الفيل في السيدة زينب بالقاهرة، الذي يعد أحد أهم وأقدم المعالم الدالة على تاريخ بركة الفيل، فضلًا عن بعض أطلال قديمة وتقسيمات لشوارع أكل عليها الزمن وشرب وبدت حزينة وشاحبة بعدما طغى عليها المعمار الحديث.

النشأة 

نشأت بركة الفيل في القاهرة التاريخية نتيجة الماء الآتي من الخليج المصري -المعروف الآن بشارع بورسعيد- والخليج كان مجرى مائيًا متفرعًا من النيل عند مصر القديمة، وظل الماء يجري فيه إلى أن ردم عام 1896 بعد تفشي وباء الكوليرا، ليحل محله أول خطوط الترام عام 1899 لينتهي مشهد الخليج المصري.

وتعتبر بركة الفيل من أقدم برك القاهرة ذكرًا في التاريخ، وكانت تضم أعظم المتنزهات والقصور الفخمة وتعد أيضًا من أقدم أحياء مصر القديمة، ورد ذكرها في كتاب التحفة السنية وكتاب قوانين الدواوين من ضواحي القاهرة خارج باب زويلة، وبلغت مساحتها 40 فدانًا تقلصت مع مرور الزمن، وفي العصر المملوكي كانت وقف أيتام الملك الظاهر بيبرس، ثم استولى الأمراء على أجزاء من مساحتها بعد ذلك، واستمر التعدي على أرضها ونسي وقفها.

شيد حول البركة الكثير من القصور الفخمة في زمن المماليك والعثمانيين، حتى قرر خديوي مصر عباس حلمي بناء سراي الحلمية التي هدمت في بداية القرن الماضي، وحل محلها حي الحلمية الجديدة.

موقع البركة

تقع بركة الفيل بالقرب من مسجد وميدان السيدة زينب بالقاهرة التاريخية، ويحدها شمالًا سكة الحبانية، وغربًا شوارع درب الجماميز واللبودية والخليج المصري، وجنوبًا شارع عبدالمجيد اللبان (مراسينا سابقًا) ثم يميل الحد إلى الشمال الشرقي حتى مدرسة أزبك اليوسفي حتى يتقابل مع أول شارع نور الظلام، ويسير فيه إلى أول شارع الألفي، وشرقًا تكملة شارع نور الظلام فشارع مهذب الدين الحكيم، فسكة عبدالرحمن بك وكلاهما في الحلمية الجديدة، وما في امتدادها إلى الشمال حتى تقابل الحد البحري.

سبب التسمية

وينسب رأي سبب تسمية بركة الفيل إلى رجل اسمه الفيل كان أحد أصحاب أحمد بن طولون (254- 269هـ/ 868- 882م)، وهناك رأي ثان ينسبها إلى دار الفيلة التي كانت واقعة على حافة البركة، ورأي ثالث يذكر أنه كان يسبح فيها فيل كبير يخرج الناس لرؤيته. أما اللفظ الوثائقي في زمن المماليك والعثمانيين فهو إما بركة الفيل أو بركة الأفيلة.

ويصفها ابن سعيد في كتابه “المغرب”، قائلا: إنها كانت دائرة كالبدر والمناظر حولها كالنجوم.

ربما يعجبك أيضا