بسبب”داعش”.. ترامب في مواجهة نيران الاستخبارات الألمانية

جاسم محمد

رؤية ـ جاسم محمد

أثارت تصريحات الرئيس الأمريكي، بالقضاء على تنظيم داعش خلال أسبوع، اهتمام وسائل الإعلام والحكومات، والمعنيين بسياسات مكافحة الإرهاب والتطرف، وزاد هذا الاهتمام في أعقاب تصريحات المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التي خالفت تصريحات ترامب، والتي كانت قريبة جدا من الواقع.

التقارير السرية للاستخبارات الخارجية الألمانية حذرت من سياسات ترامب في مكافحة الإرهاب واعتبرتها “مسيسة”.

قالت المستشارة الألمانية، أثناء افتتاح مقر المخابرات الخارجية الألمانية “بي.إن.دي” في برلين،  يوم 08 فبراير 2019، إن تنظيم داعش لم يُهزم بعد وإنما يتحول إلى قوة قتالية غير منظمة، بعدما خسر معظم الأراضي التي كان يسيطر عليها في سوريا.

وذكرت ميركل أن مراقبة الأوضاع في سوريا كانت إحدى أهم أولويات المخابرات الخارجية.

تصريحات ميركل جاءت مناقضة تماما، لتصريحات ترامب خلال اجتماعه بوزراء خارجية التحالف الدولي  يوم 06 فبراير 2019 في الولايات المتحدة، والتي قال فيها بأنه يتوقع إعلانًا رسميًا بعد أسبوع بإستعادة جميع الأراضي التي يسيطر عليها تنظيم داعش، والقضاء على التنظيم .

نشرت صحيفة الجارديان البريطانية أمس، مقالاً لـ”مارتن شولوف”، مراسلها من الحسكة في سوريا، يتناول فيه تقريراً كشف فيه مسؤولون أن زعيم تنظيم داعش، أبو بكر البغدادي، نجا من محاولة انقلاب دُبّرت ضده، في شرق سوريا  قبل شهر من صدور التقرير.

النتائج

ـ إن تصريحات ميركل أمام جهاز الاستخبارات كانت  قريبة للواقع،  وتتماشى مع سياسات ومفاهيم مكافحة الإرهاب، على العكس تماما من تصريحات ترامب، التي يعتقد بأنها جاءت تحمل أغراض سياسية، في نفس الوقت هي تتناقض مع تصريحاته السابقة، وتتقاطع مع تصريحات مسؤولين كبار في البنتاغون.

ـ جاءت تصريحات ترامب، حول تنظيم داعش، في أعقاب الجدل الدائر حول مشروع انسحاب القوات الأمريكية في سوريا المجدول إلى نهاية أبريل 2019، واعتماد ترامب القواعد العسكرية في العراق، لمحاربة تنظيم داعش في سوريا ومن جانب أخر مراقبة إيران من داخل الأراضي العراقية.

ـ  أفادت مصادر موثوقة من داخل العراق إلى “شبكة رؤية”، بأن هناك معدات ثقيلة أمريكية البعض منها محمول على شاحنات عراقية تحركت خلال اليومين الآخيرين باتجاه الحدود الأردنية العراقية عبر القائم، هذه المعدات وفقا إلى وجهاء من العشائر العراقية، ربما تكون نواة لتأسيس “مراكز استطلاع “أمريكية جديدة غرب الأنبار، ولا يستبعد أن يتم “صناعة تنظيم داعش من جديد” في العراق.

ـ إن تنظيم داعش بالفعل خسر “خلافته” على الأرض، ويراهن الآن على “خلافته الافتراضية” على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، وبحسب المعلومات الواردة من الاستخبارات العراقية، فالتنظيم خسر اتصالاته ويحتاج إلى بضعة سنوات لإعادة شبكة عمله، وما موجود الآن في العراق وسوريا ربما لا يتجاوز مجموع تنظيم داعش 5.000 مقاتل يتوزعون في جيوب أبرزها: في العراق، شرق سامراء، حوض حمرين، بيجي، وأطراف الموصل والقائم عند الحدود السورية، وفي سوريا شرق الفرات وأطراف منطقة هجين ودير الزور، ويعتقد أن التنظيم  يطلب من مقاتليه التوجه إلى العراق من جديد لإعادة قوته هناك.

ـ إن تصريحات ترامب لا تتماشى مع الواقع وتتناقض مع سياسات مكافحة الإرهاب والتطرف، وبدون شك، هذه التصريحات جاءت لأغراض سياسية، تتعلق على وجه الخصوص بالوضع السياسي المتأزم في العراق وسوريا، لذا فإن  تحركات القوات الأمريكية نحو القائم، ممكن أن تكون إعادة تموضع لمشهد أمني جديد في العراق، محتمل أن تظهر بوادره قريبا.

ـ المعلومات التي حصلت عليها ” شبكة رؤية” من مصادر استخبارية ليبية، تؤكد عدم وجود زعيم التنظيم في ليبيا، ومن جانب آخر، أنه من المستبعد، أن يكون زعيم التنظيم بالفعل مابين الحدود العراقية السورية، أو شرق سوريا، لقد أفاد منشقين عن تنظيم داعش إلى” شبكة رؤية الإخبارية” بأن البغدادي  لم يكن موجودا في مدينة الموصل أو الرقة خلال تحريرهما عام 2017، ماعدا ذلك أن البغدادي لا يدير العمليات العسكرية ولم يشارك أبدا بأي عمليات عسكرية، وهذا ما كشفت عنه شهادات معتقلي داعش من القيادات المدنية لدى الاستخبارات لعراقية.

يبقى مكان زعيم التنظيم غير معلوما، لكنه من المرجح أن يكون أتجه غرب أفريقيا، أو إلى إيران.

ـ ما زال هناك خلط  في تقارير أممية واستخبارية وسياسية، بإن تكون مهمة التحالف الدولي القضاء على جيوب داعش والخلايا النائمة، ممكن القضاء على الجيوب لتنظيم داعش بعمليات عسكرية، لكن الخلايا النائمة، لايمكن أن تكون من مهمة قوات التحالف الدولي، بقدر ما تقدمه قوات التحالف إلى الحكومات والسلطات المحلية من دعم، بتطهير المناطق بعد عمليات التحرير ثم تعزيز مسك الأرض من قبل الحكومات المحلية، كون الخلايا النائمة عادة تكون بالخطوط الخلفية للتنظيمات المتطرفة، ووقت استيقاضها، غير معلوم.

ـ المعلومات التي حصلت عليها” شبكة رؤية” من مصادر موثوقة من داخل العراق، تفيد بأن الاستخبارات الالمانية تغذي الاستخبارات العراقية بالمعلومات حول تنظيم داعش، وحذرت العراق من نهج وسياسات أمريكا في مكافحة الإرهاب واعتبرتها، “مسيسة”.

ـ مانشرته صحيفة الغارديان البريطانية، أمس، حول ظهور زعيم التنظيم، شرق سوريا ومحاولة اغتياله، ممكن أن يكون تسريب، استخباراتي، ضمن مبدأ استخدام تنظيم داعش ورقة سياسية في المنطقة، إن حصول استخبارات غربية تفاصيل عن خلافات داخل تنظيم داعش ومحاولة اغتيال زعيمه، هي الآخرى لا تتماشى مع العمل الاستخباري، ولايمكن إعتمادها، كونها لا تتمتع بالمصداقية، إن مراجعة عدد المرات التي ظهرت بها مثل هذه التقارير حول مقتل أو إصابة زعيم تنظيم داعش كانت عديدة ولم تثبت صحتها.

الخلاصة

إن القضاء على جيوب تنظيم داعش، جغرافيا أو عسكريا ممكن أن يتم ذلك في أسبوع واحد، لكن القضاء على تنظيم داعش، إيدلوجية متطرفة وخلايا نائمة، بالتأكيد يكون صعبا، ولا يتم من خلال العمليات العسكرية الواسعة، بقدر ما يعتمد اتباع الوسائل الناعمة، في حزمة سياسات تتعلق بالتنمية الاقتصادية وتعمير البنى التحتية والقضاء على البطالة، وسياسات، غير قائمة على التهميش، والمناصحة الفكرية، عكس ماجاء في تصريحات ترامب، لقد تحول تنظيم داعش وغيره من الجماعات المتطرفة إلى ورقة ضغط تستخدمه أطراف دولية وإقليمية لإضعاف دول المنطقة وتفتيتها.

ربما يعجبك أيضا