بسفينة تنقيب ثالثة.. تركيا تؤجج التوتر مجددًا في شرق المتوسط

محمود رشدي

رؤية – محمود رشدي 

النظام الحاكم في تركيا، برئاسة رجب إردوغان، لا ينفك يوماً أن يفضح أطماعه التوسعية في منطقة شرق المتوسط، سعياً لنهب ثروات المنطقة، في ظل اكتشاف المزيد من مصادر الطاقة بها، في وقت تعاني تركيا من أزمة نقص موارد الطاقة.

وزير الطاقة التركي فاتح دونميز، قال :”إن سفينتي تنقيب تركيتين تواصلان العمل في منطقة شرق البحر المتوسط، كما ستنضم سفينة أخرى لهما نهاية هذا الشهر”، دونميز، أضاف: “سفينة يافوز وصلت اعتباراً من اليوم إلى عمق ألف و710 أمتار للتنقيب عن الغاز في منطقة شرق المتوسط”، في وقت يشعل فيه الخلاف على الموارد الطبيعية، التوترات بين بلاده وقبرص.

وقد انضمت قبرص إلى الاتحاد الأوروبي، ولكن الجزء الشمالي المنفصل عنها موال لتركيا. وتأتي الخطوة التي اتخذتها أنقرة قبل يوم من بدء محادثات بين الرئيس القبرصي، وزعيم القبارصة الأتراك.

ويتوقع أن يناقش الرئيس القبرصي، نيكوس أنستاسياديس، الجمعة، مع مصطفى أقينجي سبل استئناف المفاوضات الرامية إلى إعادة توحيد جزئي الجزيرة بعد فشل محادثات سابقة قبل عامين.

كانت تركيا قد قالت إن عمليات الحفر التي تجريها، والتي تزيد التوتر في المنطقة، تتم في الجرف القاري الخاص بها، ولذلك فهي لا تزال ملتزمة بالقانون الدولي. وسوف تنضم إلى سفينتي الحفر، فاتح ويافوز، خلال أيام سفينة استكشاف أخرى، يتوقع أن تبدأ عملياتها في نهاية أغسطس.

لكن الاتحاد الأوروبي هدد بفرض عقوبات على تركيا إذا استمرت فيما وصفه رئيس المفوضة الأوروبية، جان-كلود يونكر، بـ”حفر غير قانوني”. وكان المجلس الأوروبي، الذي يضم قادة حكومة الاتحاد، قد دعا تركيا في يونيو/ حزيران إلى “ضبط النفس، واحترام الحقوق السيادية لقبرص، والإحجام عن مثل تلك الأعمال”، وما زالت تركيا مرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي، لكن مفاوضاتها معه مجمدة حاليا.

وقالت مفوضية الاتحاد إن حكومة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، تراجعت عن عهودها بتحسين العدالة وحكم القانون.

صراع على الموارد

قبرص على خلاف مع تركيا منذ سنوات، حول ملكية الوقود الأحفوري في منطقة شرق البحر المتوسط، حيث تزعم تركيا “أن من حق القبارصة الأتراك حصة في هذه الموارد”، تركيا، ترفض الاتفاقات التي أبرمتها الحكومة القبرصية المعترف بها دولياً، مع دول أخرى في منطقة البحر المتوسط، بشأن المناطق الاقتصادية البحرية.

تركيا، أرسلت سفينتي التنقيب فاتح وياووز بالإضافة إلى سفينة استكشاف، للعمل في المياه قبالة جزيرة قبرص، المقسمة وهو ما دفع اليونان لاتهام أنقرة بتقويض الأمن في المنطقة.

إصرار تركي

ورغم معارضة قبرص اليونانية واليونان والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ومصر وإسرائيل للتنقيب التركي عن الغاز الطبيعي في البحر المتوسط، فإن تركيا مصرّة على مواصلة التنقيب، مع ممارسة دبلوماسية سياسية لاستيعاب معارضة دول المنطقة وأوروبا.

وناشدت دول الاتحاد تركيا الابتعاد عن هذه الممارسات، وحسن الجوار مع جيرانها، والتصرف بما يناسب القوانين الدولية، باحترام سيادة جمهورية قبرص، واحترام حقوقها.

وبلغت الأزمة ذروتها مع مطالبات طرفي النزاع – تركيا وقبرص – بالسيادة على المياه الإقليمية منذ انقسام الجزيرة قبل 45 عاماً، ورفض أنقرة الاعتراف بالاتفاقيات التي توصلت إليها قبرص مع دول أخرى مطلّة على البحر المتوسط حول مناطق اقتصادية بحرية.

وقالت الخارجية التركية في بيان إن “أنشطة التنقيب عن الموارد الهيدروكربونية التي نقوم بها شرق المتوسط لها بعدان رئيسيان، هما حماية حقوقنا في جرفنا القاري، وحماية حقوق القبارصة الأتراك الأصحاب المشتركين للجزيرة، إذ لهم نفس الحقوق في الموارد الهيدركربونية بالجزيرة”.

لماذا ازداد التوتر سوءًا؟

انقسمت قبرص بعد اجتياح تركيا لشمال الجزيرة، على إثر انقلاب عسكري عام 1974 كان يهدف إلى ضم الجزيرة إلى اليونان. وقسمت الجزيرة، حيث يسكن القبرصيون الأتراك الثلث الشمالي لها، بينما يسكن اليونانيون الثلثين الجنوبيين.

وفصلت المنطقتان بمنطقة عازلة تابعة للأمم المتحدة، تسمى الخط الأخضر. وأسس القبارصة الأتراك جمهورية مستقلة في الجزء الشمالي من الجزيرة لا تعترف بها إلا تركيا.

وتجري جمهورية قبرص، العضو في الاتحاد الأوروبي، عمليات لتطوير حقول الغاز البحرية، ووقعت صفقات مع شركات الطاقة العملاقة، إيني، وتوتال، وإكسون موبيل، لإجراء أعمال الحفر الاستكشافية. لكن أنقرة تقول إن أعمال الحفر هذه تحرم الأقلية القبرصية التركية من الاستفادة من الموارد الطبيعية التي تحيط بالجزيرة.

ربما يعجبك أيضا