بعد إسقاط مُسيّرة صينية في أوكرانيا.. هل دخلت بكين الحرب؟

أعلن الجيش الأوكراني إسقاط طائرة مُسيّرة صينية شرقي البلاد، وفق ما أوردته شبكة «سي إن إن» الإخبارية الأمريكية.

وذكر التقرير، صباح يوم الخميس 16 مارس 2023، أن الطائرة المسيرة تستخدم بالأساس لأغراض مدنية، لكن جرى تحديثها لتناسب الاستخدام العسكري، في ما يعد دليلاً على سرعة تغير أنماط المعارك، فما أبعاد الحادثة؟ وهل يعني تورط الصين في النزاع؟

مسيرة صينية الصنع

حسب «سي إن إن»، فإن الطائرة المسيرة، التي أسقطتها القوات الأوكرانية، من طراز موجين 5، صنعتها شركة صينية تدعى موجين ليمتد، وتقع في مدينة شيامين الساحلية شرقي الصين.

واصطحبت القوات الأوكرانية فريق الشبكة الأمريكية إلى موقع الحطام، ليطلعوهم على هيكل المسيرة، وقال أحد الجنود المشاركين في العملية، إنهم تمكنوا من إسقاط الطائرة عن طريق رشاشتهم الآلية من طراز آي كي 47.

كيف سقطت المسيرة؟

قال أحد المقاتلين، في حديثه مع سي إن إن إنه عندما كان يجري عمليات الاستطلاع المعتادة، رصد المسيّرة ذات الأغراض المدنية، التي تعرضت لبعض التعديلات لتناسب المهام القتالية، وذلك قرب مدينة سلوفينسك، الواقعة شرقي البلاد.

وأضاف أن الطائرة كانت تحلّق على ارتفاع منخفض، ما مكن المجموعة الأوكرانية من استهدافها بسهولة عن طريق الأسلحة الخفيفة، ومن ثمّ فجرت على نحوٍ آمن 20 كيلو جرامًا من المتفجرات، التي كانت تحملها الطائرة، وسقطت بدورها وسط الغابات.

وذكرت الشبكة الإخبارية الأمريكية أنه بعد استهداف مقاتلي الكتيبة 111 التابعة لقوات الدفاع الأرضية الأوكرانية، وتمكنت المجموعة من رصد المسيرة بسهولة، وسمعوا صوت محركها، ورأوا الضوء المنبعث منها، بعد تلقى بلاغ من عملاء تابعين لأوكرانيا، بمناطق سيطرة الروس بتحرك طائرة دون طيار تجاه الأراضي الأوكرانية.

الشركة المصنعة للطائرة تعلق

حسب خبراء نقلت عنهم الشبكة الأمريكية، فإن الطائرة تُعرف باسم «مسيرات علي بابا»، بسبب إمكانية شرائها من موقع عملاق البيع بالتجزئة الصيني الشهير، وتبلغ تكلفتها 15 ألف دولار، ما يعني أنها عسكريًّا رخصية التكلفة، ولم تنكر الشركة المصنعة للطائرة الحادث، ووصفته بـ”المؤسف”.

وأقرت الشركة بعد اطلاعها على حطام الطائرة أنها من صناعتها، وشددت على أنها تسعى لمنع الاستخدام العسكري لطائراتها، وقالت في بيان نشرته أول هذا الشهر، إنها توقفت عن بيع منتجاتها لكلٍ من روسيا وأوكرانيا، لكن يمكن إتمام هذه الصفقات عن طريق وسطاء، في التفافٍ على إجراء الشركة الاحترازي.

ليست المرة الأولى

ليست هذه المرة الأولى، التي تتحدث فيها تقارير عن استخدام مسيرات صينية من طرفي النزاع، لكن بكين تقول إنها تلتزم بعدم بيع أسلحة في مناطق النزاعات، لكن يبدو أن هذه القاعدة، التي تشدد الصين على اتباعها، يمكن تجاوزها عن طريق شراء منتجات ثنائية الاستخدام، من مواقع تجارية متاحة بسهولة.

وفي يناير الماضي، ادعى موالون لروسيا بإقليم لوغانسيك إسقاط طائرة مسيرة من ذات الطراز، ما يدعم التقارير، التي تحدثت عن استخدام طرفي النزاع لهذه الطائرات.

دلالات الحادثة

في تقييمه للموقف، يلفت الضابط المتقاعد بالجيش البريطاني والمتخصص في الطائرات من دون طيار، كريس لينكولن جونز، إلى أن الطائرة لم تحو كاميرا، ما يعني أنها ليست مخصصة للتجسس، بل أشبه بـ”قنبلة غبية”، أي غير القابلة للتوجيه عقب الإطلاق.

واعتبر جونز، في حديثه مع «سي إن إن»، أن استخدام القوات الروسية لتلك المسيرة يضيف مزيدًا من الأدلة إلى الفرض القائل إن روسيا، ليست تلك القوة العسكرية العظمى التي كان العالم يتخيلها، واصفًا طريقة الهجوم بـ”غير المتطورة تقنيًا”، وأشارت الأدلة المادية إلى أن الطائرة جرى إدخال تعديلات عليها مؤخرًا.

وعلى مدار الأسابيع الماضية، تبادل المسؤولون الأمريكيون ونظرائهم الصينيون تراشقًا دبلوماسيًّا، في أعقاب إدعاء واشنطن أن الصين تدرس مقترحًا بإرسال “دعم مميت” إلى روسيا، التي تخوض حربًا ضد أوكرانيا، منذ ما يزيد على العام. في حين ردت الصين نافيةً هذا الادعاء، واتهمت واشنطن أنها هي التي ترسل السلاح إلى ساحة المعارك في أوكرانيا.

اقرأ أيضًا: «دعم مميت».. هل تخطط الصين لدعم روسيا بمسيّرات ضد أوكرانيا؟

اقرأ أيضًا: تحذير أمريكي للصين من دعم روسيا.. وبكين تصف سلوك واشنطن بـ«الهستيري»

أبعاد أخرى للحادثة

لفت الباحث السياسي وخبير العلاقات الدولية، سمير رمزي، إلى جانب آخر للحادثة، ورأى أنه يمكن فهم توقيت الإعلان عنها، الآن، رغم وقوعها نهاية الأسبوع الماضي، في إطار التنافس التكنولوجي بين الشركات الصينية ونظيرتها الأمريكية.

وأوضح أن الإعلان جاء في أعقاب إسقاط روسيا طائرة مسيرة أمريكية، وقالت واشنطن إن المقاتلة الروسية نفذت مناورة غير آمنة أدت لتصادم تلاه سقوط الطائرة الأمريكية دون طيار، التي كانت تعمل فوق البحر الأسود.

اقرأ أيضًا: مقاتلة روسية ومسيرة أمريكية.. تفاصيل الاصطدام الخطير

اقرأ أيضًا: بعد إسقاطها المسيّرة الأمريكية.. هل تصطدم موسكو مباشرة بواشنطن؟

المقاتلة الروسية التي أسقطت المسيرة الأمريكية

رسالة أمريكية؟

أضاف رمزي أن الدلالة المباشرة للخبر، في هذا السياق، “أن كفاءة المسيرات الأمريكية لا تقل عن نظائرها الصينية”، وكما سقطت الأولى، جرى استهداف الثانية.

ورأى خبير العلاقات الدولية أن هذا “إشارة أمريكية لتواجد صيني في سياق الحرب، ما يعني أنه كما أن آليات غربية داعمة لأوكرانيا في القتال، يوجد كذلك معدات صينية”، في وقتٍ تقول فيها بكين إنها لا ترسل معدات، وإن واشنطن من تفعل، وقد تكون وفق رمزي، رسالة بأن تورط واشنطن قد يجر بكين بدورها للنزاع.