بعد إعلان التعبئة العسكرية.. لماذا يرفع بوتين المخاطر في أوكرانيا؟

آية سيد
بوتين يريد إشعال حرب في البلقان.. كيف يرد الغرب؟

أعلن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، عن التعبئة الجزئية الفورية للمواطنين الروس، أمس الأربعاء 21 سبتمبر 2022، عقب تكبد موسكو هزائم عدة في أوكرانيا.


أعلن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، عن التعبئة الجزئية الفورية للمواطنين الروس، أمس الأربعاء 21 سبتمبر 2022، عقب تكبد موسكو هزائم عدة في أوكرانيا.

وبحسب تحليل للكاتبين، تيم ليستر ونيك باتون والش، نشرته شبكة “سي إن إن“، اليوم الخميس، فقد رأى بعض المحللين أن هذه المخاطرة الأخيرة تبدد أي أمل ضئيل في إنهاء الحرب قريبًا، كما أنها تُظهر أن خيارات بوتين تقل في مواجهة نقاط الضعف العسكرية التي لا يمكن حلها سريعًا.

التعبئة العسكرية

وقع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، مرسومًا بشأن فرض تعبئة عسكرية جزئية، بدءًا من أمس الأربعاء، ويأتي قرار التعبئة الجزئية، وسط تراجع القوات الروسية في شمال شرقي أوكرانيا، تحديدًا في مقاطعة خاركيف. وشدد بوتين على أن موسكو سوف تستخدم “كل الوسائل المتاحة” لضمان وحدة أراضيها، واستقلالها وحريتها.

وحذر بوتين، في الوقت نفسه، من “يحاولون ابتزاز روسيا بالأسلحة النووية” من أن الرياح قد تنقلب ضدهم. وجاءت هذه الخطوة بعد يوم من إعلان 4 مناطق خاضعة للاحتلال الروسي عن تنظيم استفتاءات للانضمام إلى روسيا، وهي دونيتسك ولوغانسك ومعظم خيرسون وزابوروجيا.

ما الهدف وراء هذا الإعلان؟

وفق التحليل، رفع بوتين المخاطر بإعلانه عن التعبئة الجزئية، إلى جانب استفتاءات الضم التي تهدف إلى توسيع الأراضي الروسية. ولكن رأى الأستاذ المساعد للأمن القومي والعلوم السياسية في جامعة نيو هافن الأمريكية، ماثيو شميدت، أن بوتين يستخدم الدعوة إلى الاستفتاءات لتبرير التعبئة.

وعلى الجانب الآخر، قال مدير برنامج أوراسيا في معهد كوينسي، أناتول ليفين، إن بوتين يريد “إقناع الولايات المتحدة والأوروبيين بأن يصبحوا أكثر جدية بشأن التفاوض على تسوية لإنهاء الحرب عن طريق إظهار أنه بخلاف ذلك، ستتخذ روسيا خطوات تصعيدية والتي ستجبر الغرب على التصعيد في المقابل، وسوف تستبعد أيضًا أي سلام ممكن لفترة طويلة من الزمن”.

التعبئة العسكرية

دبابة روسية مدمرة في إقليم خاركيف

رفع المعنويات

قال شميدت إن جمهور بوتين الأساسي هو الجبهة الداخلية، ويحاول بوتين استعادة زمام المبادرة ورفع معنويات الشعب الروسي، وقد يرغب بوتين أيضًا في رفع شعبيته على غرار ما حدث عند ضم روسيا للقرم في 2014. وأخبر شميدت “سي إن إن”: “التعبئة ليست قرارًا عسكريًّا بقدر ما هي محاولة للسيطرة على رواية الحرب التي يدرك أنه يخسرها”.

وفي ضوء الأخبار السيئة التي تتسرب إلى الوطن من الجبهة، ذكر شميدت أن معنويات الشعب هي معنويات الجيش، مضيفًا أنه يتعين على الرئيس الروسي بوتين، أن يقول إن “روسيا الكبرى تتعرض لهجوم، وسوف يجد صعوبة في ترويج ذلك، ما يعرّض قيادته للكثير من الضغوط”.

 

تحديات كبرى أمام التعبئة

بحسب تحليل “سي إن إن”، تواجه روسيا نفس العقبات اللوجيستية الهائلة التي واجهتها على مدار 6 أشهر الماضية. ولفت التحليل إلى أن “التعبئة الجزئية” التي أعلن عنها بوتين تعتمد على ما يبدو على قطاعات من الشعب الروسي ممن كانوا سيواجهون ضغوطًا كبيرة للانضمام إلى الجهد الحربي الروسي المتعثر.

وفق “سي إن إن”، فإن اعتماد روسيا على الوحدات الشيشانية، وكتائب المتطوعين، والميليشيات من دونيتسك ولوغانسك، ومجندي مجموعة فاجنر، يدحض الادعاء بوجود مجموعة جاهزة من المحاربين القدامى للذهاب إلى الجبهة. ولكن بحسب شميدت، فإن التعبئة لن توفر “ضباطًا مدربين على قيادة عمليات هجومية ضد جيش كان يحارب لأكثر من 3 آلاف يوم”، في إشارة لصراع أوكرانيا مع الانفصاليين المدعومين روسيًّا في إقليم دونباس منذ 2014.

التعبئة العسكرية

لافتة تروج للخدمة العسكرية التعاقدية في سان بطرسبرج

التهديد النووي

قال ليفين إنه من المستحيل القول ما إذا كان بوتين سيؤيد استخدام الأسلحة النووية التكتيكية، ولكن “يبدو من المشكوك فيه أن تستخدم روسيا هذه الأسلحة إلا إذا تعرضت القرم نفسها لخطر السقوط”. ورغم فشل استراتيجيات بوتين حتى الآن، فقد ذكر ليفين أن روسيا “لا تزال تحتفظ بوسائل التصعيد الجاد بخلاف الأسلحة النووية، مثل تدمير البنية التحتية الأوكرانية وقتل القيادة الأوكرانية”.

وفي هذا الشأن، رأى شميدت أن بوتين لن يتجه إلى الأسلحة النووية التكتيكية، “لأن هذا سيجعل حلف شمال الأطلسي (الناتو)، يتدخل مباشرة وسيخسر بوتين الجيش الروسي، الذي يعد مصدر قوته”. ولفت تحليل “سي إن إن” إلى أن ذكر الأسلحة النووية يهدف إلى تعقيد حسابات العدو.

فرص إنهاء الصراع

بالنسبة إلى بعض المراقبين، يخاطر الضم الرسمي لأجزاء من أوكرانيا إلى الاتحاد الروسي بجعل أي حل تفاوضي لصراع أوكرانيا شبه مستحيل. وأول من أمس الثلاثاء، قال الرئيس الروسي السابق، ديمتري ميدفيديف، إنه بمجرد ضم الجمهوريات إلى الاتحاد الروسي، “لن يستطيع أي قائد أو مسؤول روسي مستقبلي التراجع عن هذه القرارات”.

وختامًا، ذكر التحليل أن هذه المخاطرة الأخيرة لبوتين تبدد أي أمل ضئيل في أن الحرب ستنتهي قريبًا، كما أنها تُظهر أن خيارات بوتين تقل في مواجهة نقاط الضعف العسكرية التي لا يمكن حلها سريعًا. ومع زيادة المعرفة بحجم الخسائر، يتعين عليه أن يضاهيها بحجم مماثل من الإجراءات.

ربما يعجبك أيضا