بعد اقتراب بريطانيا والاتحاد الأوروبي من اتفاق.. ما هو بروتوكول إيرلندا الشمالية؟

شيرين صبحي

منذ عقود تشهد أيرلندا الشمالية صراعًا بين مؤيدي الاستقلال من أجل إقامة أيرلندا الموحدة المستقلة عن التاج البريطاني وأنصار الوحدة مع بريطانيا، ما يجعل قضيتها الأصعب في بنود اتفاق (بريكست) عام 2022.


تعمل بريطانيا والاتحاد الأوروبي على اتفاق بشأن الترتيبات التجارية في إيرلندا الشمالية، بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست).

وبعد أن أجرت بريطانيا البريكست عام 2020، بدأت مشكلات تجارية في الظهور، خاصة المتعلقة بدولة إيرلندا الشمالية.. وفي ما يلي تفاصيل المحادثات والعقبات التي يجب التغلب عليها، وفق تقرير لوكالة أنباء رويترز، نشرته أمس الأحد 26 فبراير 2023.

لماذا إيرلندا الشمالية؟

إيرلندا الشمالية هي إقليم يخضع للحكم البريطاني، وتمثل جزءًا من المملكة المتحدة وتشترك في حدود طويلة مع إيرلندا، التي تتمتع بعضوية الاتحاد الأوروبي.

وعندما خرجت بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ظهر العديد من الصعوبات في أثناء مفاوضات بريكست، تمثلت إحداها في ما سيكون عليه الوضع التجاري على طول الحدود المفتوحة بين بريطانيا ودول الاتحاد.

بروتوكول إيرلندا الشمالية

وافق رئيس الوزراء البريطاني السابق بوريس جونسون، على الإبقاء على إيرلندا الشمالية داخل السوق الموحدة الأوروبية للسلع، في محاولة لتجنب تشديد الإجراءات على الحدود مع إيرلندا، ومنع تدفق البضائع دون قيود إلى هذه السوق. وهذا يعني أن على إيرلندا الشمالية اتباع قوانين الاتحاد الأوروبي في ما يتعلق بحركة البضائع.

ولا تزال إيرلندا الشمالية تمثل جزءًا من المنطقة الجمركية للمملكة المتحدة، ما يؤدي فعليًّا إلى إنشاء حدود جمركية بحرية بين بريطانيا وإيرلندا الشمالية. وتقول الجماعات الموالية لبريطانيا في إيرلندا الشمالية إن هذا يؤدي إلى تآكل مكانة الإقليم داخل المملكة المتحدة.

بيروقراطية الإجراءات تهدد اتفاق السلام

يقول الحزب الوحدوي الديمقراطي، أكبر حزب في إيرلندا الشمالية مؤيد للوحدة مع بريطانيا، إنه ينبغي ألا يتبع الإقليم قوانين الاتحاد الأوروبي دون أن يكون له رأي فيها.

وتقول لندن إن ما تولد عن البرتوكول من إجراءات بيروقراطية، متمثلة في فحص بعض السلع وإنهاء أوراقها، يهدد اتفاق السلام المبرم في عام 1998، والذي وضع حدًّا للعنف الطائفي في الإقليم الذي دام 3 عقود.

غالبية الناخبين تؤيد البروتوكول

أظهر العديد من استطلاعات الرأي أن غالبية الناخبين في إيرلندا الشمالية، التي عارضت خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، تؤيد فكرة البروتوكول، في الوقت الذي توقفت فيه المحادثات بين برلمان إيرلندا الشمالية وحكومة تقاسم السلطة منذ عام، بسبب معارضة الحزب الوحدوي.

واستؤنفت المحادثات الفنية في أكتوبر للمرة الأولى منذ 7 أشهر، بعد فترة وجيزة من تعيين ريشي سوناك رئيسًا لوزراء بريطانيا.

وتتمثل أبرز القضايا الرئيسة في:

الجمارك

في يناير، اتفقت بريطانيا والاتحاد الأوروبي على طريقة لمشاركة أي بيانات تجارية مع إيرلندا الشمالية في وقتها، مما مهد الطريق لإمكان التوصل إلى اتفاق بخصوص الجمارك يشمل تخصيص ممرات خضراء للبضائع المتجهة إلى إيرلندا الشمالية، وممرات حمراء لتلك المتجهة إلى إيرلندا.

محكمه العدل الأوربية

رفض مسؤولون التعليق على سبل تهدئة مخاوف الحزب الوحدوي الديمقراطي، وبعض الأعضاء المؤيدين للبريكست في حزب المحافظين الحاكم في بريطانيا، في ما يتعلق بدور محكمة العدل الأوروبية، أو بالأحرى تطبيق قانون الاتحاد الأوروبي على إقليم يخضع للحكم البريطاني.

ويقول الحزب الوحدوي الديمقراطي إن أي ترتيب جديد “يجب أن يعطي لشعب إيرلندا الشمالية الحق في إبداء رأيه في صياغة القوانين التي تحكمه”.

لوائح وتوجيهات الاتحاد الأوروبي

يحدد البروتوكول لوائح وتوجيهات الاتحاد الأوروبي التي يجب أن تظل إيرلندا الشمالية ملتزمة بها، وينص على إمكان إضافة قوانين جديدة خاصة بالاتحاد الأوروبي إلى تلك اللوائح التي تسري في إيرلندا الشمالية.

ويتمثل أحد الحلول الواردة في أن يتفق الاتحاد الأوروبي وبريطانيا على دور مختلف لمحكمة العدل الأوروبية.

الحكم النهائي لمحكمة العدل الأوروبية

ستدافع لندن عن مصالح إيرلندا الشمالية، وستكون محكمة العدل الأوروبية هي الحكم النهائي لأي نزاع ينشأ عن تطبيق قوانين الاتحاد الأوروبي في الإقليم.

وأثار هذا انتقادات من جانب حزب المحافظين الداعم لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، الذي يقول إن هذا لن يحل المشكلة المتمثلة في ضرورة اتباع إيرلندا الشمالية لقوانين الاتحاد الأوروبي.

سرية المفاوضات

بذلت الحكومة البريطانية قصارى جهدها للحفاظ على سرية المفاوضات، ولكن هذا أثار تكهنات إزاء المدى الذي ذهب إليه الجانبان للتغلب على بعض القضايا.

وفي اجتماع مع سوناك هذا الشهر، رحب الحزب الوحدوي الديمقراطي مبدئيًّا بالتقدم المحرز في المحادثات، ولكنه كرر شروطه الـ7 للموافقة على أي اتفاق. وقال أعضاء بالحزب إنهم لن يدعموا أي اتفاق لا يمنح إيرلندا الشمالية سلطة رفض قوانين الاتحاد الأوروبي.

حزب المحافظين

قال أعضاء حزب المحافظين الذين يشكلون جزءًا مما يطلق عليه مجموعة الأبحاث الأوروبية، إنهم سيدعمون الحزب الوحدوي الديمقراطي، مع إثارة المخاوف بشأن الاستمرار في تطبيق قوانين الاتحاد الأوروبي في إيرلندا الشمالية، وخطة الحكومة لإسقاط مشروع بروتوكول أيرلندا الشمالية.

وإذا أقر البرلمان مشروع البروتوكول، فسيمنح ذلك الحكومة البريطانية الحق في اتخاذ قرار أحادي الجانب بشأن جميع بنود البروتوكول، ما عدا التراجع عن الاتفاق.

مخاوف من مفاوضات غير جدية

عبر بعض أعضاء مجموعة الأبحاث الأوروبية عن خوفهم من أن تكون مفاوضات سوناك بشأن البروتوكول الحالي “غير جدية”.

وخلال اجتماعاته المتعددة مع أعضاء مجموعة الأبحاث الأوروبية لتهدئة مخاوفهم، دأب سوناك على التشديد على أنه يريد حماية وضع إيرلندا الشمالية في المملكة المتحدة، وإيجاد حلول للمشكلات العملية.

المفاوضات تقترب من نهايتها

توشك بريطانيا على إتمام اتفاق مع الاتحاد الأوروبي، لمحاولة الحد من مشكلات سياسية وتجارية في إيرلندا الشمالية، سببها اتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، لكن لم يتضح ما إن كان ذلك كافيًا لإرضاء المنتقدين المتشككين في الاتحاد الأوروبي.

ويبدو أن المفاوضات التي استمرت على مدى يزيد على عام تقترب من نهايتها، وقد شهدت تعثرت مرارًا بسبب الخلاف بين لندن وبروكسل بشأن تعديل جزء من اتفاق بريكست المبرم عام 2020. وقال رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك إنه “سيفعل كل ما في وسعه” لإتمام الاتفاق.

بريطانيا: أحرزنا تقدمًا رائعًا

قال نائب رئيس الوزراء البريطاني دومينيك راب، لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي): “نحن نقترب، أحرزنا تقدمًا رائعًا، لم نتمم ذلك بعد”.

وأضاف راب أن الحزب الوحدوي الديمقراطي في إيرلندا الشمالية لا يملك حق رفض أي اتفاق بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، للتصدي لمشكلات التجارة وفق ترتيبات بريكست الحالية.

لا يوجد حق فيتو

أضاف راب في مقابلة مع القناة الرابعة: “لا يوجد حق فيتو (نقض)… لكن بالطبع نريد المشاركة والإقناع والعرض، بصدق… التعديلات جوهرية بما يكفي لإقناع الحزب الوحدوي الديمقراطي”.

ونقلت “بي بي سي” في وقت لاحق عن مصادر لم تذكرها بالاسم، قولها إن “إعلانًا مهمًّا قد يصدر اليوم الأحد وستعقبه تفاصيل غدًا الاثنين”، لكن لم يؤكد مكتب سوناك هذا التقرير.

ربما يعجبك أيضا