بعد الانقسام الكبير.. ماذا ينتظر الإخوان في 2022؟

عاطف عبداللطيف

كتب – عاطف عبداللطيف

انقسم تنظيم الإخوان الدولي إلى شطرين متناحرين خاصةً على المستويين السياسي والتنظيمي، أحدهما في إسطنبول على رأسه محمود حسين ومصطفى طلبة والآخر في لندن يتزعمه إبراهيم منير، يملك كل منهما مرشدًا ومجلس شورى ومتحدثًا، ليقود الانشقاق الكبير في صفوف “الجماعة” -التي يزيد عمرها عن تسعة عقود منذ تأسيسها على يد حسن البنا في مدينة الإسماعيلية المصرية -، الجماعة إلى مزيد من السقوط والتشرذم والاندفاع في طريق مجهول.

وبات السؤال ماذا ينتظر الإخوان في عام 2022؟

حظر الكيانات

العامان الماضيان 2020 و2021، شهدا نكسات كبيرة للإخوان على أصعدة كثيرة، ومزيد من السقوط في مصر (دولة شهدت تأسيس الجماعة) والنجاح المصري في القبض على محمود عزت القائم بأعمال المرشد العام لجماعة الإخوان، فضلًا عن أزماتهم السياسية في تونس والمغرب، ومع بوادر التقارب المصري التركي والتركي الخليجي في العام الماضي 2021، بات الإخوان غير مرغوب فيهم على الأراضي التركية وخرجوا إلى عواصم أوروبية وآسيوية، أما الطامة الكبرى فكانت بالانشقاق إلى فصيلين متناحرين -قبل شهور- في تركيا وبريطانيا بين جبهتي محمود عزت وإبراهيم منير، وحظر حركة حماس في بريطانيا والقوانين الأوروبية الصارمة ضد الإرهاب وممارسات وكوادر وأنشطة الإخوان السياسية والمالية في عواصم أوروبية كبيرة.

العام الجديد يشي بما قد يواجه الإخوان في الشهور المقبلة خاصة في أوروبا بعد السقوط الكبير للجماعة في المنطقة العربية، واحتمالات زيادة حالة التأهب الأمني للأجهزة البريطانية والسويدية خلال عام 2022 وستشدد الحكومتان لسياساتها الأمنية، لا سيما بعد الهجمات الأخيرة التي تعرضت لها بريطانيا وستعزز الشرطة والأجهزة الأمنية من مراقبة المدانين بالإرهاب المفرج عنهم المرتبطين بالجماعات المتطرفة، وتعتبرها مصدر قلق كبير.

وفي سياق متصل، توقعت دراسة أوروبية حديثة، صادرة عن المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب، حظرًا قريبًا للعديد من الكيانات الممثلة والداعمة لتيار الإسلام السياسي وعلى رأسهم تنظيم الإخوان المسلمين خلال العام المقبل، لا سيما مع اتخاذ بريطانيا والسويد تشريعات وقوانين جديدة لسد الثغرات بين قوانين جرائم الكراهية والإرهاب فيما يتعلق بأنشطة الجماعات الإسلاموية المتطرفة وتدابير وإجراءات إضافية فيما يتعلق بأنشطة تيار الإسلام السياسي خلال العام  2022.

وتابعت الدارسة، أنه لا يستبعد أن تكون هناك مواجهات مباشرة بين المتطرفين من اليمين المتطرف والمتطرفين الإسلاميين.

الأزمة الكبيرة

ويقول الكاتب الصحفي بالأهرام والمتخصص في الإسلام السياسي وشؤون الجماعات، هشام النجار: يبدو مستقبل جماعة الإخوان في تونس صعبًا ومعقدًا بعد القبض على رجل الحركة الثاني نور الدين البحيري بتهمة الإرهاب، وهو ما سيجعل السيناريو هناك قاتمًا وسيجر الحركة لمزيد من التدهور، كما أن وضع الإخوان في مصر من أصعب ما يكون خاصةً مع إثبات الدولة ومؤسساتها قوتها ورسوخها واستمرار التقدم في مسار التنمية والبناء وتقويض حركات التطرف والعنف.

وأضاف “النجار” في تصريحات خاصة لـ”رؤية”، أن تحركات بعض الحكومات الأوروبية ضد نشاط الجماعة يكرس أزمتها ويبدأ فصل مهم من فصول وقف تمددها في المجتمعات والدول على مستوى العالم، ولا يخفى وضع الإخوان في داخل معاقل حلفائها، خاصة تركيا وقطر؛ فالأمر يشي بالمزيد من التعقيد مع استمرار رغبة رعاة “الجماعة” في التراجع خطوات للوراء وإصلاح ما جرى عطبه من علاقات مع الدول العربية.

سقطات متلاحقة

يرى الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أنه من المبكر القول باختفاء التنظيم، لكنه قال إن الأخير سيشهد في 2022 عدة أزمات متلاحقة استكمالًا للانشقاقات المستمرة رأسيًا وأفقيًا. وقال فهمي إن “الجماعة الأم ستشهد المزيد من الانشقاقات بالتزامن مع انحسار مشهد الجماعات الفرعية في الإقليم”.

وشدد الخبير المصري، بحسب موقع العين الإلكتروني، على “عدم وجود آليات محددة لجماعة الإخوان للتعامل مع الأزمة الحالية، وستبقى فكرة طرح أي مقاربات جديدة للجماعة تفتقد للمركزية، مشيرًا إلى أن “تحركات التنظيم باتت تقتصر على منصاتها الإعلامية دون أن يكون لها تواجد على الأرض”.

وبالنسبة لـ”فهمي”، فإن “الجماعة ستبقى في موقف رد الفعل، ولن تُسقط فكرة المواجهة أو العنف التي اتبعتها ولم تتخل عنها حتى هذه اللحظة”.

انحسار كبير

أوضحت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، أن حظوظ الأحزاب الإسلامية المنتمية إلى جماعة الإخوان، المصنفة إرهابية في مصر، تراجعت بشكل حاد العام الماضي. وأكدت أن حزب العدالة والتنمية المغربي كاد أن يمحى في انتخابات سبتمبر الماضي، فضلًا عن تعرض حركة النهضة التونسية إلى انتكاسة كبرى بعد تعليق الرئيس التونسي قيس سعيد البرلمان في يوليو الماضي، ولم يتمكن حزب العدالة والتنمية التركي من وقف الانحدار الكبير في شعبيته.

وأوضحت “فورين بوليسي”، أن الإسلاميين يعرفون بممارستهم اللعبة الطويلة دائمًا، لذا فإن الطريقة التي يتكيفون بها ويعيدون تجميع صفوفهم بعد عام من الانتكاسات ستكون من بين القصص الأكثر إثارة للاهتمام في الشرق الأوسط في العام 2022.

وعطفًا على ما طرحته المجلة الأمريكية الشهيرة، توقع فهد الشليمي، مدير مركز الشرق الأوسط للاستشارات السياسية والاستراتيجية بالكويت، أن يشهد النشاط الإخواني على الصعيد السياسي انحسارًا كبيرًا في العام الجديد، وسيكون خطابهم تصالحيًا. وقال إن “الخطاب الإعلامي الإخواني سيتراجع، وسيعمل التنظيم على تخفيف حدة الهجوم على الحكومات وبينها مصر”. ولفت الشليمي إلى أن تنظيم الإخوان بات يدرك تراجع الاهتمام الأمريكي بمنطقة الشرق الأوسط بشكل تدريجي، وعدم وجود دعم كالسابق من قبل الكونجرس الأمريكي أو الجماعات الليبرالية الأمريكية.

ربما يعجبك أيضا