بعد التنازل عن سياسة «صفر كوفيد».. ما توقعات الوفاة بالصين خلال الشتاء؟

أحمد ليثي
سياسة صفر كوفيد

استقبل المواطنون الصينيون تخفيف قيود كورونا الخانقة بارتياح، بعد إحباطهم بسبب التكاليف الاقتصادية والاجتماعية لسياسة "صفر كوفيد".


على مدار ما يقرب من 3 سنوات، راهن الزعيم الصيني، شي جين بينج، بشرعيته السياسية ومكانته على سياسة “صفر كوفيد“.

وحسب تقرير لشبكة “سي إن إن” الأمريكية، نشرته أمس الجمعة 16 ديسمبر 2022، أزالت السلطات الصينية أكشاك اختبار “كوفيد-19” وحواجز الإغلاق، وألغت تطبيقات تتبع الفيروسات، وتخلت عن الإبلاغ عن الحالات التي تظهر عليها الأعراض.

عشوائية بسبب «صفر كوفيد»

أشار التقرير إلى أن المواطنين استقبلوا تخفيف القيود الخانقة بارتياح، خاصة أن التخفيف أمر انتظره كثر، بعدما شعروا بالإحباط من التكاليف الاقتصادية والاجتماعية التي نتجت عن سياسة “صفر كوفيد”، لكن العشوائية التي نتجت عن تخفيف القيود تركت السكان في حالة ارتباك.

وغرست الدولة الخوف من فيروس “كوفيد–19” بعد الدعاية التي كانت تبثها على مدار العامين الماضيين، لكن بعد قرار الحكومة الصينية بتخفيف القيود، حولت الصين دعايتها من الحذر من الفيروس إلى تحميل كل مواطن مسؤوليته عن صحته.

خطر «أوميكرون»

تحولت وسائل الإعلام الحكومية ومسؤولو الصحة في الصين، من التبشير بمخاطر الفيروس إلى التقليل من خطره. وقال عالم الأوبئة، تشونج نان شان، وهو أحد واضعي سياسات مكافحة “كوفيد–19″، إن المتحور “أوميكرون” تجب تسميته “فيروس كورونا البارد” بسبب معدل وفياته المماثل لوفيات الإنفلونزا الموسمية.

من جهة أخرى، سارع السكان إلى تخزين الأدوية التي لا تستلزم وصفة طبية، والمضادات الحيوية، ما أدى إلى نقص الأدوية في الصيدليات ومواقع التسوق عبر الإنترنت. ولا تزال الشوارع ومراكز التسوق مهجورة إلى حد كبير، لأن الناس يبقون في منازلهم للتعافي من كورونا أو لتجنب الإصابة.

مهمة مستحيلة

حسب التقرير، تعهد الرئيس الصيني في اجتماع للمكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني، بالتقليل من آثار سياسة “صفر كوفيد” على الاقتصاد والمجتمع، وحث المسؤولين على توجيه الرأي العام إلى اتباع التوجيهات الحكومية.

وأصدرت الحكومة الصينية 20 توجيهًا جديدًا لتحسين إجراءات مكافحة “كوفيد”، للحد من تعطيل الحياة اليومية والاقتصاد. لكن توجيهات شي بالقضاء على الفيروس والحث على الاستقرار الاقتصادي في الوقت نفسه، أثبتت أنها مهمة مستحيلة.

معدلات عدوى عالية

ارتفع عدد حالات الإصابة بالمتحور “أوميكرون” في أنحاء بكين وجوانزو وشونجكين، بسبب قابليته العالية للانتقال. وعادت السلطات المحلية لعمليات الإغلاق والحجر الصحي الصارمة، ما قوّض آمال الجمهور للحصول على فترة راحة من الإجراءات الخانقة، التي أغلقت الشركات وخربت الاقتصاد.

وحسب تقرير “سي إن إن”، سارعت الحكومة إلى التفكيك السريع والشامل لنظام “صفر كوفيد”، بعد الاحتجاجات التي شهدتها الصين نتيجة الخسائر الاقتصادية والعبء المالي، وطبيعة الفيروس الذي لا يمكن وقف انتشاره.

الحكومة غير مستعدة

قال الزميل الأقدم بشؤون الصحة العالمية في مجلس العلاقات الخارجية بنيويورك، يانزونج هوانجن، إن “المظاهرات أظهرت مدى أهميتها الاجتماعية في إقناع القائد الأعلى بأن الوقت قد حان للتنازل عن هذه السياسات”.

لكن الحكومة الصينية، المهووسة بالسيطرة، على حد تعبير “سي إن إن”، أظهرت قلة استعدادها للتنازل التام عن سياسة “صفر كوفيد”، بعدما فشلت في تطعيم المسنين، وتعزيز قدرة العناية المركزة في المستشفيات، وتخزين الأدوية المضادة للفيروس.

 تحذيرات شديدة

نوه التقرير بأن خبراء خارج الصين حذروا من أن الشتاء المقبل سيكون قاتمًا، ويتوقع بعض الدراسات وفاة أكثر من مليون صيني من جراء الإصابة بفيروس “كوفيد-19″، لكن آلة دعاية الحزب الشيوعي تصور مسيرة الزعيم الصيني بأنها تنتقل من نصر إلى نصر جديد.

وقالت صحيفة “بيبلوز دايلي” الناطقة بلسان الحزب الشيوعي الصيني، إن مراجعة سياسة البلاد ضد “كوفيد–19” خلال السنوات الـ3 السابقة، تدل على أن أن سياسة الرئيس الصيني كانت صحيحة تمامًا.

إعادة كتابة التاريخ

تقدم الرواية الرسمية الزعيم الصيني شي جين بينج على أنه معصوم من الخطأ، لكن بصرف النظر عن محاولات الحزب لإعادة كتابة تاريخ السنوات الـ3 الماضية، وتوجيه الذاكرة الجماعية للصينيين، فإن الجمهور سيتذكر دائمًا التجربة المريرة التي عاشها بالبقاء في المنزل لأسابيع وأشهر، واليأس بشأن الوظائف.

وقال أستاذ العلوم السياسية بجامع شيكاجو، دالي يانج، إن “المجتمع الصيني مر بالكثير من الصعاب منذ عقود مضت، وسياسة صفر كوفيد التي اتبعتها الحكومة الصينية هي واحدة من تلك الصعاب”.

تضييع وقت

قال خبراء صحة لم تذكر “سي إن إن” أسماءهم، إن “أوميكرون” ظهر منذ ما يقرب من عام، ومنذ ذلك الوقت، أهدرت الحكومة الصينية الكثير من الموارد والوقت على الاختبارات الجماعية وبناء مرافق الحجر الصحي المؤقتة، بدلًا من تطعيم كبار السن أو تحسين قدرة وحدات العناية المركزة.

ومن جهة أخرى، لا يزال البعض يدعم سياسة “صفر كوفيد”، ويخشى التعايش مع الفيروس، وبدلًا من التساؤل عن سبب عدم اتخاذ الحكومة الاستعدادات الكافية قبل التخلي عن القيود فجأة، وقع اللوم على المتظاهرين الذين طالبوا بالاستغناء عن سياسة “صفر كوفيد”.

ربما يعجبك أيضا