بعد التهديد بحرب نووية.. هل تبتعد الصين عن روسيا؟

أحمد ليثي

بعد التصعيد الروسي في الحرب الأوكرانية وسلسلة من الهزائم العسكرية، لم تظهر في الصين بوادر لدعم روسيا في حربها.


التقى الرئيس الصيني، شي جين بينج، الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الأسبوع الماضي في أوزبكستان، على هامش اجتماعات قمة منظمة شنغهاي للتعاون.

وذكرت مراسلة شبكة سي إن إن الإخبارية في الصين، نكتار جان، في تقرير نُشر، يوم أمس الجمعة 23 سبتمبر 2022، أن الزعيم الصيني أعرب عن مخاوفه بشأن الحرب الروسية الأوكرانية في أوكرانيا خلال اجتماع مع الرئيس الروسي.

خطوة للوراء

بحسب تقرير سي إن إن، لم تروِّج الصين للشراكة الاستراتيجية التي تجمعها بروسيا “صداقة بلاد حدود” التي أعلنها الرئيس الصيني يوم افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين، وأقر الرئيس الروسي بوتين بأن بكين لديها أسئلة ومخاوف بشأن الحرب الروسية الأوكرانية، في إشارة لعدم التنسيق المتزايد في علاقتهما.

ولاحظ أستاذ العلاقات الدولية في جامعة رنمين الصينية، شي ين هونج، أن الرئيس الصيني لم يشر حتى إلى الشراكة الاستراتيجية بين بكين وموسكو، ووصف هونج تصرف شي هذا بأنه أبرز مؤشر على توتر العلاقة بين الصين وروسيا.

لماذا تحولت اللهجة؟

وفقًا للتقرير، لا يعد التحول في لهجة بكين مفاجئًا، نظرًا لسلسلة الهزائم الروسية المهينة في ساحة المعركة، والتي كشفت ضعف بوتين أمام أصدقائه وأعدائه على حد سواء، خاصة أن هذه النكسات تأتي في وقت سيئ بالنسبة إلى شي الذي لا تفصله سوى أسابيع عن ولاية ثالثة يسعى فيها لتثبيت نفسه.

وثقت الصين علاقاتها مع روسيا في عهد شي، الذي يواجه بالفعل مشكلات محلية نظرًا لتباطؤ النمو الاقتصادي، لكن من غير المعروف ما إذا كان بوتين قد ناقش تصعيده الأخير في أوكرانيا مع شي خلال محادثاتهما الأخيرة.

أمريكا تحث الصين على رفض الحرب

قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، جون كيربي، إن على الصين رفض الغزو الروسي، مشددًا لشبكة “سي إن إن” أن العالم كله يجب أن يصطف ضد ما يفعله بوتين، لأن هذا ليس الوقت المناسب لأي نوع من أعمال العدوان، وعليه يجب أن نرفض ما يفعله في أوكرانيا.

وأشار كيربي إلى أن الصينيين لم يتدخلوا في انتهاك العقوبات كما أنهم لم يدعموا السيد بوتين ماديًا، قائلًا إن الاجتماع كان أكثر أهمية بالنسبة للرئيس الروسي، الذي قال إنه يتعرض لضغوط شديدة للغاية في أوكرانيا وسط نكسات عسكرية، ومن ثم فمن المناسب أن يحاول بوتين التقرب من بكين.

الصين تبتعد

بحسب تقرير نُشر بموقع إذاعة أووربا الحرة، في 15 سبتمبر 2022، قال بعض المحللين السياسيين الصينيين، إن نكسات بوتين وتصعيد الحرب في أوكرانيا أتاحتا للصين فرصة للابتعاد عن روسيا، وهو تحول طفيف بدأ باجتماع شي مع بوتين.

من جهته، قال هونج: “ليس أمام الصين خيار آخر سوى الابتعاد إلى حد ما عن بوتين بسبب تصعيده للحرب، وتهديده المتجدد بالحرب النووية، والصين لا ترغب في تصعيد القتال في أوكرانيا، أو أن تكون الصين غير قادرة على إدارة العمل في ساحة المعركة”.

هل من خلاف؟

يشكك بعض المحللين السياسيين في وجود خلافات بين الحليفين، وقد قالت مديرة مركز دراسات روسيا وأوروبا في بروكسل، تيريزا فالون، لشبكة سي إن إن، إن اعتراف بوتين الصريح بمخاوف بكين لا يشير بالضرورة إلى خلاف بين الحليفين الدبلوماسيين، لكن يمكن أن يكون ذلك وسيلة للصين لكسب مساحة للمناورة الدبلوماسية.

وأضافت فالون: “كان انطباعي أن بكين تريد الابتعاد قليلاً عن روسيا، لكنني أعتقد أن الكثيرين فسروا ذلك بطريقة غير صحيحة، فالمصالح الاستراتيجية طويلة المدى للصين مع روسيا تقتضي وجود روسيا كحليف دائم للصين.

لا ثقة في أمريكا

وفقًا لتقرير سي إن إن، تحاول كل من الصين وروسيا موازنة علاقتهما مع الغرب، حيث يشترك الزعيمان الروسي والصيني في شك وعداء عميق تجاه الولايات المتحدة، التي يعتقدان أنها عازمة على كبح جماح الصين وروسيا، وأنهما يشتركان في الرؤية لفرض نظام عالمي جديد يلائم مصالح دولهما ويفتت هيمنة الغرب.

بعد أيام من الاجتماع بين شي وبوتين، أجرى سكرتير مجلس الأمن الروسي، نيكولاي باتروشيف، والدبلوماسي الصيني ووزير الخارجية السابق، يانج جيتشي، محادثات أمنية في مقاطعة فوجيان جنوب الصين، وتعهدا بتنفيذ التوافق الذي توصل إليه قادتهما، وتعميق تنسيقهما الاستراتيجي والمزيد من التعاون العسكري.

بكين لن تنتهك العقوبات

بحسب تقرير إذاعة أوروبا الحرة، تجنبت بكين إجراءات تنتهك العقوبات الغربية، مثل تقديم مساعدة عسكرية مباشرة لموسكو، لكنها قدمت شريان حياة للاقتصاد الروسي من خلال زيادة مشترياتها من الطاقة بأسعار منافسة، وقد ارتفعت واردات الصين من الفحم الروسي في أغسطس بنسبة 57% عن الفترة ذاتها من العام الماضي.

ويتطلع البلدان أيضًا إلى تعميق العلاقات الاقتصادية، فمن المتوقع أن تصل التجارة الثنائية إلى 200 مليار دولار في المستقبل القريب، وقال الزميل في مشروع الطاقة الصينية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، بريان هارت: “لا أعتقد أننا نرى انقسامًا كبيرًا بين روسيا والصين، لكن بكين تسير على خط رفيع جدًّا حتى لا ينقلب الغرب عليها”.

بكين على موقفها

بعد دعوة بوتين لجنود الاحتياط في الجيش للانضمام إلى الحرب في أوكرانيا، واصلت بكين السير على خط رفيع، مكررة موقفها الثابت للدعوة لحوار لحل النزاع، وعندما سئل المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية عن احتمال استخدام روسيا للأسلحة النووية في مؤتمر صحفي، تجنب السؤال.

وقال المتحدث وانج ون بين: “موقف الصين من الأزمة الأوكرانية ثابت وواضح، نحن ندعو الأطراف المعنية إلى وقف إطلاق النار واللجوء للحوار والمفاوضات، والتوصيل إلى حل يعالج المخاوف الأمنية المشروعة لجميع الأطراف في أسرع وقت ممكن”.

ربما يعجبك أيضا