بعد الحديث عن الفيدرالية .. قلق تركي من توحيد شطري قبرص

يوسف بنده

رؤية

انتقدت الخارجية التركية ما ورد في البيان الختامي الصادر عن قمة مصر وقبرص واليونان في جزيرة كريت، معربة عن “أسفها للتلميحات التي لا أساس لها من الصحة تجاه تركيا”.

وقال الناطق باسم خارجية تركيا حامي أقصوي: “بيان القمة تجاهل المظالم التي تعرض لها الأتراك في جمهورية قبرص التركية بين عامي 1963 و1974 من إدارة قبرص الرومية”.

وأضاف: “البيان الثلاثي ربط المسألة القبرصية بعملية السلام العسكرية التي نفذتها تركيا عام 1974، انطلاقًا من حقها كدولة ضامنة بموجب اتفاق عام 1960”.

وتابع: “سنواصل بكل حزم جهودنا لحماية مصالح وحقوق الشعب القبرصي التركي”.

وقال أقصوي: إن “من يتخذون خطوات تخالف مصالح وحقوق جمهورية شمال قبرص التركية وتركيا المشروعة في المنطقة، ويسعون لتجاهلنا، لن يصلوا أبدًا لمبتغاهم”.

جدير بالذكر، أنه تم تقسيم قبرص منذ عام 1974 عندما غزتها  القوات التركية، واحتلت 37% من أراضي الجزيرة.

فشلت الجولات المتكررة من محادثات السلام التي ترعاها الأمم المتحدة في إيجاد حل حتى الآن، كانت الجولة الأخيرة من المفاوضات في تموز/ يوليو 2017  في منتجع كران مونتانافي سويسرا.

ويعد كل من اليونان وتركيا والمملكة المتحدة هم القوى الثلاثة الضامنة، وفقاً لمعاهدة الضمان لعام 1960.

ويطالب الجانب القبرصي التركي ببقاء الضمانات الحالية حتى بعد التوصل إلى الحل المحتمل في الجزيرة، ويؤكد أن الوجود التركي (العسكري) في الجزيرة شرط لا غنى عنه للقبارصة الأتراك.

أما الجانب القبرصي اليوناني، فيطالب بإلغاء معاهدة الضمان والتحالف، وعدم استمرار الوجود التركي في الجزيرة عقب أي حل محتمل.

قمة مصرية-يونانية

وركزت قمة مصر واليونان، الأربعاء الماضي، بحضور الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، والرئيس القبرصي نيكوس أنستاسيادس، ورئيس وزراء اليونان أليكسيس تسيبراس على سبل تعزيز العلاقات على المستويات السياسية والاقتصادية كافة وتعزيز التنسيق بين مصر وقبرص واليونان في المحافل الدولية لصالح تحقيق الاستقرار والأمن في الشرق الأوسط والبحر المتوسط ومكافحة الإرهاب في المنطقة.

وفي تصريح عقب القمة، قال تسيبراس: إن بلاده اتفقت مع مصر حول تحديد حدود المناطق الاقتصادية الخالصة في البحر المتوسط بأقرب وقت.

ونجحت آلية التعاون الثلاثي بين مصر وقبرص واليونان في التوصل إلى اتفاق بترسيم الحدود البحرية بينهم؛ ما أتاح الفرصة لعدة اكتشافات لحقول الغاز الطبيعي في منطقة شرق البحر المتوسط.

وقد تم توقيع أربع مذكرات تفاهم خلال مراسم عُقدت بعد مؤتمر القمة، بشأن التعاون التقني بين إدارات الجمارك، والتعاون في مجالات التعليم وبشأن البيئة والاستدامة، وكذلك التعاون في مجال المشاريع الصغيرة والمتوسطة الحجم وريادة الأعمال، ومذكرة تفاهم بين الوكالة القبرصية للترويج للاستثمار والمنظمات المماثلة في مصر واليونان. كما وقعت مصر واليونان اتفاقاً ثنائياً متعلقاً بالتأمينات الاجتماعية.

كما اتفقت الدول الثلاث خلال القمة على إنشاء أمانة دائمة في قبرص تهدف إلى تنسيق أفضل للتعاون الثلاثي.

قبرص ترد

وقد صرح المتحدث الرسمي باسم الحكومة برودروموس برودرومو، بأن معاهدة الضمان التي أبرمت حول قبرص في عام 1960، قد عفا عليها الزمن ويجب استبدالها من خلال المفاوضات بإطار النقاط الست التي حددها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس خلال المؤتمر الأخير حول قبرص الذي عقد في كران مونتانا في سويسرا عام 2017.
 
وقد دعي برودرومو إلى التعليق على البيان الصادر عن وزارة الخارجية التركية، حول البيان المشترك الصادر عن قبرص واليونان ومصر، بعد القمة الثلاثية التي تمت في كريت في 10 أكتوبر/ تشرين الأول، أجاب أن أحد النقاط الست للأمين العام للأمم المتحدة بشأن قبرص يهدف إلى إنشاء نظام أمني حديث “يحترم سيادة بلدنا دون تدخل أو وصاية من أحد -من خلال نظام الضمانات- أو تدخل طرف آخر في شؤونه الداخلية أو تواجد قوات عسكرية، وذلك لتجنب سيطرة أطراف أخرى على قبرص، الأمر الذي يجعلها عرضة للتهديدات وعدم الاستقرار”.
 
وأضاف، إن رئيس الجمهورية نيكوس أناستاسياديس والجانب القبرصي اليوناني يسعون ويتطلعون إلى إجراء مفاوضات على هذا الأساس، ويضع في الاعتبار مصالح القبارصة الأتراك.
 
كما أكد برودرومو موقف الرئيس أنستاسياديس الواضح الذي تم الإعراب عنه في ختام القمة الثلاثية في كريت، بأن هذا التعاون ليس ضد أي شخص، مشيراً إلى أن جمهورية قبرص تقوم بتطوير علاقات تعاون مع جميع الدول المجاورة على أساس التبادل المشترك واحترام الشرعية الدولية.
 
وأشار إلى أن قرارات الأمم المتحدة التي تربط التسوية القبرصية بإنهاء الوجود غير القانوني للجيش التركي في قبرص – الذي يحتل جزءً كبيراً من أراضي جمهورية قبرص، هي جزء من هذه الشرعية الدولية.
 
كما أضاف أن هذه القرارات تستنكر العمل الانفصالي غير الشرعي الذي قامت به تركيا في عام 1983 -بإعلان انفصال الجزء الشمالي من  قبرص- مشيراً إلى أن أنقرة تصر منذ ذلك الحين على الإشارة إلى المناطق المحتلة من قبرص باعتبارها دولة منفصلة، وشدد على أنها ليست كذلك وأن أحداً من دول العالم لم يعترف بها. 
 
خطوة مضادة

وتسعى تركيا لتعطيل اتفاقيات الطاقة وترسيم الحدود التي وقعتها مصر مع اليونان وقبرص، بذريعة حمايتها لحقوق قبرص التركية (شمال).

وأمام اتفاقيات الغاز بين مصر وقبرصة اليونانية، تعتزم كلٌّ من جمهورية شمال قبرص التركية وشركة البترول التركية الحكومية إطلاق برنامج للتنقيب عن الغاز الطبيعي في المنطقة الجنوبية الغربية للجزيرة، وذلك وفقًا لما ذكره وزير الخارجية ونائب رئيس وزراء قبرص التركية قُدرت أوزرساي يوم الثلاثاء التاسع من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري.

وقال أوزرساي: إن فتح الإدارة القبرصية اليونانية مناقصاتٍ للتنقيب عن الغاز الطبيعي في الكتلة السابعة الواقعة في ما يُسمّى بالمنطقة الاقتصادية الخالصة هو أمر “غير قانوني”، واعتبرها محاولةً لانتهاك حقوق الإنسان، وبالتحديد حقوق القبارصة الأتراك.

وأضاف: “تركيا وقبرص التركية لا تسمحان للإدارة القبرصية اليونانية بمنح المنطقة للشركات الأجنبية. وبالتعاون مع شركة البترول التركية سنقوم بتنقيبنا الخاص ونحمي حقوقنا في الكتلة السابعة”.

وتوجد 12 كتلة لاستكشاف الغاز الطبيعي في جميع أنحاء جنوب الجزيرة القبرصية. ويُقدّر احتياطي حقل غاز أفرودايت الصغير نسبيًّا بـ127 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي. والكتلة السابعة هي واحدة من الكتل الموجودة في “المنطقة الاقتصادية الخالصة” المعلنة من طرف واحد من جانب الإدارة القبرصية اليونانية، والتي تريد الآن دعوة شركات الطاقة الأجنبية لاستكشاف الغاز الطبيعي في المنطقة.

عودة المحادثات

تعمل الأمم المتحدة على تنظيم لقاء بين الرئيس نيكوس أناستاسياديس وزعيم القبارصة الأتراك مصطفى أكينجي، بعد عودة الرئيس أنستاسياديس من بروكسل، حيث يشارك الأسبوع المقبل في قمة الاتحاد الأوروبي.

فقد أعلن زعيم إدارة الشطر الجنوبي لجزيرة قبرص نيكوس أناستاسياديس، الجمعة، أنه سيلتقي رئيس جمهورية شمال قبرص التركية مصطفى أقينجي، في النصف الثاني من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، دون ذكر يوم بعينه.

وأشار أناستاسياديس، إلى أن اللقاء سيعقد برعاية الأمم المتحدة وسيكون خاليا من جدول الأعمال.
 
وبعد أن استقبل الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ورئيس قوة الأمم المتحدة لحفظ السلام في قبرص إليزابيث سبيهار.
 
قال الرئيس القبرصي: “إن الرسالة التي نقلتها سبيهار هو أن اكينجي ينظر إلى اقتراحي بطريقة إيجابية وسيتم ترتيب اجتماع من خلال الأمم المتحدة في الأيام القادمة، بما يتفق  مع جدول أعمالي، حيث سأكون في بروكسل الأسبوع المقبل”. 
 
اهتمام مصري-يوناني

وخلال القمة المصرية-اليونانية-القبرصية، عبر رئيس وزراء اليونان تسيبراس عن دعم اليونان المستمر لتسوية عادلة وقابلة للاستمرار للمشكلة القبرصية، وأشار إلى أن مجال الطاقة هو أحد القضايا الهامة التي نوقشت في إيلوندا.

كما أشار إلى أهمية ترسيم حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة، مشيراً إلى أنه تم خلال اجتماعه الثنائي مع السيسي الاتفاق على إيجاد طريقة للتغلب على أي صعوبات فنية وللمضي قدماً بأسرع ما يمكن للتوصل إلى اتفاق حول هذه القضية.
 
من جانبه، أشار الرئيس السيسي إلى ضرورة استمرار مفاوضات حل المشكلة القبرصية، على أساس القانون الدولي.

وقال وزير الخارجية نيكوس خريستودوليديس، إنه يتوقع ويأمل أن يكون هناك قريباً تطورات تخلق ظروفاً إيجابية لاحتمال استئناف مفاوضات المشكلة القبرصية.
 
وأكد أنه لا يوجد خيار آخر سوى استئناف الحوار في إطار قرارات الأمم المتحدة وقيم ومبادئ الاتحاد الأوروبي، “بهدف قلب الوضع الحالي، والذي لا يشكل بأي حال من الأحوال تسوية للمشكلة القبرصية”.
 
كما أشار وزير الخارجية إلى أنه منذ عام 2013 عملت الحكومة على إبراز دور قبرص وأهميتها في المنطقة، وكذلك على المستوى الأوروبي والدولي.
 
وشدد على أن قبرص تشكل دعامة للاستقرار والأمن في منطقة جنوب شرق البحر الأبيض المتوسط​​، ولديها القدرة على تعزيز سياسات الاتحاد الأوروبي، والمساهمة في إيجاد حلول للمشاكل في المنطقة.
 
وقال خريستودوليديس: إن تركيا ستسعى لحل المشكلة القبرصية بمجرد أن تدرك أنها ستستفيد من التسوية أو أن استمرار الوضع الحالي سيكون باهظاً. وأشار إلى أن الحكومة كثفت جهودها على المستوى الدولي بهدف إرسال رسائل إلى الحكومة التركية.
 
وأشار إلى أنه بما أن الجانب القبرصي اليوناني يؤمن بوجوب استئناف الحوار، فقد أعرب الرئيس أنستاسياديس عن بعض الأفكار أمام المجلس الوطني، كطريقة للتفكير حول المضي قدماً بهدف قلب الوضع الراهن اللامقبول.
 
أضاف خريستودوليديس، إن الرئيس أناستاسيادس جاهز للقاء زعيم القبارصة الأتراك مصطفى أكينجي في أي وقت.
 
نحو الفيدرالية

وعندما سئل الرئيس القبرصي، عن مسألة الفيدرالية اللامركزية وإذا كان هذا الاقتراح يمكن أن يساعد في رفع الجمود، قال: إن ذلك يعتمد على ما إذا كان هناك حسن نية من الجانب الآخر.
 
وقال الرئيس أناستاسياديس أنه منذ أبريل  2010، عندما كان رئيساً لحزب التجمع الديمقراطي، قدم مذكرة مكتوبة إلى المجلس الوطني يقترح فيها إعطاء المزيد من الصلاحيات للولايتين المكونتين للدولة الفيدرالية من أجل جعل التسوية أكثر قابلية وعملية للتطبيق، للحفاظ على الصلاحيات اللازمة للحكومة المركزية التي تؤمن دولة ذات سيادة واحدة وجنسية واحدة وشخصية دولية واحدة وسلطات أخرى التي ينبغي أن تكون موجودة للحكومة المركزية كدولة عضو في الاتحاد الأوروبي.

ورداً على سؤال، كرر الرئيس موقف الجانب القبرصي اليوناني بضرورة إلغاء نظام الضمان لقبرص.
 
وفي معرض رده على المعلومات المتعلقة بقاعدة عسكرية أمريكية تعمل في قبرص والذي تم الكشف عنها في تقرير مؤخراً، أشار الرئيس إلى أنه حتى وزارة الخارجية الأمريكية أو الحكومة الأمريكية ليستا على علم بذلك.
 
وتساءل الرئيس عن السبب في انتقاد الحكومة القبرصية بشأن ذلك وأشار إلى “أننا نقدم تسهيلات للألمان والفرنسيين والإيطاليين والدانماركيين”.
 
في حديثه خلال مناسبة نظمتها رابطة أصحاب العمل والصناعيين، قال الرئيس أناستاسيادس أن التسوية في قبرص ستساعد على تحقيق المزيد من النمو والازدهار.
 
وشدد على دور التسوية في الاستقرار والسلام، مضيفاً أن التسوية يجب أن تكون قابلة للتطبيق وأن تكون فعالة.
 
وكرر الرئيس أناستاسياديس تصميمه على الدخول في حوار بنّاء وأعرب عن أمله في استئناف الحوار بنية حسنة بغية التوصل إلى تسوية.

ربما يعجبك أيضا