بعد الخروج من «اللائحة الرمادية».. كيف يواجه المغرب التحديات الاقتصادية؟

ولاء عدلان

توقع البنك الدولي في فبراير الماضي أن يحقق اقتصاد المغرب هذا العام نموًا بنحو 3.1% ارتفاعًا من 1.2% في 2021، مواصلًا التعافي.


تقدمت الحكومة المغربية هذا الشهر بطلب لصندوق النقد الدولي للحصول على خط ائتمان مرن لمدة عامين بقيمة 5 مليارات دولار.

يأتي هذا في أعقاب خروج المغرب من لائحة مجموعة العمل المالي (فاتف) الرمادية المعنية بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ما يعزز موقفه التفاوضي مع مؤسسات التمويل الدولية، ويزيد ثقة رؤوس الأموال الأجنبية بالاقتصاد المغربي.

إشادة من صندوق النقد

قال صندوق النقد في تقرير بتاريخ 6 مارس الحالي إن مجلسه التنفيذي ناقش، في جلسة غير رسمية، طلبًا للسلطات المغربية بالدخول مع الصندوق في اتفاق لمدة عامين، للاستفادة من خط ائتمان مرن دون شروط لاحقة بقيمة 5 مليارات دولار، كأداة وقائية ضد الصدمات الخارجية.

وأوضح الصندوق أن المغرب يتمتع بأطر سياسات قوية وأداء اقتصادي جيد، وأنه على استعداد لدعمه في مواجهة مخاطر البيئة العالمية التي تتسم بدرجة عالية من عدم اليقين، مشيرًا إلى أن مديرة الصندوق كريستالينا غورغيفا، تعتزم التوصية بالموافقة على اتفاق خط الائتمان المرن مع المغرب خلال الأسابيع المقبلة.

ومثّل حضور المغرب ضمن اللائحة الرمادية لمجموعة العمل المالي منذ فبراير 2021، عقبة أمام استفادته من آلية الخط الائتماني الخاصة بصندوق النقد، والتي تقدم الأموال دون شروط لاحقة.

المغرب يكسب ثقة المؤسسات الدولية

أشادت مجموعة العمل المالي في 24 فبراير الماضي، بجهود الحكومة المغربية لتحسين أنظمة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، واعتبرت وكالة موديز للتصنيف الائتماني هذه الإشادة شهادة إيجابية بحق النظام المصرفي المغربي، تعزز ثقة الخارج بالنظام المالي للدولة.

وأوضحت موديز في مذكرة، أن خروج المغرب من اللائحة الرمادية لغسل الأموال وتمويل الإرهاب، سيسهل علاقات البنوك المغربية مع البنوك الدولية، وسيدعم تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية باتجاه السوق المغربية.

وقال رئيس الحكومة المغربية عزيز أخوش، في بيان: “خروج بلادنا من اللائحة الرمادية سيؤثر إيجابيًّا في التصنيفات السيادية، وفي صورة المغرب ومكانته في المفاوضات مع المؤسسات المالية الدولية، فضلًا عن تعزيز ثقة المستثمرين الأجانب”.

المغرب يعود إلى سوق السندات

للبناء على خروجه من اللائحة الرمادية وتسريع عودته إلى أسواق الدين العالمية، أعلن المغرب في 2 مارس الحالي بيع سندات دولية بقيمة 2.5 مليار دولار، في إصدار هو الأول من نوعه منذ 2020، وشهد إقبالًا واسعًا قفز بحجم الطلبات إلى 11 مليار دولار، محققًا تغطية قياسية للإصدار.

وقالت وزيرة الاقتصاد والمالية المغربية نادية فتاح العلوي، إن نجاح هذا الإصدار في ظل أوضاع متقلبة للأسواق المالية العالمية، يعكس ثقة المستثمرين بصمود الاقتصاد المغربي وصلابة أوضاع المالية العمومية للبلاد، مضيفة أن هذا الإصدار يندرج ضمن استراتيجية تنويع مصادر تمويل الميزانية العامة للدولة.

المغرب يعزز الجهد الاستثماري

تستهدف ميزانية المغرب للعام 2023 نموًّا اقتصاديًّا بحدود 4%، وحصر العجز عند مستويات 4.5% من الناتج المحلي الإجمالي، مع زيادة الإنفاق على جهود الاستثمارات العامة إلى حدود 300 مليار درهم (29 مليار دولار)، وهو أعلى مستوى على الإطلاق لهذا البند.

وقال الوزير المغربي المنتدب لدى وزارة الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية فوزي لقجع، خلال جلسة حكومية الأربعاء الماضي، إن أموال الخط الائتماني المرن الذي يقدمه صندوق النقد، ستذهب لتعزيز الاستثمارات العامة.

وأضاف لقجع أن هذه الأموال ستكون بشروط مرنة لا تتعدى 2% من معدل التكلفة، موضحًا أن المالية العامة للدولة في وضع جيد يسمح بالحفاظ على السيادة المالية.

المغرب وجهة جاذبة للاستثمارات الأجنبية

تضاعف صافي تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى المغرب، خلال الفترة من يناير 2022 إلى يناير 2023 بأكثر من 3 مرات، ليقفز من 637 مليون درهم (61.7 مليون دولار) إلى 2.21 مليار درهم (213.9 مليون دولار)، وفق بيانات مكتب الصرف التابع لوزارة الاقتصاد المغربية.

ويحتل المغرب المركز الثالث عالميًّا بين الدول الأكثر جذبًا للاستثمارات الأجنبية، وفق تقرير الاستثمار الأجنبي المباشر لعام 2023 الصادر عن وحدة “إف دي آي إنتليجنس” التابعة لصحيفة فايننشال تايمز. وتوقع التقرير أن يشهد المغرب زخمًا استثماريًّا خلال 2023، مدعوما بمؤشرات قوية للاقتصاد الكلي.

مغربب

المغرب ضمن الدول الأكثر جذبًا للاستثمارات الأجنبية

أهم القطاعات الجاذبة للاستثمارات

أشار تقرير “فايننشال تايمز” إلى أن العديد من المستثمرين الأجانب يتطلع إلى ضخ المزيد من الاستثمارات في قطاعات الطاقة المتجددة في المغرب، خاصة قطاعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والهيدروجين الأخضر.

واستشهد التقرير بشركة توتال إرين، التابعة لعملاقة الطاقة الفرنسية “توتال”، التي خصصت العام الماضي أكثر من 10 مليارات دولار لمشروع لإنتاج الهيدروجين والأمونيا الخضراء، في منطقة كلميم واد نون المغربية.

وأضاف التقرير أن القطاع الصناعي في المغرب أيضًا لا يزال الأكبر في استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، بين نظرائه في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

آفاق إيجابية رغم الصدمات

توقع تقرير لمجموعة البنك الدولي في فبراير الماضي، أن يحقق الاقتصاد المغربي هذا العام نموًّا بنحو 3.1% ارتفاعًا من 1.2% في 2021، مواصلًا التعافي لاسترداد معدل 7.9% المسجل في 2021.

وأشار التقرير إلى استمرار بعض الضغوط الخارجية التي تعرض لها اقتصاد المغرب في 2022، أهمها تداعيات حرب أوكرانيا، والصدمات المناخية التي تؤثر سلبًا في قطاع الزراعة الذي يمثل 13% من الناتج المحلي، وتباطؤ النمو لدى الشركاء التجاريين الرئيسين للمغرب، وتحديدًا الاتحاد الأوروبي الذي يستحوذ على 60% من تجارة المغرب الخارجية.

ولكن البنك أشاد بجهود الحكومة المغربية لمواجهة صدمات الإمداد، والحفاظ على القوة الشرائية للأسر خلال 2022، متوقعًا مواصلة هذه الجهود على نحو أكثر فاعلية في 2023، ما يتفق مع تقرير سابق لصندوق النقد توقع نموًّا للاقتصاد المغربي بحدود 3% هذا العام، مع تراجع معدل التضخم إلى 4.1% بعد أن بلغ ذروته عند 8.3% بنهاية 2022.

ربما يعجبك أيضا