بعد «الخط الصفري».. هل ينجح العراق بوقف الهجمات الإيرانية التركية على أراضيه؟

إسراء عبدالمطلب
العراق يتمسك بالخط الصفري مع إيران

شهدت الحدود العراقية الإيرانية التركية توترات شديدة، في الأسابيع الماضية، دفعت بغداد لنشر قواتها والتمسك بالخط الصفري من أجل سلامتها وسلامة الجوار.. فكيف جاء الرد؟


أعلن العراق بدء عملية عسكرية لضبط حدوده، خصوصًا الشمالية، التي شهدت عدة هجمات جويًّة إيرانية وتركية، على مدار الأسابيع الماضية.

واعتبر خبراء استراتيجيون القرار العراقي مهم في سياق تعزيز سيادة البلاد، التي ساهمت الأزمات السياسية المتلاحقة في تهديدها، مقرين في الوقت ذاته أنه جاء متأخرًا بسبب ما وصفوه بالضغوط الداخلية.

قوات الحدود العراقية

أعلن المتحدث باسم القوات المسلحة العراقية، يحيى رسول، أمس الأحد 4 ديسمبر 2022، بدء قيادة قوات الحدود تنفيذ إجراءات ضبط الحدود مع كل من إيران وتركيا، تنفيذًا لأوامر أصدرها رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني.

وأضاف رسول، خلال مؤتمر صحفي، أن السوداني أصدر أمرًا بتعزيز قيادة الحدود بالأسلحة والمعدات والأفراد، بما يضمن تأمين الحدود، وكذلك المخافر الحدودية، مشددًا على سعي بغداد إلى توطيد علاقاتها الطيبة مع دول الجوار، بما يخدم مصلحة العراق وجواره، وفقًا لما نقلكته وكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع).

العراق تتمسك بالخط الصفري مع إيران

العراق يتمسك بالخط الصفري مع إيران

الخط الصفري

وأضاف رسول أن القوات العراقية أمسكت الخط الصفري للحدود مع تركيا وإيران، مشددًا على رفض بلاده أن تكون منطلقًا لتهديد دول الجوار، وأن هدف الجيش هو الحفاظ على أمن العراق وسيادته، ونوّه في الوقت ذاته بوجود “تعاون مثمر” مع البيشمركة الكردية، وأن قوات اتحادية تعمل بمهنية ستتولى حماية الحدود.

ورحبت إيران بقرار العراق نشر قواته على الحدود المشتركة، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية، ناصر كنعاني، يوم الاثنين: “نأمل أن يتم ذلك ونرحب به، وإذا كانت الحكومة العراقية بحاجة إلى مساعدة فنية في هذا الصدد، فنحن على استعداد لتقدیم المساعدة لها”، وفق تصريح نكلته وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية “ارنا“.

توترات على الحدود التركية والإيرانية

أعلن العراق، يوم الثلاثاء الماضي، تغييرات في المناصب العليا بوزارة الداخلية، بينها قائد حرس الحدود، وكلّف الوزير عبدالأمير الشمري، اللواء محمد سكر بالمنصب بدلاً من الفريق حامد الحسيني، حسب نا أوردته وكالة الأنباء العراقية.

وجاءت هذه التغيرات، بعد توترات سادت الحدود العراقية الإيرانية من جهة كردستان، على خلفية هجمات نفذتها طهران ضد مواقع كردية داخل الأراضي العراقية، الأمر الذي رأته بغداد والمجتمع الدولي خرقًا لسيادة البلاد وتهديدًا لاستقرارها.

هجمات إيرانية على شمال العراق

إيران شنت ضربات صاروخية قالت إنها تستهدف مجموعات من المعارضة الكردية الإيرانية، المتمركزة في كردستان العراق، وتزامنت تلك الضربات مع هجمات تركية مماثلة، طالت مواقع كردية أيَا في شمال سوريا والعراق على السواء.

وتكررت الضربات الإيرانية على شمال العراق، منذ منتصف سبتمبر الماضي، مع تواصل الاحتجاجات الشعبية في طهران، على خلفية مقتل الشابة الكردية البالغة 22 عامًا، مهسا أميني، بعد توقيفها لدى شرطة الأخلاق، وفي 14 نوفمبر الماضي، خلّف قصف صاروخي إيراني وهجمات بطائرات بلا طيّار، قتيلًا و8 جرحى في إقليم كردستان.

أمن العراق وإيران وحدة متكاملة

بالتزامن مع التغيرات القيادية بوزارة الداخلية العراقية، زار رئيس وزراء، محمد شياع السوداني، العاصمة الإيرانية طهران، يوم الثلاثاء، وصرح بأن أمن العراق وإيران وحدة متكاملة لا تتجزأ، وهي جزء من أمن المنطقة، مشددا على التزام حكومته بعدم السماح لأي أطراف باستخدام الأراضي العراقية للإخلال بأمن إيران أو أي من دول الجوار.

وقال السوداني، في مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، إن العراق “لن يكون محطة أو نقطة انطلاق للإضرار بدول الجوار. نعتمد مبدأ الاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد، أو السماح بأن يكون العراق مصدر قلق أو ضرر لدول الجوار”، وفقًا لما نقلته قناة “الشرق“.

العراق تتمسك بالخط الصفري مع إيران

العراق يتمسك بالخط الصفري مع إيران

حدود بلا قوات

وصف رئيس مركز “الأمصار” للدراسات الاستراتيجية، الدكتور رائد العزاوي، في تصريح لشبكة رؤية الإخبارية، قرار حكومة السوداني بنشر قوات الجيش على الحدود بالقرار الجيد، موضحًا أن هذه المنطقة بلا وجود من الجيش العراقي أو الحكومة المركزية تقريبًا منذ عام 1990، وسيطرت عليها قوات البيشمركة الكردية، والقليل من حرس الحدود.

وأضاف أن هذا القرار مهم جدًا، خصوصًا في هذا التوقيت، مشددًا على أن العراق لن يقبل بأن يكون منطلقًا لأي تهديدات لجيرانه، وفي الوقت نفسه لن يقبل بأي تدخل خارجي أو استهداف لسيادته وأمنه، وبالتالي رأة أن القرار له أبعاد أخرى، في ظل الرغبة في وجود قوات عراقية لردع أي اعتداء على البلاد.

زيارة غير مجدية

الخبر الاستراتيجي أقر بأن القرار جاء متأخرًا بسبب ضغوطات كردية، لكنه تمسك بأهميته في هذا التوقيت، مشيرًا إلى أن زيارة رئيس الوزراء العراقي لإيران مهمة، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أن الإيرانيين اتخذوا قرارهم بشأن استهداف الكرد، على خلفية اتهامهم التحريض على التظاهرات الشعبية في طهران.

وأوضح أن الزيارة مهمة لأنها ربما استطاعت أن توقف حدة الهجمات على الأراضي العراقية، ولكن النظام الإيراني حتى الآن لا يتعامل مع الملف الأمني في العراق بجدية حقيقية، على حد وصفه، ما اعتبره أمرًا مزعجًا لأي قيادة عراقية، واتهم الخبير الاستراتيجي إيران بعد احترام سيادة العراق، مرجحًا ألا تؤثر الزيارة كثيرًا في السياسة الإيرانية تجاه بغداد.

ربما يعجبك أيضا